إلياس الديري
النهار
11082017
لقضيَّة معقَّدة، وعلى أكثر من ثلاثة أطواق. ومن نافل القول إن الحكومة مستهدفة، ولا تستطيع التوغُّل في “لعبة” غضِّ الطرف، أو غضِّ النظر كأن شيئاً لم يحصل. أو أن ما يحصل لا يعنيها. والدليل أن خضَّة زيارة دمشق شُطِب موضوعها من محضر جلسة مجلس الوزراء. خطوة عادية لا تقـدِّم ولا تـوخِّر، ولا تردع.
هل يعني هذا “الشطب” أن المسألة انتهت عند هذا الحدّ؟
وزراء ونواب ورؤساء أحزاب رأوا في هذه “المفاجعة” غير السارة محاولة أولى لإبلاغ الحكومة ورئيسها ومَنْ يسندها “أن بعض الأفرقاء يحاول التنسيق مع نظام بشار الأسد بهدف تعويمه”. وهذه المحاولات لم تبدأ اليوم ولن تنتهي غداً. ثمة لعبة أوسع نظاماً من زيارات عاديَّة، وتلبية لدعوات.
فمن يجزم أن الحكومة غير مستهدفة؟ ومن يملك دليلاً واحداً على عدم العلاقة بين هذه “الهزَّة” وإصرار الجيش على التفرُّد بمعركته مع “الدواعش” في رأس بعلبك والقاع؟
ومَن يملك دليلاً على أن إيران “بريئة” من هذه الرسالة، ولا علاقة لها بحكاية الحمل والأسد، والخضَّة الخليجيَّة التي تسبَّبت بها دولة قطر نتيجة “الشبكات التخريبيّة” التي تمدها بالمال والدعم على ما يرد في تعليقات المملكة العربية السعوديَّة ودول الخليج واتهاماتها للدوحة؟
وعند هذه النقطة يمكن إنعام النظر، والتأمل طويلاً وعميقاً في دور إيران وأَبعاد طموحاتها على صعيد المنطقة. وهذا ما “فجّر” غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأعطى “الحكاية القطرية” كل هذه الأبعاد، وجعلها تمرُّ من طريق رأس بعلبك والقاع، بلوغاً النظام ورئيسه في سوريّا…
بالطبع، القابل من الأيام قد يفتح لنا المزيد من التفاصيل والتطورات، لاستبيان الصح من الخطأ.
لا مفاجأة في القول إن لبنان يجد نفسه دائماً بين المطرقة والسندان، وخصوصاً منذ دخلت دمشق بكل ثقلها لتبسط نفوذها من الناقورة الى النهر الكبير. ولتزرع الوصاية في كل نواحي الـ10452 كيلومتراً مربعاً. من هنا ينبع نهر القلق بالنسبة الى كل حركة أو تحرّك في اتجاه دمشق ونظامها.
وجود الرئيس سعد الحريري على رأس الحكومة الحالية من شأنه، على رغم كل الألاعيب، توفير بعض الحلول والمخارج الأقلُّ ضرراً والأكثر حكمة. واستناداً الى مبدأ النأي بالنفس، وإن كان “النأي” لا يستطيع أن يمنع وزراء من زيارة النظام والإصغاء الى وصاياه.
إذاً، من المستهدف؟! المشكلة الكبرى، البارزة، المقلقة في مفاجأة “زيارة النظام” من طرف أقرب حلفائه أنها حصلت في هذا الوقت بالذات. وفيما المنطقة العربية منهمكة بـ”هدايا” الدوحة، بينما لبنان منشغلٌ بالمنازلة التاريخيَّة في الجرود الشرقيَّة.
جبناك يا عبد المعين حتى تعينا، تاريك بدّك مُعين!