راجح الخوري
النهار
19042018
لست أدري إذا كان في وسع البعثة الأوروبية لمراقبة ديموقراطية الإنتخابات التي وصلت الى بيروت، ان تستوعب بسرعة تعقيدات ودهاليز القانون الهمايوني الذي ستجري على أساسه الإنتخابات في ٦ أيار المقبل.
لأن على هؤلاء المراقبين [ومن راقب الناس مات هماً] ان يفهموا أبعاد الفلسفة الديموقراطية، في قانون فصّل الدوائر الإنتخابية على أساس قراقوشي، حيث ان عدد الناخبين مثلاً في دائرة حاصبيا – مرجعيون – النبطية – بنت جبيل هو ٤٥٠ ألفاً، أي ما يساوي عدد الناخبين في دائرتين أخريين، وهذا يتنافى مع علم “الوزن والحجم” في الديموقراطية سيدي القارئ الفهيم!
في ١٩ يوماً، على المراقبين ان يستوعبوا إحتساب الحاصل الإنتخابي، ولماذا تقرر ان يكون الصوت التفضيلي على أساس القضاء لا الدائرة، في قانون لم يساوٍ أصلاً في جمع الدوائر، بل قسّمها عشوائياً ومن دون أي إحترام لقواعد المساواة في علم “الديموقراطيا”!
ولا أبالغ اذا قلت إن المراقبين بمن فيهم الأخت الإسبانية إيلينا فانلنسيا، سيحلشون شعرهم حيرة وضياعاً امام أحجية إحتساب النتيجة النهائية للفائز على أساس كسور الحساب في أعداد الاصوات التفضيلية. واذا كان صديقنا الوزير السابق محمد المشنوق كاد ان يشنق نفسه بعدما أرسل نص القانون الإنتخابي الى ٢٨٠ نائباً ووزيراً وسياسياً مستطلعاً آراءهم، فجاءته الأجوبة لم نفهم ولم
نستوعب، فلماذا لا نتّكل على الله سبحانه وتعالى، بدلاً من الاتكال على ٩٠ مراقباً أوروبياً سيعودون الى بلادهم بعقد نفسية وربما عقلية؟
أولم يقل الوزير الصديق رشيد درباس في مقال كتبه لـ”النهار” إن الذي وضع القانون الإنتخابي العجيب قد أُدخل الى المصحات النفسية، فما بالك بهؤلاء المراقبين إذا جنّوا وألقوا بأنفسهم من الطائرات التي ستعيدهم الى بلادهم بإختلال في المخ؟
ثم ما بالك غداً بسيدنا “أبو ناعسي” والذين لا يقرأون ولا يكتبون وهم أهلنا واشقاؤنا في الأرياف، يصابون بالدوخة مثلاً أمام ثماني لوائح تكنيكولور، وعليهم وضع إشارة إختيار اللائحة في مربع، والمرشح المفضل [دام فضلك] في مربع، ولأن الكثيرين منهم [والدتي] أي أُمي لا تقرئين ولا تكتبين، فهل هناك من سيرافقه الى العازل ويمسك بيده ويبصم عنه بالحبر الفضائي الذي لا يضر بالصحة حرصاً على السلامة العامة؟
وفي ما يتعلّق بالمغتربين أو المنتشرين أو الطافشين أو الداشرين، كيف ستتم مراقبة هذه العملية الماورائية، ومن سيطير مع الصناديق عبر البحار قبل ان تصل الى بيروت… وبعدما علمنا والحمدلله ان “الجمعية اللبنانية من اجل الديموقراطية” تلقت كثيراً من الشكاوى عن مخالفات ووضعت تقريرها الأول بعنوان “عيني ع الديموقراطية”، ليس لنا نحن شعب لبنان العظيم إلا ان نصرخ:
يا ليل يا عين!