الرئيسية / home slide / هل لا تزال باريس تعرف لبنان؟

هل لا تزال باريس تعرف لبنان؟

28-06-2021 | 00:25 المصدر: النهار

روزانا بومنصف

هل لا تزال باريس تعرف لبنان؟

من غير المتوقع بالنسبة الى ديبلوماسيين اجانب ان يحدث التلاقي الاميركي الفرنسي في باريس حول تقويم الموقف من #لبنان تغييرا في الدينامية الداخلية المرتبطة وفق هؤلاء بما اذا كان هناك قرار لبناني داخلي بالذهاب الى تاليف حكومة تفاوض صندوق النقد الدولي من اجل وقف المسار الانحداري ام لا. ووفق المعلومات المتوافرة لدى هؤلاء فان شرخا كبيرا يقوم بين المقاربة الفرنسية ومقاربات دول اخرى التقت مع باريس في وقت سابق على اعطاء زخم للمبادرة الفرنسية بالذهاب الى حكومة اختصاصيين مستقلين بعدم وجود قلق معطل فيها لاي طرف. الا ان باريس باتت تظهر ان فهمها للوضع اللبناني مختلف عن الاخرين الى درجة تلاقي ديبلوماسيين كثر ممن عاشوا فيها ولا يزالون على اتصال وثيق بكبار مسؤوليها فضلا عما لمسته دول اخرى على اعتبار ان العاصمة الفرنسية لم تعد تعرف لبنان كما يجب ان تعرفه ومن هنا عدم حماسة دول عدة للسير بالمقاربة الفرنسية التي اصبحت موضع شك. يتفق هؤلاء الديبلوماسيون مع النظرة الفرنسية والاوروبية عموما علما ان الاوروبيين يتركون القيادة ل#فرنسا في الملف اللبناني من ان #تأليف الحكومة هو بين ايدي السياسيين اللبنانيين في الدرجة الاولى في ظل اقتناع بات يكبر اخيرا من ان #انهيار لبنان قد يكون افقده قيمته كورقة مقايضة حتى بالنسبة الى ايران في مفاوضاتها حول الاتفاق النووي. وان التعويل على ما سيصدر من فيينا او من #مباحثات سعودية ايرانية هو مجرد اوهام لان الحل لن يأتي عبر اي من هذين الطريقين بل يأتي عبر لبنان ومسؤولية اللبنانيين في هذا الاطار في الدرجة الاولى.

 اما نقطة الافتراق اذا صح التعبير فهي في تبني باريس منطق تحميل المسؤولية للجميع في تبني ضمني للمقولة المسيحية لمنطق رئيس الجمهورية عن صلاحياته وحقوق المسيحيين ما يضع تعطيل تأليف الحكومة في خانة الرئيس ميشال عون وصهره تحديدا من اجل ان يصل الى الرئاسة الاولى بطريقة التعطيل كما حصل الامر بالنسبة الى الرئيس عون. وهذه نقطة خلاف كبيرة تظهر ابتعادا فرنسيا عن جوهر الموضوع المتصل بتأليف الحكومة والمرتبط وفق مطالعة مجلس النواب في رده على رسالة رئيس الجمهورية او حتى الجدل عبر الرسائل المتبادلة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس ان المسألة لا تتعلق بصلاحيات بل بتعديل ضمني لاتفاق الطائف على خلفية اطاحة صلاحيات رئيس الحكومة ايا يكن، وذلك علما ان تصميم باسيل على اطاحة الحريري وصل الى درجة السعي الى محاولة الاتصال بشيخ الازهر من اجل تبرير رفضه الحريري وتعطيل تشكيل حكومة برئاسته بان المشكلة لا تكمن في الطائفة السنية او العداء لها بل بالحريري فحسب. لكن مسعاه لم يلق اي نجاح بل على العكس.

  التخبط الفرنسي لمسه الديبلوماسيون الاجانب في الفشل الذريع الذي منيت به زيارة وزير الخارجية الفرنسية #جان ايف لودريان الى بيروت في الاونة الاخيرة والتي تميزت بخطاب متعثر وغير متماسك ازاء رفض التعاطي مع الطبقة السياسية والسعي الى تعويمها في الوقت نفسه. وهذا الخلل في استيعاب الفرنسيين لما يجري في لبنان وطبيعة المشكلة ظهرت في محاولة الجمع بين الحريري وباسيل في حين ان الواقع الفعلي هو اخطر من ذلك واعمق بكثير من ذلك. وهناك تأثر واضح بما يعلنه الرئيس عون لجهة رفضه الثلث المعطل كما يقول، في حين ان الحسابات الفعلية تظهر انه يريد اكثر من النصف وليس فقط الثلث. وما قالته السفيرة الاميركية دوروثي شيا قبل ايام قليلة من انها تسمع عن رفض الثلث المعطل لكن الحساب الفعلي لا يظهر ذلك يثير علامات استفهام ازاء امكان دعم واشنطن وجهة النظر الفرنسية في هذا الاطار. كما هناك تأثير ربما من خلال لوبي معين في باريس او لاعتبارات خاصة بالفرنسيين ورؤيتهم للدور المسيحي بناء على المخاوف التي يثيرها الفريق العوني بان المسألة العالقة وراء الفشل في تأليف الحكومة يعود الى انها مسألة مسيحية اسلامية حتى لو لم يقل المسؤولون الفرنسيون ذلك صراحة ولكنهم يتصرفون او يظهرون عبر ردود افعالهم التي تشي بذلك ان هناك اقتناعا بذلك. وهو امر مستغرب قياسا الى ان هناك افرقاء مسيحيين في مقدمهم البطريرك الماروني بشارة الراعي ومطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عودة لا يضعون المشكلة في اطار مشكلة مسيحية اسلامية او الخوف من طغيان موقع رئاسة الحكومة السني على رئاسة الجمهورية المسيحي.

 لا بل ان الافرقاء السياسيين المسيحيين الاخرين لا يذهبون في هذا الاتجاه ايضا على رغم ان لهم حساباتهم السياسية ايضا فلا يدعمون ما يقول به عون ربما من باب الخصومة ولكن رئيس حزب القوات اللبنانية اصدر بيانا اخيرا نفى فيه ما يسمى السعي الى حقوق المسيحيين بل حسابات خاصة. لا بل يخشى ان التحرك الذي قام به الرئيس ايمانويل ماكرون في اتجاه لبنان في زيارتين متتاليتين على رغم التقدير الكبير لذلك من اللبنانيين الذين تطلعوا الى فرنسا مجددا كمرجعية يمكن الركون اليها من اجل انقاذ لبنان من تحكم الطبقة السياسية الفاشلة التي سخرت البلد لمصالحها واستهانت به، كان معبرا في حد ذاته عن عدم استيعاب حقيقي للموضوع. فالجميع مسؤول عن الفساد وما وصل اليه لبنان ولكن المسؤول عن تعطيل تاليف الحكومة وفقا لهذه المصادر هوجبران باسيل تحديدا فيما يخشى ان باريس تهرب الى الامام ونحو تعميم المسؤولية عن فشل التأليف الى عجزها عن الضغط على باسيل ولا تود ان تظهر انها تستهدف وربما لاسباب فرنسية داخلية او اسباب اخرى انها تضغط على الطرف المسيحي وحده باعتباره معطلا فتأخذ الامور في اتجاهات اخرى اكثر شمولية. 

rosana.boumonsef@annahar.com.lb