مبنى وزارة المال في وسط بيروت.
8 آذار 2017
تستحق على الدولة اللبنانية في 20 آذار الجاري سندات بالعملات الاجنبية بقيمة 1.5 مليار دولار، ولهذه الغاية، تستعد وزارة المال للإعلان عن إصدارات جديدة لسندات اوروبوند بقيمة الاستحقاق، لتوفير الاموال اللازمة لتغطية الاستحقاق المرتقب لهذا الشهر وهو جزء من الاستحقاقات الاجمالية التي تواجهها الدولة اللبنانية لسنة 2017 وتصل قيمتها الى ما يقارب 7,3 مليارات دولار تتوزع بين استحقاقات بالليرة اللبنانية والعملات الاجنبية.
علمت “النهار” ان وزارة المال حصلت على العديد من الطلبات من مصارف محلية وعالمية كبرى لإدارة هذا الاصدار الجديد لسندات الاوروبوند، ولكن خيارها رسا في نهاية المطاف على 4 مصارف: اثنان منها لبنانيان ومصرفان أجنبيان. وبحسب المعلومات، عيّنت وزارة المال، بعد الاطلاع على العروض المقدمة من كل المصارف، بنك باركليز البريطاني ومصرف جي. بي. مورغان الاميركي بالاضافة الى بنك بيبلوس وبنك سوسيتيه جنرال في لبنان، وتم أمس تفويض هذه المصارف خطياً لترتيب الاصدار الجديد.
الكل يراهن حالياً على نجاح هذا الطرح بعد جبه الاسواق والمستثمرين للتطورات الاخيرة التي شهدها الداخل اللبناني وبخاصة على الصعيدين السياسي والامني. فالظروف التي تطلق فيها الدولة اللبنانية هذا الطرح الجديد، تختلف عن الظروف التي كانت تمر فيها في الاعوام الماضية. فمنذ بداية السنة تغيّرت كل المعطيات، وأصبح للبنان رئيس جديد للجمهورية وحكومة جديدة مع ارتفاع حظوظ إقرار موازنة عامة للمرة الاولى منذ العام 2005 بالتزامن مع مجموعة إصلاحات هيكلية لطالما طالبت العديد من المؤسسات الدولية بإقرارها لوقف نزيف الايرادات، ووضع حدّ لتنامي الدين العام، والحد من ارتفاع العجز في الموازنة، بالاضافة الى تطورات مهمة على الصعيد السياسي، والبحث الجدي في إمكان إقرار قانون جديد للانتخاب وإجراء هذا الاستحقاق في أقرب وقت. كل هذه المعطيات، تصبّ في مصلحة التوقعات الايجابية بنجاح الاصدار الذي تنوي وزارة المال الاعلان عنه.
وتتوقع مصادر مصرفية رفيعة المستوى ان يتخطى حجم الطلب على هذا الاصدار المستوى المحدد بشكل كبير، اذ تتحدث المعطيات عن طلب قد يتخطى الملياري دولار فيما العرض محدد عند 1.5 مليار دولار. وتعتبر المصادر ان لبنان تمكن في أصعب الظروف التي مر فيها من توفير الاموال اللازمة لتغطية استحقاقاته في الوقت المناسب من خلال الاصدارات المتتالية التي قام بها، والتي تكللت بالنجاح الكبير. والكل يتذكر حجم الطلب القياسي الذي فاق الـ 2.2 ملياري دولار على الاصدار الذي قامت به وزارة المال في شباط 2016، مما يؤكد استمرار محافظة هذه السندات على قيمتها الفعلية وعدم مواجهتها لضغوط كبير، رغم كل الظروف غير المواتية التي كانت تمر فيها البلاد.
بدورها، تشير مصادر مقربة من وزير المال علي حسن خليل، الى ان الوزارة تترقب الطلب على هذا الاصدار ولا تستبعد رفع سقفه في حال تجاوز العرض المحدد بقيمة 1.5 مليار دولار. أما في ما يتعلق بالفوائد المتوقعة، فتشير هذه المصادر الى ان معدل اسعار الفوائد على هذه السندات سيحوم حول 7% تقريباً، بحسب تاريخ الاستحقاق. وتشير هذه المصادر ايضاً الى استمرار الوزارة في تطبيق الخطة الشاملة التي وضعت لإدارة الدين العام ضمن استراتيجية حكيمة تساهم في توفير الأموال اللازمة لتغطية مستحقات هذا الدين من خدمة للفوائد ولرأس المال، اضافة الى متابعة مستمرة للتطورات التي تشهدها الاسواق العالمية. وتؤكد مصادر وزارة المال، ان الانظار ستبقى ايضاً مصوّبة نحو إجتماع لجنة السياسات النقدية في البنك الفيديرالي الاميركي يومي 15 آذار الجاري و16 منه، في الوقت الذي ارتفعت فيه التوقعات حيال إمكان رفع اسعار الفائدة خلال هذا الاجتماع وليس خلال الاجتماع المرتقب لهذه اللجنة في أيار المقبل، نظراً الى صدور العديد من البيانات الاقتصادية الاميركية التي تصبّ في مصلحة هذه الزيادة في الايام المقبلة. وتعتبر هذه المصادر، ان اي تعديل لهذه الفوائد لن يتخطى بحسب التوقعات الـ1% بحده الاقصى، وبالتالي، هذا التغيير لن يكون له تأثير يذكر على اسعار الفوائد المتوقعة على السندات الاجنبية التي ستطرحها وزارة المال. واللافت ما كشفته هذه المصادر لـ”النهار” عن الحجم المتوقع للطلب الخارجي على هذه السندات اللبنانية، اذ تلقت وزارة المال العديد من الاشارات الايجابية من مستثمرين أجانب، الذين يتطلعون الى شراء هذه السندات، نتيجة تراجع المخاوف السياسية في لبنان، وهذا ما يمكن ان يرفع حصة مشاركة المستثمرين الأجانب بالطلب على هذه السندات، فيما لم تستبعد هذه المصادر إمكان أن تصل هذه الحصة الى ما يقارب الـ 20% من الطلب الاجمالي. أما الكمية المتبقية، وهي الكمية الاكبر من السندات، فستذهب الى مستثمرين محليين، على رأسهم المصارف اللبنانية التي ستكون مرة جديدة المموّل الأساسي للدولة اللبنانية. كذلك تسعى هذه المصارف ايضاً الى الاستفادة من السيولة الكبيرة التي ارتفعت في محفظتها لاستثمارها في هذه السندات والاستفادة من الفوائد المترتبة عليها.
maurice.matta@annahar.com.lb