انطلق البروفسور نداء أبو مراد من خبراته المتراكمة في فكّ رموز المدوّنات الموسيقية الأوروبية القديمة وتحقيقها وتأويلها وأدائها، فأضحى متخصصاً في تقليد قديم لكن حيّ وتجددي بحسب أقواله بعدما انتقل عام 1984 إلى أداء التقليد الموسيقي المشرقي العربي الفني. أراد بعدئذٍ تطبيق المنهجيّات التحقيقية على ما وصلَنا من مدوّنات موسيقية عربية قديمة. ما أدى إلى تفكيكه رموز التدوين الموسيقيّ الأبجديّ والرقميّ الذي وضعه صفيّ الدين الأرمويّ البغداديّ، وتقديم تراث موسيقي عبّاسي صدر في ألبوم عن «دار ثقافات العالم» عام 2006. يتحدث أبو مراد لـ «الأخبار» عن مدوّنات أخرى لنحويين موسيقيين وصلتنا أيضاً في عصور أكثر حداثة، خصوصاً مدونات لمخائيل مشّاقه (1800-1888)، وهي تنتهج كتابة الألحان النموذجّية المقامية عبر تعاقب أسماء النغمات. كما كرّس ألبوماً لألحان مشّاقه عام 2007. ثمّ تعرّف إلى الباحث البريطاني ريتشارد دومبريل الذي فكّ رموز أول مدوّنة موسيقية في التاريخ، وهي النشيد الحوري السادس، من تراث مملكة أوغاريت (حوالى 1500 قبل الميلاد)، بالحرف المسماري، فقرّر أداءها في أقرب وقت.
انطلاقاً من هذه الدراسات المتعمقة، نرى في برنامج أمسيته في «مسرح المدينة» يوم 26 أيار مقطوعات عدة مثل النشيد الحوريّ السادس من تراث مملكة أوغاريت، والنشيد السريانيّ المارونيّ والسريانيّ الأرثوذكسيّ «سبّحوا الكلمة»، إضافة الى «على صَبِّكُمْ» ودولاب وترنيم قصيدة «عرَفتُ الهوى مذ عرفتُ هواكا» للمتصوّفة رابعة العدويّة وارتجال تقاسيم عزفيّة تجاوبيّة حول
«لحن الراست» بحسب ميخائيل مشّاقه وترنيم قصيدة «عَن ماءِ مَريم» للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، من تلحين نداء أبو مراد وغيرها.