الرئيسية / home slide / 25 أيار، إنّه عيد

25 أيار، إنّه عيد

25-05-2021 | 00:08 المصدر: النهار

غسان حجار @ghassanhajjar

علما لبنان و”حزب الله” عند الحدود الجنوبية (أ ف ب).

عندما كنت أجيب صديقاً عن سؤاله عما اذا كنت اعتبر تاريخ 25 ايار مناسبة وطنية بقولي “نعم بكل تأكيد”، ردّ عليّ “حتى أنت صرت تساير #حزب الله خوفاً منه؟”. لم اعرف بماذا اجيب عليه، لانه لا ينطلق من معايير عقلانية، بل من منطلق العداء لـ”حزب الله”. 

 هذا العداء، الذي تضاعف في الاعوام الاخيرة، يجعل المناسبة بايخة، او كانها مناسبة خاصة بالحزب، لا تعني باقي اللبنانيين، رغم استدراك الرئيس نبيه بري المناسبة سنة بعد اخرى باطلاقه نداء في الذكرى يؤكد فيها ان “حركة امل” التي يرأسها هي أم صبي المقاومة. 

 لعله من الضروري ان يدرك الحزب ان ليس الانقسام السياسي العام في البلاد من ضيّع وهج التحرير، انما تحديداً حالة الاستفزاز التي تولّدها سياساته، وقد تحولت لدى كثيرين الى حال من العداء معه، وهذه هي المشكلة العميقة، اذ لم يعد للحزب حلفاء بل مستتبعين يحتاجونه، بالعتاد والمال والاصوات في صناديق الاقتراع. وحال 8 اذار ليست افضل من 14 اذار، فهي ممسوكة وليست متماسكة، ولا يربطها التضامن انما الامساك بالقرار الذي تجاوز لزمن طويل الحدود ليحط في دمشق وطهران. وترهيب هذه واموال تلك كافية للترويض.

  وقد سعى الثنائي الشيعي باستمرار الى التفرد بذكرى التحرير والمقاومة عبر القاء الخطب وتوجيه الرسائل، فيتناسى افضال احزاب اخرى على تلك المقاومة، علماً ان احتكار الحدث الوطني يرفع من معنويات المناصرين، ويثبط عزيمة اخرين، ويجعلون لا يشعرون بقيمة الحدث الذي يجب ان يتحوّل عيداً وطنياً بكل ما للكلمة من معنى.  و25 ايار أهم من 26 نيسان على أهمية التاريخ الاخير، الذي أدّى ايضاً الى انسحاب جيش الوصاية السورية. هذا الجيش الذي وان كان معتبراً اخوياً لدى البعض، فانه ليس سوى قوة احتلال لدى فئات كبيرة تطمح الى جعل تاريخ انسحاب الجيش السوري مناسبة وطنية موازية، بل عيداً يسجّل على لوحة رسمية على غرار لوحات الجلاء. 

 لكن هذه الانقسامات، والتباعد في النظرة الى الامور، ومحاولات المقايضة مع احداث مماثلة، والخلاف مع “حزب الله”، والخوف من محوره وراعييه الاقليميين، يجب ألا تسقط عن الحدث اهميته وتاريخيته، لان ضياع الانجازات، من باب النكاية والخلاف السياسي والصراعات الطائفية، يجعلنا في الدرك الذي نعيشه حالياً، والنتيجة ماثلة لدينا في وضع التأليف الحكومي اذ تحكم العملية حسابات قال الرئيس نبيه بري امس انها تعقيدات “داخلية مئة في المئة”، لكنها تدفع بنا الى المجهول الذي يصبح معه كل اركان السلطة، بدون استثناء، شركاء في التعطيل، وفي الانهيار المقبل بسرعة من دون كوابح. 

  وبعيداً عن كل المهاترات، من الضروري التعامل مع 25 ايار كعيد وطني بامتياز، لا نخاف منه، ولا نصنّفه في خانة “حزب الله” الذي كانت له اليد الطولى في صنع الحدث، تماماً كما صنع غيره احداث اخرى. 25 ايار ليس العيد الوحيد للتحرير والجلاء، بل هو تاريخ من تاريخ، والمقاومة التي صنعته ليست المقاومة الوحيدة في تاريخ لبنان الحديث. من هنا يجب ان تنطلق مسيرة حقيقية للاعتراف بالاخر، وبالشهداء جميعهم، حتى نتمكن من اطلاق ورشة كتاب التاريخ العالق منذ زمن، والعالق الى زمن مقبل ايضاً.