منى فيّاض
استاذة جامعيّة
النهار
03082017
من المدهش أن مشكلة اللجوء السوري صارت تناقش وتعالج كمرض وراثي مزمن، (كالربو أو السكري) أو كعاهة جينية (“متلازمة داون” مثلاً)، علينا التسليم بها كالقضاء والقدر، إذ لا فائدة ترجى من البحث عن جذورها أو عن العوامل التي أحدثتها لمعالجتها وإيجاد الحل المناسب. مثلما نفعل تجاه سرطان الرئة بأن نكف عن التدخين مثلاً!! كذلك من البديهي للمعالجة الجدية للتهجير العمل على عودة النازحين الى أرضهم أو منع تهجيرهم وايقافه على الأقل.
هذا الحل ظل ممنوعاً لسنوات قبل ان يبدأ البحث الخجول والمتعثر به أخيراً؛ وفقط لأن المشكلة وصلت الأعتاب الأوروبية وفجرت ما فجّرته من مشكلات.
لذا ليس لديهم سوى مطالبة الدول المضيفة بإيجاد الحلول الموضعية، ويرمون لها فتات المساعدات.
إنه “مرضنا” وعلينا الحد من أضراره فقط لدرء الآثار الجانبية عنهم. يذكرنا هذا بطرق العلاج التقليدية الحديثة التي تعرضت للنقد من الاتجاهات الطبية التي تقترح أخذ منظومة العوامل التي أدت الى المرض بعين الاعتبار لمعالجتها مقابل الادوية والمسكنات دارجة الاستعمال، والتي لا تحل المشكلة بل تحافظ عليها.
لذا من النادر أن توجه أصابع الاتهام للنظام ولمن استجلبهم – سواء أكانوا دولاً ذات قابلية استعمارية أم مجموعات ارهابية أم افراداً مرتزقة في التسبب بمشكلة التهجير. ولئن صدقنا أن ما يجري هو محاربة الارهاب التكفيري حصراً، علينا ان نصدق ان التهجير تحصيل حاصل مقبول ونقطة على السطر.
البديهية الثانية التي تدهشني، هي استسهال توجيه أصابع الاتهام للبنان ونظامه وسكانه وعنصريتهم كلما أشير الى المهجرين السوريين قبل التمعن بمعنى التوترات وبحجم المشكلة التي لم يعان من حجمها أي بلد من قبل في العالم.
هذا لا ينفي بالطبع وجود نفس عنصري عند البعض، بحيث نشعر بالامتنان للبنانيين – وغير اللبنانيين- الذين يرفعون الصوت تجاه التصرفات غير اللائقة والتعميمية التي تصدر عن البعض وهم غالباً ما يكونون في مركز المسؤولية للأسف!!
ولكن هناك أيضاً وجه مغفل، فالتمييز والتنميط والتحيز، سلوك معتاد بين البشر عموماً. فنجد تنميطات بين اللبنانيين انفسهم وتجاه الآخر غير اللبناني. ولكنها تمايزات تعرفها وتقع فيها مختلف المجتمعات والثقافات وليست من صفاتنا الحصرية.
كانت تتم في مرحلة ما مقارنة الوضع “السيئ” في لبنان – وصل للتجريح والتشهير- مع تجربة كل من تركيا والاردن. لا اريد الدخول في تفاصيل المقارنات واي بلد تعرض فيه اللاجئ السوري للمضايقات اكثر، لأنه لا مجال للمقارنة؛ فتركيا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 80 مليون نسمة ويتمتع باقتصاد قوي لا يشكل استقبال مليونين ونصف المليون لاجىء مشكلة يمكن مقارنتها من قريب أو بعيد مع الوضع اللبناني، بلد الحريات الفائضة المتفلتة!
اما الاردن ومع خصوصيات نظامه وقدراته الامنية والاستخبارية، نجده يشكو من اللجوء ولديه مشكلاته مع ان نسبة اللاجئين لديه أقل بنسبة كبيرة.
ان لبنان ومنذ العام 2015 هو رسمياً اكبر مضيف للاجئين بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فتقرير الاتجاهات العالمية السنوي بعنوان: “العالم في حرب”، كشف أنّ عدد الأشخاص النازحين جرّاء الحرب والاضطهاد قد بلغ مستوى مرتفعًا جديدًا، إذ إنّ واحدًا من أصل 122 شخصًا في العالم هو شخص لاجئ، أو نازح داخلياً، أو طالب لجوء. ونحن نتحدّث هنا عن ستين مليون شخص تقريبًا نزح قسرًا مقارنة بـ 51.2 مليون في العام 2013. وعلى الرغم من أنّ معدّل اللاجئين لكل ألف شخص أمر مقلق، لا يزال لبنان في الصدارة مع 232 لاجئاً لكل ألف مواطن، يليه الأردن مع 87 لاجئًا لكل ألف مواطن”.
تصوروا ان الامر مقلق اذا بلغت نسبة النزوح 122 لكل الف شخص على مستوى العالم، فما بالك ولبنان تبلغ النسبة فيه 232 أي ما يقارب ضعف هذا الرقم؟ ومع بقية النازحين يكون مقابل كل لبنانيين هناك نازح سوري او عراقي او فلسطيني!!!
فكيف ينعكس ذلك على لبنان واللبنانيين؟
من الملاحظ أن توجهين غالبان في الندوات والورش والمؤتمرات التي تعقد لمعالجة مشكلة النزوح السوري. توجهين يتنازعان الوضع الداخلي اللبناني، أحدهما عنصري يحمّل النزوح مجمل المشكلات التي يعانيها لبنان، من عجز وتدهور على مستوى البنية التحتية والخدمات من ماء وكهرباء وأزمة سير وبطالة وغيرها؛ مقابل الموقف الآخر المغالط له الذي يرى ان فوائد النزوح السوري تفوق كلفته على البنية التحتية والاقتصاد والاجتماع.
ولقد عكست الصحف حجم الاستقطاب الحاد بين الاتجاهين تجاه النزوح.
“قراءة واقع اللاجئين ليست تحريضاً”، هذا ما يجب ان نضعه نصب أعيننا على ما كتب غسان حجار منذ أكثر عام، عندما نفترض حسن النية.
لم يسبق ان عرف التاريخ الحديث هذا الحجم من تدفق اللاجئين على المستوى العالمي، ولقد عبّر عن حجم هذه المشكلة مقال نشر في صحيفة “الخليج” الاماراتية منذ عامين بعنوان لافت: “لو جمعناهم لشكلوا دولة” ودولة ذات حجم كبير. والاعداد بازدياد مطّرد. هذا إضافة الى ما أشارت صحيفة “النيويورك تايمز” في تلك الفترة عن “عجز أوروبي في مواجهة مأساة المهاجرين”.
لقد تفاقمت مشكلة النزوح السوري في العام 2016 وانعكست على المجتمع اللبناني ومن يستضيفهم، فعكست الصحف هذا الامر بوضوح مثل عنوان المقالة التالي:”العمالة السورية تغزو لبنان رغم التشّدد في اجراءات العمل” لـ “النهار”: أصحاب عمل يزوّرون مهن عمّالهم”.. أو عنوان آخر “موجة جديدة من الكراهية بحق اللاجئين السوريين بعد تفجيرات بلدة القاع اللبنانية”. أو عنوان: “القنبلة الموقوتة”: 250 ألف طفل سوري في لبنان خارج المدارس”.
بعض العناوين أثار الكثير من اللغط ومنها عنوان “النهار”:”زيادة تدهور نوعيّة الهواء بعد اللجوء السوري والتكلفة 151 مليون دولار سنوياً منذ 2011″.
وسمح هذا العنوان بالتصعيد وجعل المشكلة كما فهمها البعض:”عصبيّتان لبنانية وسورية في تصاعد… هل يُتدارك الأمر قبل الانفجار”؟!
ما يعكس حجم القلق الناتج من الانعكاسات في المستقبل ما عبر عنه طوني عيسى في صحيفة “الجمهورية”، “النازحون يُغيِّرون لبنان ديموغرافياً: أيّ عواقب؟”، او ما أشار اليه نبيل بو منصف: “أهل الدار” من يدمجهم؟
لذا عندما نتحدث عن النزوح علينا التفكير بهذه الاوضاع والارقام لما لها من انعكاسات على مجمل الاجتماع اللبناني كما سنبيّن لاحقاً.
إن معاينة المسألة بشكل محايد او مراقب سوف تظهر نظرة مختلفة للمسألة لا تقلل من مشكلة النزوح وتظهر ضرورة معالجتها بكل جدية ومسؤولية.
* ترقبوا الجزء الثاني يوم الأربعاء المقبل، ويتناول “الازدحام والكثافة السكانية والسترس كعوامل مسببة للسلوك غير المتكيّف ولتدهور البيئة الاجتماعية”
66 تعليق
تعقيبات: 3immorality
تعقيبات: average dissertation length
تعقيبات: phd dissertation peer reviewing help
تعقيبات: dissertation proposal writing help
تعقيبات: creative writing course in mumbai
تعقيبات: writing a dissertation methodology
تعقيبات: writing a dissertation methodology
تعقيبات: help with my dissertation
تعقيبات: dissertation writing process
تعقيبات: dissertation writing and editing
تعقيبات: help with dissertation writing
تعقيبات: help dissertation thesis advice
تعقيبات: dissertation help glasgow
تعقيبات: online casino win real money
تعقيبات: tropicana online casino
تعقيبات: mgm nj online casino
تعقيبات: online casino no deposit bonus codes 2020
تعقيبات: four winds casino online
تعقيبات: online casino minimum deposit
تعقيبات: lotus casino online
تعقيبات: caesar casino online nj
تعقيبات: top online casino
تعقيبات: vpn online free
تعقيبات: business vpn small
تعقيبات: free new zealand vpn
تعقيبات: hotspot free vpn
تعقيبات: best vpn for firestick 2022
تعقيبات: using vpn to buy crypto
تعقيبات: gay dating in jackson tn
تعقيبات: singles matching
تعقيبات: lesbian cowgirls
تعقيبات: personal ads dating
تعقيبات: meet singles free
تعقيبات: dating near me free
تعقيبات: dating sitss
تعقيبات: jack online casino
تعقيبات: michigan online casino
تعقيبات: online casino free
تعقيبات: gay chat city
تعقيبات: indiana gay chat
تعقيبات: gay college chat rooms no cam needed
تعقيبات: gay chat app for android
تعقيبات: live gay chat room
تعقيبات: gay men chat roon 91764
تعقيبات: gay chat pittsburgh
تعقيبات: gay video cam chat
تعقيبات: free chat for gay curius people
تعقيبات: pay someone to write paper
تعقيبات: do my papers
تعقيبات: how to write my paper
تعقيبات: pay people to write papers
تعقيبات: writing services for college papers
تعقيبات: where can i find someone to write my paper
تعقيبات: buy academic papers
تعقيبات: pay to write a paper
تعقيبات: buy a college paper
تعقيبات: 1grieving
تعقيبات: data analysis coursework
تعقيبات: coursework papers
تعقيبات: coursework papers
تعقيبات: coursework questions
تعقيبات: best single sites
تعقيبات: popular dating sites
تعقيبات: plenty of fish
تعقيبات: dating site sign up
تعقيبات: free online dating service