
- روزانا بومنصف
- 2 حزيران 2020 | 00:01
- النهار

استبق السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين اجتماعا مقررا في بعبدا مع سفراء الدول الخمس الكبرى باعلانه “ان كل المحاولات لتغيير مهمات اليونيفيل لن تنجح” معتبرا “ان حصول امر كهذا سيضر بالجميع الجهات” كما قال. واضاف ان بلاده ستقف في مجلس الامن موقفا ثابتا تقليديا وهو أنها تؤيد “اليونيفيل” مؤكداً أن بلاده تنسق مع لبنان كفريق أساسي يجب الإعتماد على رأيه”. وهو عمليا حسم اتجاه معارضة الموقف الاميركي علنا قبل الاجتماع اللبناني مع سفراء الدول الخمس الكبرى ايا تكن الاسباب الموضوعية او التنافسية مع اميركا في هذا الاتجاه.ويستفيد لبنان هذه المرة وربما اكثر من اي وقت مضى من التوتر الاميركي الصيني حول امور متعددة وكذلك من الموقف الروسي من جملة امور مع الولايات المتحدة من اجل تسجيل ” انتصاره” في “المعركة الديبلوماسية” التي يخوضها منعا لاي خفض في عديد اليونيفيل او مراجعة مهمتها بناء على طلب اميركي بات يتكرر في الاعوام الماضية نتيجة تراجع في الحدود المتاحة امامها. وهذه “المعركة” اخذت بعدا اضافيا في ما اعلنه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من اعتباره ان هذا المسعى الاميركي انما هو مطلب اسرائيلي تتولاه واشنطن. اذ قال “نحن لسنا ضد بقاء اليونيفيل لكن يخطئ الأميركي اذا كان يعتبر أن هذه ورقة ضغط على لبنان، ونشعر أن اليونيفيل مصلحة إسرائيلية أكثر مما هو مصلحة لبنانية من وجهة النظر الاسرائيلية” بحسب قوله. ويظهر واضحا سعي اركان السلطة الى وضع ثقلهم في محاولة تأكيد التزام لبنان القرار 1701 والاصرار على حفظ السلام والامن في الجنوب تجنبا لتخفيض موازنة القوة بحيث ان الدخول من هذا الباب سيؤدي الى تعديل مهماتها ايضا. ولكن قد يتعين على المسؤولين اللبنانيين في المقابل اظهار تعاون فعلي وليس نظريا مع القوة الدولية وليس التضييق على هذه الاخيرة من خلال تصرفات حزبية او وضع المواطنين في القرى الجنوبية في مواجهة القوة الدولية وفق ما بات لعبة مكشوفة يقوم بها “حزب الله” بالنسبة الى اعضاء مجلس الامن. ومن المكابرة بمكان القول ان وجود القوة الدولية لا يخدم لبنان بدليل الاستقتال للتمديد لها مجددا جنبا الى جنب مع اعادة تأكيد التزام القرار 1701 من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة ورئاسة المجلس النيابي. اذ ان توزيع الادوار الرئاسية على هذا الصعيد يهدف الى توجيه رسائل تسبغ اهمية على مدى اهمية القوة الدولية في الجنوب وعلى التزام لبنان القرار 1701 بكل مندرجاته علما انه لم يوضع موضع التنفيذ فعلا.
لكن السؤال هو اذا كانت التأكيدات الرسمية حول التزام القرار 1701 لا تزال تتمتع باي صدقية علما ان تنفيذ مندرجاته يقع على لبنان وعلى اسرائيل ايضا. ففي الاجتماع السابق الذي دعا اليه قصر بعبدا لسفراء مجموعة الدعم الدولية في النصف الاول من نيسان الماضي، تمحور الاجتماع حول طلب لبنان دعم سفراء المجموعة الخطة الاقتصادية للحكومة التي كانت على وشك الولادة فيما اصر السفراء المعنيون على بدء لبنان تنفيذ ما يتعلق بالتزاماته باجراء اصلاحات ضرورية وملحة من اجل مساعدته. وذلك فيما لم يجد كثر سببا للدعوة السابقة سيما وان الدولة اللبنانية لم تكن باشرت انذاك، وهي لم تباشر بعد، الاصلاحات التي يطلبها الخارج من اجل الوفاء بالتزاماته في المساعدة فان لبنان العاجز عن التعاون وفق ما يجب مع القوة الدولية اكان ذلك طوعا او قسرا بحكم عدم قدرته على مواجهة ما يفرضه “حزب الله” على الارض هناك لا يحظى بالدعم الكافي لموقفه في ظل ملاحظات اممية كثيرة حتى لو تولى هذا الدور رئيس الجمهورية بالذات.
والاشكالية وفق ما يراها البعض انه وفيما ان الثقل في القوة الدولية هو لدول من الاتحاد الاوروبي، فان تمويل عمليات الامم المتحدة هو مسؤولية جماعية لجميع الدول الاعضاء في مجلس الامن. والمساهمة الاميركية هي الاكبر في عمليات الامم المتحدة لحفظ السلام بما يتجاوز بكثير مساهمة روسيا او الصين او فرنسا وسائر الدول. ونظرا الى الموقف الذي اتخذه الرئيس دونالد ترامب من منظمة الصحة العالمية ووقف المساهمة فيها، فان هناك ما يمكن ان يعطي الولايات المتحدة قدرة فائقة على التأثير واتخاذ اي قرار تراه مناسبا. وقد شهدت موازنة الفترة 2018 – 2019 انخفاضا بمعدل 1.47٪ مليار على الميزانية المعتمدة للسنة التي سبقتها. ويمكن بسهولة الاستنتاج ان ما شهدته اقتصادات الدول من انهيارات غير مسبوقة بسبب تفشي وباء الكورونا وحاجة الدول كلها وفي مقدمها الولايات المتحدة الى مليارات الدولارات من اجل التعافي الاقتصادي تشكل عائقا امام الاستمرار في مقاربات كانت متاحة سابقا على رغم ان هناك اسبابا اضافية تتصل بواقع القوة الدولية العاملة في الجنوب وعدم تطوير او تفعيل مهماتها الى جانب موضوع “حزب الله” وضرورة تنفيذ لبنان القرار 1701 ما يشكل جوهرا في الضغط في اتجاه الاعتراض على اي زيادة في الموازنة وفقا لما يشير تقرير الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس في تقريره حول الموضوع.
الا ان هذه العوامل جميعها لا تستبعد الابعاد الداخلية ” للمعركة” الديبلوماسية وامكان الايحاء بتسجيل نجاح فيها من خلال ما بذله لبنان او اعتماده على شبكة من العلاقات الدولية على اعتبار انها تعاكس كل الفشل في المقاربات المعتمدة من اهل السلطة على كل الصعد حتى الان.