شربل نجار
هنا لبنان
01092017
أن تقول أن غسان تويني كان لا يتقن اللغة العربية ففي الأمر تجريح وإن قلت أنه كان أحد مراجعها ففي القول تضليل أو تبخير.
يعرف الصحفيون الذين عاصروه والذين عايشوه في جريدة النهار ان غسان تويني تمكن من اللغة شيئا فشيئا ولكنه وفي جميع ما كتب كان يفضّل التدقيق فلا يرسل مقالا واحدا الى المطبعة قبل أن يراجعه أحد الصحفيين أو المصححين في جريدته .
كان غسان تويني مرهف الحس وقد صرّحت بذلك زوجته شادية في مقابلة لها في جريدة النهار بتاريخ 7 حزيران 2014 فقالت : “من موقعه كسياسي وديبلوماسي، كنت أتساءل دائماً ما الذي أعجبه بي؟ أما أنا، فكنت أحبّ صوته حين يتكلم. وما أعجبني به جداً، اهتماماته التي لم تكن محصورة بمجال واحد كالصحافة مثلاً أو العمل الديبلوماسي، لكن توزّع على مجالات شتى، حتى الزهرة والشمس والقمر المكتمل كانت تلفت انتباهه… كان شاعراً ” (1).
هل كان غسان تويني شاعرا؟
بالتأكيد حتى وإن كنا نجهل عدد القصائد التي كتبها. أما المنشور ،على علمي، فقصيدة القلب المفتوح التي كتبها وغنتها ماجدة الرومي عام 1998 وهذه كلماتها :
غداً عندما يدخلون قلبك الجريح يا حبيبي
أتراهم يقرؤون فيه اسمي؟
ما أجمل الأسماء نكتبها بنبض قلوبنا
ولا أطباء، ولا جراح
حبيبي
فقل لهم حذاري
وليرفقوا بالأسماء، وليتركوها
كلها هناك، قصائد حب
لا يسدها همّ ولا يلغيها نسيان
هي كلها قصائد الحب الكبير الذي عشناه
هي كلها قصائد الحب الوحيد الذي قلناه
ما أجمل الأسماء، نكتبها بنبض قلوبناا
ولا أطباء، ولا جراح
غير أن لغسان تويني قصيدة كتبها عام 1944 وهو لا يزال طالبا في الجامعة الأميركية في بيروت. كان يومها رفيق الصف والدرب هو ويوسف الخال وتوفيق الصايغ وقد أسسوا معا وفي الجامعة مجلّة “الكلمة” التي كتب غسان تويني على صفحاتها القصيدة التالية :
غدُنا يا نفسي
قُومي ، فقد تعب الموت منّا
وقلبي يناجيه الضِّياء
ألا ترَين الأماني تمرَح
هناك حيث يرتاح الكفاح؟
أمامنا درب بعيد بعيد
سألقي أمانيّ على ضفّتيه
إذ ربّ غد مشرق
يستقي منها عطر الدماء
قومي لقد سئمت البكاء
فما الحياة لمن مثلنا
سكرنا عهدا طويلا
فتاهت من حولنا الآفاق
قومي فما الحياة سوى عراك
ولن تخيّب الحقيقة مؤمنا
إن تلك الزهور المتذابلة
لها في لهثاتي بقايا حياة (2)
وسواء كانت تلك القصيدة هي باكورة أعماله والقلب المفتوح هي خاتمة تلك الأعمال وسواء اعتقد البعض أن هاتين القصيدتين لا قبلهما ولا بعدهما ولا بينهما قصائد فذلك لا يغني عن البحث علنا نستطيع أن نعثر على غيرها . وهذا ما نطلبه بإلحاح ممن حاوره وجاوره ونام على أسراره.
(1) شادية تويني، النهار،7 06 2014، شادية تويني : مئة حياة في حياة… غسان لن يتركني أبداً
(2) مجلّة الدفاتر اللبنانيّة (لصاحبها رياض حنين)، العدد 6، السنة الثانية، كانون الأول 1986