الرئيسية / home slide / هل “يعنّ على بال” عون تمديد ولايته الرئاسيّة؟

هل “يعنّ على بال” عون تمديد ولايته الرئاسيّة؟

29-12-2020 | 00:00 المصدر: النهار

سركيس نعوم

الرئيس ميشال عون

يبدو واضحاً أنّ حلفاً أو بالأحرى تعاوناً وثيقاً قد بدأ بين رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي والرئيس المُكلّف سعد الحريري والزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط ورئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجية المُرشَّح للرئاسة في مواجهة رئيس “التيّار الوطني الحر” جبران باسيل. رغم أنّ الأربعة المذكورين يُشكّلون جزءاً كبيراً من المنظومة السياسيّة التي يُطالب الناس بإبعادها عن السلطة وبمحاكمة بعضها بتهم الفساد،ورغم أنّ مصلحتهم هي التلاحم رغم التباينات القائمة بينهم وهذا أمرٌ حصل دائماً قبل “الثورة” وبعد قيامها كما بعد تحوّلها “ثورات”، ورغم أنّهم تضامنوا في ما بينهم أكثر من مرّة تمسُكاً بالبقاء وبالإبقاء على المكاسب السياسيّة وغير السياسيّة، رغم ذلك كلّه اختلفوا مع بعضهم. والأصحّ أن باسيل صهر رئيس الجمهوريّة ووليّ عهده هو الذي عرَّض ولا يزال يُعرِّض المنظومة المُشار إليها إلى الأخطار. ذلك أن طموحاته السياسيّة الكبيرة مثل وراثة عون في الرئاسة،ومثل إلغاء الشخصيّات الوازنة والأحزاب الفاعلة المسيحيّة ووراثة شعبيّاتها، ومثل استهداف رفاقه في المنظومة ومنهم برّي باتّخاذ مواقف عدائيّة له منذ بداية تسلُّقه سُلّم السلطة وباتّهامه بأنّه رأس الفساد،ذلك أنّ طموحاته هذه جعلته يُضيِّع البوصلة وينسى حقيقة أساسيّة يعرفها الناس ويعرفها أركان المنظومة أكثر منه هي أنّه لا يقلُّ فساداً عن أحدٍ فيها وعبثاً في السياسة الوطنيّة تحقيقاً لمآرب شخصيّة رغم أنّ عمره السياسي صغير جدّاً بالمقارنة مع عمر أقطاب المنظومة. علماً أنّ ذلك لم يمنعه من تحقيق الكثير منذ توقيع رئيسه وعمّه عون “تفاهم مار مخايل” مع الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله الذي مكّنه من جني الكثير من المكاسب السياسيّة وغير السياسيّة باعتراف عددٍ كبير من المسؤولين فيه. لعلَّ أكثر ما أزعج الأقطاب الأربعة المذكورين أعلاه تصوير باسيل نفسه الطهر بعينه والحريص الوحيد على المسيحيّين واستخدامه حلفائه لتحقيق مآربه ظنّاً منه أنّهم ليسوا مُنتبهين لذلك. لكنّهم مُنتبهون و”مُكثرون” انتباههم. لهذا السبب أفهموه أكثر من مرّة أنّهم يعرفون أهدافه والوسائل التي يستعملها لتحقيقها وأكّدوا له أنّهم لن يضربوا تحالفهم مع عمّه رئيس الدولة،لكنّهم لن يسمحوا له بأن يُشكّل خطراً عليهم بأيّ صورة من الصور. كما أفهموه برسائل عدّة مباشرة أو غير مباشرة أنّهم ومهما جرى لن يختلفوا مع الرئيس برّي ولن يُفرّطوا بـ”الثنائيّة الشيعيّة” ولا بوحدة الشيعة في الظروف الصعبة بل المصيريّة حاليّاً. لكنّ الطبع يغلب التطبّع. وبدلاً من أن يُسهّل أمور تأليف الحكومة فإنّه استمرّ في حشر الأقطاب الأربعة الكبار في المنظومة السياسيّة فدفعهم إلى التفاهم لمواجهته. ولم يُحرّك حليفه “حزب الله” شيئاً لمواجهة ذلك. أنشط هؤلاء كان برّي الذي أقنع الحريري بعد انقطاع عن رئيس الجمهوريّة باستئناف التواصل معه الأسبوع الماضي. فإذا اتّفقا تُبصر الحكومة النور، وإذا استمرّ خلافهما يتأكّد اللبنانيّون أنّ “العلّة” ليست في الحريري أو بالأحرى ليست فيه وحده بل أيضاً في باسيل. علماً أنّ جهات عليمة جدّاً تعتقد أنّ “المايسترو” لا يزال الرئيس عون رغم التأثير الكبير لصهره عليه. فهو يُدير اللعبة ويترك الناس والإعلاميّين يتسلّون بصحّته كي يتّهموا باسيل بإدارتها في قصر بعبدا. والأخبار التي يتناقلها كثيرون عن إعتلاله مبالغ فيها. فهو لا يزال كما كان عام 1989 بعقليّته وطبعه وطموحاته. وقد تحدّثت دوائر أوروبيّة عن أنّه ردّ عليها عندما نصحته بـ”الراحة” بالمطالبة بتمديد ولايته سنتين، وربّما كان ذلك ردّاً على “الراحة” التي اقترحتها عليه. طبعاً لا يعني ذلك أنّ عون وباسيل لا يعرفان وضع الشارع المسيحي المؤيِّد لهما. فالأحزاب المُعارضة له فيه استفادت من ضعف شعبيّتهما منذ “ثورة” أو “ثورات” 17 تشرين الأوّل 2019، ومن انكشاف عضوية الثاني في المنظومة السياسيّة المسؤولة عن خراب البلاد في نظر أناسٍ كثيرين فحافظ بعضها على قوّته الشعبيّة وعزَّز بعضها الآخر شعبيّته التي كان الوهن أصابها. وينقل مُتابعون جديّون عن مُحبّين له ومُوالين وعارفين في الوقت نفسه حقيقة الأوضاع وهويّة المسؤوليّن عن تدهورها أنّهم لن يطعنوا المؤسّس والرئيس “الجنرال”. لكنّهم يعرفون أنّه بعد سنة أو أكثر لن يعود يمون على شيء. ذلك يُضعف “التيّار” ولا سيّما في ظلّ الخلافات التي عصفت به قبل “الثورة” جرّاء “ديكتاتوريّة” باسيل فيه واستعماله لتحقيق أهدافه، كما في ظلّ تحرُّك أركان مُؤسّسين فيه وآخرين لإحداث تغيير حقيقيٍّ. علماً أنّ هؤلاء لن ينتظروا انتهاء ولايته كي يتحرّكوا عمليّاً، بل سيبدأون نشاطهم في بداية السنة الأخيرة منها رغم أنّ لقاءاتهم التشاوريّة قد بدأت فعلاً. في هذا المجال على باسيل وحتّى على الرئيس عون أن لا ينتظرا انتصاراً على المنظومة السياسيّة بدعم جديٍّ من “حزب الله”. والسبب عدم استعداده للتعرّض إلى حليفه في “الثنائيّة” نبيه برّي ورفضه الكليّ أيّ حربٍ أهليّة أو على الأقل أيِّ خلاف فتصادم داخل الطائفة الشيعيّة. علماً أن موقف “الحزب” هذا يسري أيضاً على السُنّة وتحديداً “زعيمهم” سعد الحريري. إذ لماذا يضربهم أو يُساهم في إضعافهم أكثر ممّا هم ضعفاء؟ فالمسيحي حليفهم ضعُف كثيراً وبعد سنة وبضعة أشهر سيذهب إلى البيت. والحكمة تقضي بعدم استعداء السُنّة إلى درجة تحويلهم أعداء انتحاريّين. فالتعاون بين الطائفتين يبقى أفضل لأنّه يلجم تطرّف الطوائف الأخرى وطموحاتها، وثانياً لأنّه لن يُخلّ بميزان القوى الداخلي الطابش في مصلحة الشيعة؟ماذا يفعل البطريرك الماروني بشارة الراعي؟ 

sarkis.naoum@annahar.com.lb