اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / استشعروا أزمة سياسيّة في لبنان قبل الاقتصاديّة فنشبتا معاً

استشعروا أزمة سياسيّة في لبنان قبل الاقتصاديّة فنشبتا معاً

في الأيّام الأولى من شهر حزيران الماضي اعتقد باحثون عاملون في مركز بحوث أميركي جدّي وذي قدرة على الوصول إلى المصادر المُهمّة للمعلومات أنّ الأطراف السياسيّين اللبنانيّين الذين حقّقوا مكاسب ونجاحات في الانتخابات النيابيّة الأخيرة عام 2018، وهم “تيّار المستقبل” السُنّي بزعامة الحريري و”التيّار الوطني الحر” الذي يقوده الوزير جبران باسيل ورئيس الجمهوريّة ميشال عون جزء منه و”القوّات اللبنانيّة” المسيحيّة والبلوك الشيعي بقيادة “حزب الله” و”حركة أمل”، اعتقدوا أنّ هؤلاء الأطراف اتّفقوا ورغم خلافاتهم الكثيرة على أمر واحد، وهو أنّ الاقتصاد اللبناني صار عصيّاً على الصمود وعلى استعادة العافية والقوّة. ذلك أنّ السياسيّين اللبنانيّين يعرفون أنّ مع دَيْن نسبته 152 في المئة من الناتج المحلّي العام، ومع قطاع مصرفي مليء بالمودعين الجاهزين لسحب ودائعهم من المصارف وتحويلها إلى الخارج وربّما إخفائها في المنازل أو في باطن الأرض وفي أماكن أخرى، يعرفون أنّ الإصلاح والتقشُّف صارا ضرورة ضمنيّة لا يمكن اجتنابها، إذا قرّر لبنان المحافظة على ميزانيّته العامّة واقتصاده المتنوّع والواسع. وباستثناء ذلك لا يبدو أنّ الأطراف المذكورين أعلاه متّفقون على كثير من الأمور والقضايا الأخرى. فلبنان يفتقر إلى عقد وطني اجتماعي موحّد. وبدلاً منه كل طائفة وكل مذهب وكل حزب سياسي يختطف أو بالأحرى يسلب من الدولة المركزيّة الضعيفة لإرضاء مؤيّديه. ومطالبة أي فريق من هؤلاء بالموافقة على التقشُّف تُواجه بالرفض بحجّة أن ذلك يزعزع العمود الذي ترتكز إليه سلطته أو يُطيحه، الأمر الذي يجعل الإصلاحات إذا اتُّفق عليها بطيئة وعلى الأرجح غير محتمل تطبيقها وربّما التوصّل إليها أساساً. و”تحت السطح اللبناني” إذا جاز التعبير على هذا النحو، يقول الباحثون أنفسهم لا تزال جروح كثيرة مفتوحة أو بالأحرى غير مكتملة الشفاء جرّاء حرب 1975 – 1990. وذكريات كهذه تُديم أو ربّما تؤبِّد الارتياب المتبادل بين الأطراف اللبنانيّين والمجتمعات الطائفيّة – المذهبيّة وسوء الظنّ وقلّة الثقة. كما أنّها تجعل كلّاً من هؤلاء حذراً في دفع أي خطّ مطلبي بعيداً سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الإصلاح، وذلك خوفاً من نشوب العنف، وخصوصاً في ظلّ وجود “حزب الله” اللبناني بكامل قوّته. فهو لا يزال جيّد التسليح وربّما متفوّقاً فيه على غيره في البلاد حزباً كان أو طائفة أو مذهباً أو مؤسّسة رسميّة. فضلاً عن أن “عوده صلُب” كثيراً بعد حرب تموز 2006 مع إسرائيل، وبعد اصطدامه أو اشتباكه مع منافسيه في بيروت عام 2007 و2008، واشتراكه كقوّة عسكريّة كبرى في الحرب الأهليّة السوريّة بعد “ربيع سوريا” عام 2011. طبعاً لا يلغي ذلك احتمال الإصلاح. فالسياسيّون اللبنانيّون سيقومون على الأقل بالكلام عنه والدعوة إليه من أجل شراء الوقت. ورغم ذلك فإنّ حساباتهم الضمنيّة ستكون أن في إمكانهم المجازفة بحصول أزمة اقتصاديّة فوق أزمة سياسيّة ناشبة أيضاً أو إلى جانبها. والدافع إليها هو توقّع مبادرة القوى الخارجيّة من فرنسا إلى الولايات المتّحدة ودول الخليج إلى التوسُّط والتدخُّل لدعم الماليّة اللبنانيّة غير الثابتة. لكن هذا النوع من الآمال قد يسقط ضحيّة تصاعد المواجهة الأميركيّة – الإيرانيّة، وضحيّة نزاع مُحتمل بين إسرائيل و”حزب الله”، وكذلك ضحيّة تزايد تعب المانحين ولا سيّما الذين منهم كانوا دائماً كفلاء لبيروت أو للبنان.

في نهاية هذا الشرح كلّه توصّل الباحثون الأميركيّون الجديّون أنفسهم إلى خلاصات ثلاث، هي الآتية:

1- نتيجة لعدم استمرار الإعانات والمساعدات الخارجيّة، وللبطالة في أوساط الشباب، وللتدفُّق الهائل للنازحين واللاجئين، ولتأثيرات الحرب الأهليّة السوريّة و”الشروط” المرافقة للمساعدة الخارجيّة، نتيجة ذلك كلِّه يمكن أن يُواجه لبنان أزمة اقتصاديّة مُهمّة جدّاً إذا لم يُطبِّق إجراءات تقشّفيّة.

2- وبما أنّ لا وجود لقائد قويّ كفاية لفرض التقشُّف فإنّ الأطراف في لبنان قد يخاطرون بالوقوع في أزمة اقتصاديّة لا سياسيّة. ويعني ذلك أنّهم سينتظرون مساعدات خارجيّة حرجة من قوى خارجيّة تتمنّى منع حرب أهليّة جديدة في لبنان.

3- حساب كهذا يعتمد في أي حال على استقرار إقليمي مستمر. ويعني ذلك أن نزاعاً – صراعاً أعمق بين الولايات التحدة وإيران يمكن أن تكون له تأثيرات عميقة وقاسية ومؤذية على الاقتصاد اللبناني.

هل صحّ الاستشراف أو التحليل أو التوقُّع الذي أعطاه الباحثون الأميركيّون أنفسهم العاملون في مركز جدّي له وصول إلى مصادر المعلومات؟

أظهر هؤلاء أوّلاً معرفة جيّدة بلبنان السياسي وانقساماته، وبلبنان الاقتصادي المُترنِّح، وبدور قوى الخارج الصديقة له والمساعدة في وقت الضيق. لكنّهم توقّعوا احتمال حصول أزمة اقتصاديّة فيه قبل نحو ستّة أشهر، واستبعدوا حصول أزمة سياسيّة رغم معرفتهم الانقسامات الطائفيّة – المذهبيّة. والذي حصل هو أنّ الأزمتان وقعتا في وقت واحد. فالطوائف والمذاهب في لبنان تحرّكت وطنيّاً في 17 تشرين الأول الماضي وتحت علم لبنان وحده، وهي لا تزال حتّى الآن في الشوارع تتظاهر وتتحاور مجموعاتها من أجل التوصُّل إلى تثبيت المشتركات الكثيرة بينها، وتقوم بتحرّكات مواجهة لكلّ تحرّك رسمي نيابي أو حكومي أو رئاسي وتصرّ على مطالبها السياسيّة والاقتصاديّة. وقد أربك ذلك “الطبقات السياسيّة” كلّها، وفضحها علانية أمام اللبنانيّين كما أمام العالم أجمع، ودفع السلطات الرسميّة إلى تهيّب استعمال القوّة معها لانهاء تحرّكها، وسلطات الأمر الواقع إلى التهيُّب نفسه. أوّلاً لاقتناعها بأحقيّة المطالب المرفوعة وبصعوبة بل باستحالة الدفاع عن زعامات طائفيّة ومذهبيّة وحزبيّة و”رئاسات” ومؤسَّسات ماليّة عامة وخاصة وتجمّعات نقابيّة عمّاليّة وأرباب أعمال كان لها دور كبير بل أكبر في تعطيل الدولة اللبنانيّة وفي جعلها فاشلة ومزيّفة وفي منع تحديثها وتوحيد شعوبها. كما في استباحة مواردها وثروات البلاد الأمر الذي ألغى قسماً كبيراً من الطبقة الوسطى وكبّر حجم الفقراء والأكثر فقراً وضخّم حجم أغنياء الحرب وما بعدها وما قبلها. وثانياً لإدراكها أن ضرب “المُنتفضين” سيحوِّلهم ثوّاراً وقادة مسيرة بدء توحيد شعوب لبنان وإقامة عقد اجتماعي وطني فيه يؤهِّله لأن يبدأ مسيرة العودة الصعبة إلى الدولة المدنيّة العادلة والحرّة والديموقراطيّة بعد أعوام من التخلُّف سادت فيها الغيبيّات عند الجميع وغاب العقل فصار لبنان “حارة كل من إيدو إلو”.

طبعاً لا يزال لبنان في بداية المسيرة المُشار إليها. ويتمنّى اللبنانيّون أن يحتكم أعداؤها إلى عقولهم لا إلى غرائزهم تلافياً لإراقة الدماء. علماً أنّه إذا أُريق لن ينجح من يُريقه في إعادة الساعة إلى الوراء. بل سيُغرق لبنان في الدم وهو لن يبقى سليماً. وما يجري في المنطقة والعالم إجمالاً يجب أن يكون عبرة للجميع.

sarkis.naoum@annahar.com.lb

68 تعليق

  1. تعقيبات: 2antiquated

  2. تعقيبات: help with my dissertation

  3. تعقيبات: defending dissertation

  4. تعقيبات: dissertation research

  5. تعقيبات: service writing

  6. تعقيبات: get help with dissertation

  7. تعقيبات: dissertation help in delhi

  8. تعقيبات: custom dissertation writing service 2019

  9. تعقيبات: writing your dissertation in a week

  10. تعقيبات: dissertation help

  11. تعقيبات: creative writing course in mumbai

  12. تعقيبات: live roulette online casino

  13. تعقيبات: casino online free games

  14. تعقيبات: pa online casino

  15. تعقيبات: borgota online casino

  16. تعقيبات: online casino spanish

  17. تعقيبات: online casino legit

  18. تعقيبات: real casino slots online

  19. تعقيبات: bet mgm online casino pa

  20. تعقيبات: casino online no deposit

  21. تعقيبات: river online casino

  22. تعقيبات: best vpn for laptop

  23. تعقيبات: best vpn browser

  24. تعقيبات: business vpn cost

  25. تعقيبات: best mac vpn service

  26. تعقيبات: buy avast vpn

  27. تعقيبات: local personals

  28. تعقيبات: zoosk dating sitef

  29. تعقيبات: free dating sites for men

  30. تعقيبات: dating seiten in schweiz

  31. تعقيبات: lesbian mature

  32. تعقيبات: free good

  33. تعقيبات: online dating no info

  34. تعقيبات: all dating sites in usa

  35. تعقيبات: adult chat dating site

  36. تعقيبات: date match site

  37. تعقيبات: dating sites for seniors

  38. تعقيبات: harrahs online casino

  39. تعقيبات: online casino review

  40. تعقيبات: casino online nj

  41. تعقيبات: zoom chat gay

  42. تعقيبات: sex gay chat

  43. تعقيبات: gay chat room atlanta

  44. تعقيبات: gay chat lines in atlanta

  45. تعقيبات: gay chat avenue new version

  46. تعقيبات: free gay web cam chat rooms

  47. تعقيبات: gay ruleete chat

  48. تعقيبات: free gay bays chat

  49. تعقيبات: gay web cam chat room

  50. تعقيبات: do my college paper for me

  51. تعقيبات: pay to write a paper

  52. تعقيبات: pay someone to write a paper

  53. تعقيبات: custom paper writing

  54. تعقيبات: academic paper writing services

  55. تعقيبات: best online paper writing service

  56. تعقيبات: paper writing help online

  57. تعقيبات: where to buy resume paper

  58. تعقيبات: write my papers discount code

  59. تعقيبات: 3contrasting

  60. تعقيبات: design and technology gcse coursework

  61. تعقيبات: coursework writing services

  62. تعقيبات: coursework writing services

  63. تعقيبات: coursework writing

  64. تعقيبات: online dating app

  65. تعقيبات: local dating sites free

  66. تعقيبات: online dating sites

  67. تعقيبات: free chatting online dating sites

  68. تعقيبات: singles online dating

اضف رد