الرئيسية / home slide / هل تنقذ السنتان المتبقيتان العهد؟

هل تنقذ السنتان المتبقيتان العهد؟

28-10-2020 | 00:00 المصدر: النهار

روزانا بومنصف

هل تنقذ السنتان المتبقيتان العهد؟

 السبت المقبل يبدأ رئيس الجمهورية ميشال عون السنة الخامسة من ولايته الرئاسية المثقلة بعناوين الانهيار الذي اصاب لبنان للمرة الاولى في تاريخه, ولم يعلق احد من السياسيين من اي فريق على المطالعة التبريرية التي قدمها عون لرئاسته في بيانه الرافض لاعادة تسمية الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة قبل يوم من الاستشارات النيابية الملزمة ليس اقتناعا بما قدمه لكن تجنبا لتسعير ازمة سياسية قائمة فيما لا يحتمل البلد ذلك ولا اللبنانيون ايضا ولو ان خلاصة او نتائج السنوات الأربع تتحدث عن نفسها في الداخل والخارج على حد سواء. فالرئيس الذي شاء ان تكون ولايته ركيزة لجعل لبنان “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” وهو مقترح لم يشاركه فيه احد من القوى السياسية لم ينجح ان تشكل رئاسته نواة في الحد الادنى من العلاقات بين مختلف الافرقاء في الداخل. كما ان الرئيس الذي جعل نقطة وحيدة تتكرر في كل اللقاءات مع رؤساء او ممثلين لدول كبرى حول اعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم لم يحقق اي نجاح على هذا الصعيد على احقية هذا المطلب. وليس قليلا ان يستمر تقاذف الاتهامات بين الافرقاء السياسيين بعد اربع سنوات على انتخابه عمن كان له اليد الطولى والمسؤولية في فرض انتخابه ويواجه اطراف التسوية الرئاسية انهيارا في قواعدهم تبعا لذلك. خرج سفراء اجانب من لبنان بعدما انهوا مهماتهم فيه الى مناصب اخرى بخلاصة ان رئيسا حزبيا لا يجب ان يكون رئيسا للجمهورية في لبنان على خلفية عاملين سلبيين ميزا عهد عون ولا افضلية لاحدهما على الاخر بل هما متوازيان : احدهما تخليه مبكرا عن ممارسة الرئاسة الفعلية لمصلحة تسليم صهره جبران باسيل بدء تجربته “الرئاسية” استعدادا للمرحلة المقبلة وفي تقديره انه سيورثه ايضا رئاسة الجمهورية وليس رئاسة تياره فحسب. فكانت النتيجة كارثية وفقا لهؤلاء السفراء على الاقل وهو ما يمكن ان تتم قراءة ترجمته في مقاطعته ديبلوماسيا من ممثلي دول كبرى. وليس المجال للدخول في حيثيات هذا العامل لكنه على المخاطر الكبيرة التي شكلها على عهد عون، فان الاخير لم يقم باي مراجعة لهذا الاداء الذي اعاد تكراره في الاسابيع الاخيرة باشتراطه على الحريري التنسيق مع باسيل في تأليف الحكومة ما ادى الى رد فعل رافض لدى الاخير وتاليا المطالعة التبريرية عن فقدان عهده لاي انجاز ولو حمل المسؤولية الى الجميع دونه ودون فريقه. اظهر عون انه لا يقوم باي مراجعة لعهده فيما انه لم يكن يوما ممن يقرون بانهم يتحملون المسؤولية وليس سواهم فحسب ولا هو استطاع ان يكون رئيسا لجميع اللبنانيين فاظهر منذ الانتفاضة الرافضة له مع كل الطبقة السياسية مستهدفة صهره في شكل خاص كأنه رئيس لتيار وليس رئيسا لكل لبنان. ولا يقل العامل الثاني سلبية عن العامل الاول في ظل تمحور عون في المحور الاقليمي المناهض للدول الخليجية مبررا وصامتا عن حروب حليفه في تفاهم مار مخايل ” حزب الله” وبتنفيذ مستفز لباسيل في وزارة الخارجية. وهذا العامل لا يمكن ادراجه من ضمن الضغط الذي يمكن ان يشكله فريق مسلح حتى اسنانه باسلحة متطورة ويتجاوز الدولة من خلال دويلة تفوق او تتجاوز الدولة بل كان جزءا مكملا من التحالف الاستراتيجي بين الطرفين على خلفية استكمال ما يسمى تحالف الاقليات فحصد باكرا خصومة خليجية وعربية شاملة عبرت عن نفسها في مقاطعة 19 زعيما عربيا قمة تنموية في بيروت في كانون الثاني 2019 وكانت ابرز الاسباب لهروب الاستثمارات والاموال العربية واللبنانية كذلك من لبنان، وهو احد ابرز واهم عوامل الانهيار الاقتصادي في البلاد. لا يمكن تجاهل ما سبق رئاسة عون والتوزع الطائفي والتحاصصي المقيت والمستنزف للدولة. لكنه عمل طويلا لان ينتخب رئيسا. ويلام رئيس الجمهورية انه لم يقمع او يصوب من خلال ادارته البلاد الشطط لدى القوى السياسية في مقاربتها لكل الملفات في البلاد فيما انه بنى شعبيته على اساس انه يطمح الى الاصلاح والتغيير ناسفا المقاربات السابقة. كان لموقعه ومونته ان يتيحا له ان يقوم بذلك في ظل تسوية امنت له دعم الطائفة السنية ودعم الافرقاء المسيحيين فيما ان حليفه كان “حزب الله”، فادرجه المنتفضون من ضمن الطبقة السياسية التي انتفضوا ضدها. اذ كل الاسئلة التي طرحها رئيس الجمهورية في مطالعته الاخيرة قبيل الاستشارات لم يسمع اللبنانيون رئيس الجمهورية يضع الافرقاء السياسيين الموجودين في الحكومة امام مسؤولياتهم او يحرجهم امام الرأي العام. وقد اخذ عليه تجاهله الكلفة الباهظة لملف الكهرباء الذي كان في عهدة فريقه لما يتجاوز العشر سنوات حتى الان بكلفة 62 مليارا من قيمة العجز المالي في لبنان وبالموانع التي حالت دون توقيعه على التشكيلات القضائية التي بقيت عالقة في حكومة اللون الواحد التي تحكم فيها مع الثنائي الشيعي بكل قراراتها. هذه الحكومة التي ابتعد عنها كل الافرقاء “الخصوم” او المعارضين سرعت الانهيار وفشلت فشلا ذريعا في ان تكون خشبة انقاذ للبلد. وقد شكلت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وكلامه في لبنان وجمعه الافرقاء السياسيين اكبر ادانة لعهد كما لطبقة سياسية فشلا في لملمة البلد. والانتقادات المسيحية المتصاعدة في الاسابيع الاخيرة والتي تستهدف الحكومة في شكل خاص تظهر عجزا وعدم رغبة في المس بموقع رئاسة الجمهورية لكنها تشي بحجم الاعتراضات على دور لا يجد اصحابها انه لا يزال يعبر عنهم.  لا يتحمل عون وحده طبعا مسؤولية ما انحدر اليه لبنان لكن الانهيار حصل في عهده. وليس واضحا ما يمكن استدراكه في السنتين المقبلتين في ظل بقاء المقاربات نفسها على رغم انه يمكن استدراك الكثير لا سيما اذا تأمن دعم لحكومة تجمد الانهيار وتضع البلد على الاقل على طريق التعافي او اذا انتهت المفاوضات الحدودية مع اسرائيل الى نتائج ايجابية ولو ان قريبين من الحكم يراهنون على هذين الاعتبارين انقاذا للعهد ومحاولة تعويم لحظوظ باسيل التي تبقى اساسية لدى الرئيس عون. 

rosana.boumonsef@annahar.com.lb