إبراهيم حيدر
النهار
04072018
يستطيع وليد جنبلاط أن يصّعد ويحدد سقف المواجهة، وهو ما لا بستطيعه غيره. في إمكانه أن يبطل تحليلات كثيرة ومواقف بمجرد إعلان يعود معه إلى النقطة الأولى. يقاتل وليد جنبلاط على كل الجبهات، ثم يعود إلى أصول موقعه، معلماً فن إدارة التناقضات ورفع الصوت متى يجب أن يكون صارخاً.
من يدقق في في الصورة التي جمعت وليد جنبلاط برئيس الجمهورية ميشال عون، يصعب تفسير ملامح شخصية تقول ما تريد إيصاله من غير زاوية البحث. نفى جنبلاط أن يكون الرئيس عون قد فاتحه بالموضوع الحكومي، وهو لم يعمد إلى إثارته، فيما كل التوقعات كانت تشير إلى أن اللقاء هو لتسهيل مهمة التأليف. أصر وليد بك في كلامه على إيصال رسالة تتجاوز كل المعركة الانتخابية التي خاضها في الجبل، فقال أنه لمس حرص الرئيس عون الشديد على وحدة الجبل خصوصاً ووحدة لبنان. واطلب شخصياً من الرفاق والمناصرين تخفيف حدة اللهجة، والتفكير كما الرئيس عون، بحل المشاكل الكبرى الاساسية ومنها سبل تخفيف العجز ووضع خطة انمائية من اجل خلق فرص عمل، ويبدو انه تم البدء بوضع مثل هذه الخطط… وفي المقابل استطرد حكومياً ليؤكد أنه مصر على تسمية الوزراء الدروز الثلاثة في الحكومة، “لان نتيجة الانتخابات، عكست التصويت الشعبي والسياسي . وقد نسقط كلنا في الانتخابات المقبلة”.
ليس مفاجئاً ولا مستغرباً ولا مستهجناً، موقف جنبلاط من القضايا المختلفة في البلد، ومن المسألة الحكومية، ولا من مواقفه المتحركة في غير صعيد، فميراث جنبلاطيته له أصوله ويتسم بالمرونة والقدرة على الانتقال بين المواضيع، والبنى والقوى والمناطق، إضافة الى انفتاحها، وعدم تقوقعها. أما تغريداته فهي جزء من عدة الشغل.
يريد وليد جنبلاط أن يخرج جبله إلى الفضاء السياسي اللبناني، وهو ما أشار اليه بعد لقائه عون، وعندما يعود الى التقوقع، فلأسباب اضطرارية لها علاقة بظروف سياسية معقدة ودقيقة. لذا ليس هناك مسار جنبلاطي مغاير، ولا خروج على أصوله التاريخية، وهو الذي بدأ بالتأسيس لمرحلة جديدة مع وريث البيت الجنبلاطي تيمور. تبدو نسخ الجنبلاطية القديمة والجديدة بسياساتها، لا تغادر الموقع والأصول، وهي في الوقت ذاته تسير مع تماوج الوضعية اللبنانية، لكن ثوبها الأساسي تبقى وجهته لبنانية.
سنشهد مع وليد جنبلاط بالرغم من تسلم تيمور زمام الأمور، محطات اضطرارية يخوضها ويسير بالجنبلاطية ومعها الدروز الى المكان الآمن. فعندما رسمت خرائط طائفية في البلد وسلكت القوى مسارات تماوجت وفقها، تأثرت الجنبلاطية وصارت جزءاً من المسالك الأهلية، لكنها لم تفقد معناها الأصلي الأول، فيسير وليد جنبلاط معلماً بين التناقضات ويتجاوز أخطارها بحنكة ورؤية للبعيد.
ibrahim.haidar@annahar.com.lb
Twitter: @ihaidar62