- روزيت فاضل
- المصدر: “النهار”
- 6 تشرين الثاني 2019 | 16:42

الخيم و”نبض الشارع” في ساحة الحرية.
إذا كان الفنان التشكيلي طوم يونغ يستنهض عبر ذاكرته “سيرة” البيوت القديمة والأثرية وناسها، فهو اليوم يواكب دينامية الحراك الشعبي في ساحة الحرية، في معادلة تحوّلت فيها الرسومات متابعة دقيقة لمجريات هي “وليدة الساعة” لا بل “وليدة كل دقيقة”.
إيجابيّة الناس وحراكها
المواطن اللبناني ومطالبه.
لمَ هو يخلِّد لحظات هذا الحراك الشعبي؟ يمتلك يونغ شيئاً من التعجب والدهشة على طرحنا هذا السؤال ليبادر بالقول: “هذا جزء من مسؤولياتي كفنان تشكيلي. هذا جزء من مسؤوليتي أن أعكس حقيقة ما يحصل اليوم في لبنان”. برأيه، “يسكنك شعور عند الاحتكاك بهذا الحراك بكثير من الإيجابية المنتشرة في الشوارع كلها، وناسها…”.
“من عشرين يوماً، تفاوتت مشاعري خلال متابعتي هذا الحراك ولا سيما من خلال تردّدي اليومي إلى ساحة الشهداء، عشت معهم الأمل ودينامية الحراك، واختبرت أيضاً شعور الخوف والغيظ والغضب عندما تم الاعتداء على المتظاهرين على تقاطع الرينغ وحتى في ساحة الشهداء”.
نبذ البلطجة
نبذ البلطجية.
عاد يونغ غاضباً ليبدأ نقل صورة ما رصدته عينه في التظاهرات، تمثال الشهداء تحول إلى وقفة ناس في قلب اللوحة تتشح بالسواد وهي محاطة بمجموعة “بلطجية”. اللوحة التي رسمها يونغ تحمل اسم “السفّاحين”، وهي تعطي لمشهد القمع معناه الحقيقي، للانتفاضة الشبابية السليمة امتدادها إلى أبعد من السواد المحيطة بكادر اللوحة”.
يعيش يونغ توأمة خاصة جمعته منذ أعوام طويلة مع لغة الرسم، فهو قرر أن ينقل محترفه إلى منزله، القريب بعض الشيء من حراك ساحة الشهداء. قال: “أسمع الموسيقى الصاخبة من ساحة الشهداء وأنا أرسم في شقتي… تصلني هتافاتهم وصراخهم وهيصات الأمل، وهذا مصدر إيحاء للألوان واللوحات التي أروي من خلالها كل شيء يصل إلى مسمعي”.
طوم يونغ يرسم في محترفه.
كيف عكس ذلك الضخّ البشري بكل إيجابياته في رسوماته؟ الجواب بسيط لدى يونغ. بدا مقتنعاً كلياً أن الناس توحدوا حول مطلب واحد هو العيش في وطن حقيقي”. قال: “لا يمكن أن يصف الإنسان حماس الشباب اللبناني في هذه الانتفاضة. شعرت باندفاعهم، رأيته في عيونهم، ولمسته في حراكهم، لأنهم يتوقون إلى بناء مستقبل أفضل من واقعهم الحالي”.
لا للهجرة
“كلنا للوطن”.
أعطى يونغ في رسوماته دفعاً للمواطنين الشباب وحتى الصغار الذين عانقوا أمهاتهم، وهم في ساحة الحرية. يسارع في القول: “الشباب هم قادة هذا الحراك. هم الذين يطالبون بحقهم في مستقبل أفضل، والسبب بسيط جداً لأنهم لا يطمحون للهجرة، ويريدون البقاء معهم، وأنا أتعاطف مع هذا الطموح الكبير لدى كل واحد منهم، أي حقهم في الحصول على خدمات أساسية في حياتهم من الدولة ومنها الكهرباء، المياه، التربية والتعليم، الصحة وسواها من مقومات أساسية للعيش الكريم لأي مواطن”.
صيحات الشباب
حراك شبابي وصرخة مدوية.
وشبّه يونغ الحراك بإحدى لوحاته وكأنه كرة ضخمة مليئة بالحراك والتجاذبات الإيجابية، كأنها تمتدّ خارج اللوحة بحدّ ذاتها، هي اللوحة لصيحات الشباب وصراخهم ومطالبهم التي احتلت كل جانب من اللوحة.
ممَّ يخشى يونغ؟ يجيب بصراحة قائلاً: “أخاف أن يتكرر أي مشهد عنفي كما جرى سابقاً ضد المتظاهرين، في محاولة لضبط صوتهم وقمع سعادتهم… ولو كنت لبنانياً، لما ترددت لحظة في الانضمام إلى ساحة الحرية”.
يداً بيد من أجل الثورة.