
«وصف الإسكندرية»، هو عنوان ألبوم لوحات للفنان البلجيكي برتنشامب يعود إلى العام 1740م، أصدرته مكتبة الإسكندرية أخيراً في كتالوغ يحمل الاسم نفسه، بعد أن نظّمت معرضاً غير مسبوق لأصول تلك اللوحات. وكان هذا الألبوم ضمن محتويات المكتبة الخاصة بالملك فاروق الأول (1920 – 1965)، علماً أنه ورثه عن والده الملك فؤاد الأول الذي تلقاه هدية من ملك بلجيكا ألبرت الأول أثناء زيارته الإسكندرية في العام 1930.
يضم الألبوم 24 لوحة، منها 19 لوحة تمثل المعالم الأثرية الإسلامية في المدينة، وخمس لوحات عبارة عن مناظر لآثار بطلمية، منها قصور كليوباترا وعمود السواري. ومن أكثر المناظر ندرة: منظر الميناء الشرقي وقلعة قايتباي، وهو مأخوذ من على متن سفينة. ويظهر في اللوحة إلى جوار هذه القلعة ميناء صغير (ناحية الغرب) يُسمح للسفن المسيحية بالدخول فيه. ويشار إلى أن حظر دخول تلك السفن الميناء الشرقي، والذي يرجح أنه بدأ في القرن الميلادي الثالث عشر، يرجع إلى سببين: الأول منع رؤية سيدات البلدة على أسطح المنازل، بخاصة تلك المقامة على الميناء. والثاني هو أنه كان يُخشى دائماً من الهجوم على المدينة من هذه الناحية. ومع ذلك، دخلت مراكب فرنسية وإنكليزية ذلك الميناء أثناء حملة نابليون بونابرت وبعدها، ثم ألغى محمد علي باشا ذلك الحظر في العام 1815. والبيانات المسجّلة باللغة الفرنسية على اللوحة كالتالي: «القلعة التي تدافع عن مدخل ميناء الإسكندرية».
وبدأ بناء قلعة قايتباي في تموز (يوليو) 1477م، واستمر نحو ثلاث سنوات، للدفاع عن سواحل المدينة ضد غارات القراصنة، ولصد غزو عثماني كان متوقعاً، وتحقق في العام 1517.
وعُرفت القلعة في العصر المملوكي الجركسي باسم قلعة قايتباي، أو البرج الشريف، وفي العصر العثماني عُرفت باسم: الحصار الأشرفي، أو برج الظفر. بينما يجمع الرحالة الأوروبيون على تسميتها باسم حصن الفنار الكبير تمييزاً لها عن حصن الفنار الصغير المقابل لها من الجهة الأخرى للميناء الشرقي، وإن كان البعض منهم يطلق عليها اسم «قايتبيكوس». وفي العصر الحديث، عرفت باسم «طابية قائد بيك»، أو «برج قائت باي». وتقع هذه القلعة – الطابية في نهاية لسان من الأرض يمتد غرب الميناء الشرقي، وهي قائمة على الجزيرة التي بُني فوقها المنار القديم، وكانت تعرف باسم جزيرة أو صخرة الماسة، حتى هدمت معظمها مصلحة خفر السواحل في سنة 1904.
ومنظر القلعة مأخوذ من أعلى أحد أبراج حيز الديوان القديم من الناحية الغربية باتجاه الشرق، حيث كانت هناك ساحة كبيرة تتجمع فيها القوافل لتضع حمولتها بين السورين لحمايتها، ولمنع التجار من تهريب البضائع إلى داخل المدينة قبل سداد المكوس (الجمارك) المفروضة عليها، وهناك مرابط للخيل تظهر في اللوحة، وبرج كبير يحمي الساحة.
ويرجع بعض المؤرخين بناء باب الديوان إلى عصر الظاهر بيبرس أو عصر الناصر محمد بن قلاوون، وهو الباب الثاني الذي يفتح في سور المدينة الشمالي، ويقع شرق باب البحر. وعرف بهذا الاسم بداية من العصر المملوكي، نظراً إلى وقوعه إلى جوار مبنى الديوان أو الصادر، حيث تفرض وتقدر الرسوم على البضائع المرسلة إلى أوروبا.
وكان يسمى كذلك باب البضائع، حيث ترسو هناك السفن التجارية في الميناء الشرقي، وتقوم بتفريغ شحناتها من البضائع على متن قوارب صغيرة، والتي بدورها تنقل هذه البضائع إلى الشاطئ، ثم تنقل عبر ذلك الباب إلى مبنى الديوان المجاور له، والذي يبدو من خلال اللوحات أنه يقع بين السورين الداخلي والخارجي للمدينة. وعرف كذلك باسم الباب العتيق، بينما يسميه الرحالة فيليكس فابري» باب الغرباء»، حيث إنه المخرج الوحيد للتجار عند مغادرتهم المدينة. أما الذين يرغبون في التنزه خارج المدينة على الشاطئ بين الميناءين، فكانوا يخرجون من باب البحر، بعد الحصول على تصريح خاص بذلك. ويقع هذا الباب عند نهاية السور الشرقي والتقائه بالسور الشمالي، آخر امتداد شارع العطارين وميدان المنشية الصغرى (سانت كاترين) في الوقت الحالي.