
- احمد عياش
- المصدر: “النهار”
- 12 شباط 2020 | 15:13

الولاء (تعبيرية- أ ف ب).
يتوقّع المراقبون أن تكون كلمة الامين العام لـ #حزب_الله السيد حسن #نصرالله الاحد المقبل في أربعين القائد السابق لـ”فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم #سليماني، مؤشرا الى مرحلة جديدة في تاريخ الحزب الذي سيتولى أدوارا جديدة في لبنان والعراق معا، نتيجة التطورات الجارية في البلدين. فما هي معالم هذه المرحلة؟
في جلسة مشاورات ضمّت سياسيين وناشطين في ثورة 17 تشرين الاول وإعلاميين، وقت كانت الجلسة النيابية منعقدة مساء الثلثاء للتصويت على الثقة بحكومة الرئيس حسان دياب، قال وزير بارز سابق في “كتلة المستقبل”، إن الولايات المتحدة الاميركية “لن تتردد في تكريس زعامة نصرالله على لبنان” لولا مراعاة بعض الشكليات. وكشف عن أنه سمع مباشرة من جهات سياسية بارزة تقول “إن حزب الله صار الجهة النافذة في لبنان في السنوات المقبلة التي يقدّرها البعض بعشر سنين!”.
لم يكن خافيا على المشاركين في هذه الجلسة، أن ما قاله الوزير السابق ينطوي على تشاؤم مبعثه الاحوال التي آل اليها ليس “تيار المستقبل” الذي ينتمي اليه صاحب الكلام فحسب، وإنما أحوال كل القوى التي من المفترض أن تناهض نفوذ الحزب الذي يمثل نفوذ إيران مباشرة. وفي رأي احد المشاركين في الجلسة، أن “الرضى” الاميركي على الحزب، إذا جرى الافتراض أنه موجود، مردّه الى أن الاخير يمثل القوة الفعلية التي تضمن الاستقرار على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وهو ما تريده واشنطن فعلا، ولا فرق عندها أن يحقق هذه الغاية هذا الحزب أو سواه. ولفت صاحب هذا الرأي الى ان الادارة الاميركية الحالية على غرار الادارات السابقة، تمارس “سخاء نادرا” في تمويل عمليات قوات “اليونيفيل” المكلَّفة تنفيذ القرار 1701، والتي تلقّت منذ العام 2006 تاريخ صدور القرار، ما يقارب الـ11 مليار دولار، علما ان إدارة الرئيس دونالد ترامب رفعت شعار التقشف في كل انحاء العالم. لكن استثناء “اليونيفيل” من هذا الشعار ليس بالطبع “كرمى عيون لبنان”، بل حتماً من اجل “عيون” الدولة العبرية.
وفي المناسبة نفسها، يرى سياسي شيعي ان “حزب الله” يتمتع حاليا بالوضعية ذاتها التي تمتع بها نظام حافظ الاسد منذ استيلائه على السلطة عام 1971 حتى وفاته عام 2000. فهذا النظام المستمر حتى الآن برئاسة الابن، وفَّر استقرارا لا مثيل له على الحدود المشتركة مع إسرائيل بعد حرب عام 1973 التي استولت فيها الاخيرة على مرتفعات الجولان السورية وضمتها الى اراضيها بتأييد مباشر من إدارة ترامب. واليوم، يقوم “حزب الله” بدور نظام الاسد الأب بحماية الاستقرار الحدودي في الجنوب برعاية “اليونيفيل”، كما فعل الاسد طوال عقود برعاية “الاندوف”، أي “قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك”، التي تمثل النسخة السورية لنظيرتها اللبنانية، علما ان انهيار النظام في زمن بشار الاسد، لقيَ تعويضا فوريا بالتدخل الروسي المباشر الذي يحظى بدعم قوي من إسرائيل.
كيف يرتد هذا الدور لـ”حزب الله” على الداخل اللبناني حاليا؟ بالعودة الى الملاحظة التي اوردها الوزير البارز السابق في “كتلة المستقبل” وقوله إن الولايات المتحدة الاميركية “لن تتردد في تكريس زعامة نصرالله على لبنان”، يسود اعتقاد ان القوى البارزة في 14 آذار السابقة، وهي “المستقبل” و”الاشتراكي” و”القوات اللبنانية”، تتعامل وكأنها “تسلّم” بالامر الواقع الذي يمثله “حزب الله” والموقف الاميركي منه. ولهذا تحاذر الاطراف الثلاثة المواجهة المباشرة مع الحزب الذي يمثل العقدة الرئيسية في الازمة التي يجتازها لبنان بسبب هدم الحزب جسور هذا البلد مع العالم، وتحديدا مع دول الخليج العربية التي تمثل رئة الاقتصاد اللبناني منذ أجيال. ولا يتردد أصحاب هذا الاعتقاد في القول إن اعتماد الاطراف الثلاثة خطاب المواجهة مع الرئيس ميشال عون وتياره السياسي هو بمثابة “بدل عن ضائع”: فالضائع هنا مواجهة أصل الازمة الذي هو خضوع دولة لبنان لدولة الحزب.
لا جدال في ان الثقة التي نالتها حكومة الرئيس دياب، هي مباشرة ثقة بنفوذ “حزب الله”. وبدا تأكيد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد في جلسة الثقة، أن الكتلة منحت تأييدها للحكومة الجديدة، على رغم ان “هذه الحكومة لا تشبه فريقنا السياسي”، بمثابة ذر للرماد في العيون. ففي واقع الحال، كما قال المحامي حسّان الرفاعي، في تعليق صحافي، أن “ما نعيشه منذ بداية الثورة، هو نوع من تظهير علني لسيطرة كتلة نواب قاسم سليماني في المجلس النيابي على المؤسسات الدستورية في لبنان…”.
هل هي حكومة “حزب الله” في لبنان؟ ما يجيب عن هذا السؤال التقرير الذي نشرته “رويترز” في الساعات الأخيرة حول دور الحزب الآن في العراق، إذ قالت الوكالة نقلاً عن مصدرين عراقيين إن الشيخ محمد الكوثراني، ممثل “حزب الله” في العراق، والذي عمل عن قرب مع سليماني لأعوام في توجيه الجماعات المسلحة العراقية، وحلّ محل سليماني، “وبّخ الجماعات المسلحة، مثلما فعل سليماني في أحد اجتماعاته الأخيرة معها، لتقاعسها عن التوصل الى خطة موحدة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة بغداد والقوات شبه العسكرية التي تهيمن عليها… وبعد ذلك، تمت تسمية وزير الاتصالات العراقي السابق محمد توفيق علاوي رئيساً للوزراء، في تطور رحبت به إيران ووافقت عليه الأحزاب المرتبطة بالجماعات المسلحة التي تساندها طهران، لكن المحتجين رفضوا تقلّده المنصب…”.
كأن ما جرى بالامس في ساحة النجمة، يجري الآن في العراق. فهل يعلن نصرالله في كلمته الاحد المقبل بالنيابة عن سليماني، أنه صار فعليا “حاكماً” لبيروت وبغداد عبر حكومتين رعى ولادتهما برئاسة أكاديميَّين لبناني وعراقي من الجامعة الاميركية في العاصمة اللبنانية؟ لننتظر الاحد المقبل ونرَ؟
ahmad.ayash@annahar.com.lb