08-01-2021 | 00:00 المصدر: النهار

هل يحمل “الحراك” اللافت للسنيورة معطى يمكن البناء عليه لاحقاً؟
حرك الحراك السياسي الهادىء الذي بدأه الرئيس #فؤاد السنيورة في الايام القليلة الماضية حال الرتابة والجمود الثقيل الذي يلقي بثقله على مشهد تاليف الحكومة وووقف الانهيار المفتوح على اسوا الاحتمالات. ولعل ابرز واخر محطات هذا الحراك قد تبدى في الزيارة التي قام بها الاربعاء الماضي الى رئيس مجلس النواب #نبيه بري وهي من الزيارات التي تعد نادرة. وقد سبقها زيارة قام بها قبلا الى الصرح البطريركي في #بكركي على ان يستكملها في قابل الايام بزيارات لشخصيات ومقامات. وكان واضحا ان الرئيس السنيورة قرن هاتين الزيارتين بحركة اعلامية مميزة تجلت في اطلالتين اعلاميتين مطولتين عبر محطتين غير محليتين اطلق خلالهما كلاما انطوى على حدين اثنين تعاكسان الى حد بعيد مألوف مواقفه: – انخفاض منسوب الحدة تجاه خصومه المعلومين جيدا اي “#حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وتحميلهما كامل تبعات التعثر والعرقلة على كل المستويات. وهو خطاب صارعنصرا اساسيا من عناصر اي كلام يدلي به منذ تولى اول حكومة من حكومتين قيض له ان يؤلفهما بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.- انه اعلن وربما للمرة الاولى عن تقبله لفكرة ان “#تيار المستقبل” المحسوب عليه يتحمل جزءا من مسؤولية عدم الاقدام على مبادرات وطرح افكار اقتصادية خلاقة من شانها ان تقي البلاد والعباد شر الانهيار المالي والاجتماعي المحدق منذ زمن. وبناء على هذا العنصر المستجد في الاداء السياسي للرئيس السنيورة، ثمة ولا ريب من يطرح علامة استفهام كبيرة حول خلفيات هذا الحراك وتوقيته واستطرادا عن هذا الخطاب المتسم بالمرونة وهل ان الامر يندرج في خانة تحرك رئيس حكومة سابق حرص دوما اشد الحرص على ان يغادر ميدان السياسة يوما على رغم خفوت نجمه وتقلص دوره الى درجة الاحتجاب احيانا ؟ ام انه حراك لايطمح الى اكثر من تسجيل المواقف من زاوية “الحكيم الحليم في لحظة الاحتدام والتعثر”؟ او انه خلاف كل ذلك تحرك ممتد يحمل في طواياه امكان ان يصير مبادرة من نوع ما وبالتالي يتعين التبصر في ما ورائياته ؟ ومما يزيد في شرعية هذه التساؤلات ان السنيورة يمضي في حراكه في لحظة فراغ سياسي وفي محطة اقل ما يقال فيها ان لغة الكلام والتحاور قد اوشكت على التعطل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في اعقاب لقائهما الثالث عشر والذي بدد تفاهمات سابقة، وياتي هذا الحراك في مرحلة يصح ان يطلق عليها مصطلح “الانتظار وشراء الوقت الرهان على متغيرات؟”. فضلا عن ذلك فان سؤالا اخر ياتي من صوب خصوم “الحريرية السياسية” عن الدوافع التي حدت الرئيس السنيورة ان يبدأ هذه المرة حراكا منفردا على هذا المستوى وهو الذي اعتاد خصوصا في الاونة الاخيرة ان يؤطر حضوره ضمن نادي رؤساء الوزراء السابقين الرباعي الذي بات يشكل في منظور خصومه المستريبين الحاضنة السياسية لاسناد الرئاسة الثالثة من جهة او في احسن الاحوال جزءاً مكملا للرئيس الحريري من جهة اخرى. لذا وانطلاقا من هذه التجربة لايحبذ هؤلاء (خصوم الحريرية) اطلاقا ان يجدوا انفسهم مستغرقين في ابعاد هذه الحركة ويفضلون ادراجها في خانة اثبات الحضور واظهار نوع من التميز ليس الا فهو لايمكن ان يقدم نفسه كحالة سياسية مستقلة على الاقل بمستوى ومواصفات حركة رفيقه في النادي الرئيس نجيب ميقاتي. المحيطون بالرئيس السنيورة وهم قلة يحرصون على عدم اعطاء هذا الحراك بمحطتيه المتتاليتين (عين التينة وبكركي) ابعادا تتعدى مسالة ان رجلا بمكانة السنيورة وبعراقة حضوره في المشهد السياسي، يؤلمه ولاشك كثيرا ان يشهد بام العين هذا التدهور وانفلات حبل الامور والعجز عن اجتراح اية حلول ومبادرات من شأنها الحد من ات افظع واعظم واطلاق الصرخة المدوية التي تحض الجميع من دون استثناء على “صحوة ضمير” عاجلة لان عامل الوقت سوف يلعب لغير مصلحة البلاد. وكلما تأخر استيلاد الحكومة كلما آل مسار الامور الى تعقيد اكبر على نحو قد يعجز معه الجميع عن فعل اي شىء انقاذي لاحقا. وعليه يضيف هؤلاء، ان السنيورة في نقاشه مع الرئيس بري بدا وكانه يدفع به للمساعدة في انجاز فعل ما قبل فوات الاوان واستتباعا قبل غرق المركب بكل ركابه. وقد عكس السنيورة وفق هؤلاء جوهر ما دار في محادثاته مع رئيس المجلس في التصريح الذي ادلى به من على منبر عين التينة. ويحرص هؤلاء على الايحاء بان فحوى هذا الموقف قد نقله السنيورة الى البطريرك الراعي في اثناء زيارته له. واذا كان هذا باختصار ما يحب المحيطون بالسنيورة الاضاءة عليه من ابعاد حركته الاخيرة، فان ثمة في صفوف الفريق الاخر من يتحدث عن جوانب خفية وعميقة شاءها السنيورةمن وراء حركته السياسية تلك وهي برأيهم تتبدى في الاتي : – ان الرجل يريد ان يملء فراغا سياسيا بعدما غادر الرئيس الحريري الى الخارج خصوصا بعد ارتفاع حدة السجالات وتبادل الاتهامات تحت عنوان ان المسؤولية تقع حصرا على عاتق الرئيس عون الذي لم يتجاوب مع التشكيلة التي سلمها له الرئيس الحريري. – وبمعنى اخر يريد السنيورة ان يبلغ من يعنيهم الامر ان فريقه لم يخل الميدان بل هو حاضر للمواجهة ان اقتضى الحال وللحوار ان استدعى الحال. – ومع ذلك فان في محيط فريقي ” التيار الوطني ” والحزب من يستشف من حركة السنيورة في اتجاه بكركي وعين التينة بعدا اخر فحواه ارسال رسائل مشفرة الى كل من الرئاسة الاولى والحزب خصوصا انه لم يعتد التلاقي معهما او مع احدهما مباشرة، وهو يدرك ان عين التينة هو باب يفضي الى الحزب وان لبكركي مونة في بعبدا. ويبقى ان الجواب اليقين والكلمة الفصل عند الطرفين هو في التيقن من مسالة هل ان السنيورة يعزف منفردا في حركته تلك ام انه يتحرك بوحي وتنسيق اذ ان على كلا الاحتمالين يبني الراصدون ويقاربون هذا الحراك ويتعاملون معه كمعطى مختلف ام انه تعبئة فراغ. ولكن ما يستبعده الطرفان تماما ان يكون في خلفية حركة الرجل سعي خفي لتقديم نفسه مرشحا للعودة ثالثة الى الرئاسة الثالثة لاسيما انه في المرتين السابقتين كان رمز المكاسرة والتصادم.