الرئيسية / home slide / نظرة قاتمة من الخارج تعكس تعقيدات الأزمة الطويلة: لا مرشّح “الحزب” ولا مرشّح المعارضة سيتمكنان من الحل

نظرة قاتمة من الخارج تعكس تعقيدات الأزمة الطويلة: لا مرشّح “الحزب” ولا مرشّح المعارضة سيتمكنان من الحل

31-01-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”

باريس – سمير تويني

متظاهرون يتجمعون بالقرب من الشارع المؤدّي إلى مجلس النواب (أ ف ب).

متظاهرون يتجمعون بالقرب من الشارع المؤدّي إلى مجلس النواب (أ ف ب).

 تعتبر مصادر ديبلوماسية غربية ان الوضع في الشرق الاوسط مضطرب وغامض من جراء الحرب في اوكرانيا والدعم العسكري الذي توفره إيران لروسيا في حربها على #أوكرانيا، وتاليا فان السياسة الايرانية المزعزعة للاستقرار تخطت الآن منطقة الشرق الاوسط لتصل الى وسط اوروبا. وتزويد طهران موسكو بالسلاح يهدد سلامة القارة الاوروبية، بعدما كانت سياستها تهدد سلامة الوضع في الشرق الاوسط.

ويشوب العلاقة بين ايران والاتحاد الاوروبي الكثير من القلق، بالنسبة الى برنامجها النووي واقترابها من الحافة النووية وتوقف المفاوضات لاعادة إحياء اتفاق عام 2015. ويزداد التخوف في فرنسا من مواصلة طهران سياسة العنف في الداخل والخارج. وتنتهج باريس في هذا السياق مقاربة متوازنة مع طهران تأخذ في الاعتبار الدفاع عن مصالحها والتنديد بالعنف والتحذير من استمرار برنامجها النووي الذي بنظرها لم يعد موجودا ومنعها من الحصول على القنبلة النووية، وفي المقابل تريد باريس الحفاظ على أمن مواطنيها وتعزيز الامن الاقليمي وخفض التوترات من خلال عدم قطع خيوط التواصل بينهما، فالقلق ناجم عن المسار الذي تسلكه الاوضاع في ايران واستدارتها نحو الشرق، اي نحو الصين وروسيا، والابتعاد عن الغرب للبحث عن ضمانات للبقاء. وهذا ما عوّلت عليه باريس من خلال مؤتمر “بغداد 2” وهدفه احياء حوار سعودي – ايراني، من اجل المحافظة على الامن الاقليمي وتعزيزه وتأمين سيادة الدول الحليفة.

وهذا التطور الجديد ادى بالطبع الى اعادة النظر في تفاوض ايران مع الولايات المتحدة وابتعادها عن اوروبا، في حين ادى تقاربها مع روسيا الى اعادة تكوين نظام استراتيجي اقليمي لحماية امن الدولتين واعادة تكوين ديناميكيات اقليمية جديدة.

ولبنان ليس بعيدا عن هذه التحولات التي تؤثر بشكل مباشر على وضعه السياسي. وكان الوضع في لبنان العام الماضي مضطربا ومتوترا مما يجعل التوقعات حول سنة 2023 مشوبة بكثير من الريبة ومن المخاوف من انفجار امني – اجتماعي من جراء انهيار الوضع السياسي والاقتصادي والانساني وشغور موقع #رئاسة الجمهورية.

وتحذر المصادر من “التطرف” الذي يشوب العلاقات بين الاطراف الداخلية والذي قد يؤدي الى مزيد من انهيار #الليرة اللبنانية خلال العام الجاري. كما ان الانسداد السياسي يجعل من المستحيل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، ويفاقم الازمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها البلد من جراء انقطاع التواصل بين الاطراف المؤثرة على الوضع الداخلي والاقليمي.
وتعتبر المصادر نفسها ان لبنان اصبح “دولة مفلسة” في ظل ازمة اقتصادية خطيرة والبلد يحتاج في ظل وضع حساس الى إعادة تصويب الاولويات والقيام بالاصلاحات الاساسية.

وفي ظل الاستمرار في الفراغ الرئاسي وبانتظار نتائج الكباش الدولي والاقليمي تستمر باريس في محاولتها لفتح حوار اقليمي من خلال مؤتمرات اقليمية كما حصل نهاية العام الماضي في عمّان او من خلال اتصالات مع المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وقطر ومصر والولايات المتحدة. وسيعقد في السادس من شباط المقبل اجتماع في باريس يضم هذه الدول على مستوى كبار المستشارين للبحث في المساعدات الانسانية التي يمكن تقديمها الى الشعب اللبناني لمنع الوقوع في المحظور. وسيكون ملف الجيش اللبناني من جوانبه الاجتماعية من المواضيع الأساسية التي سيتناولها المجتمعون للبحث في الامدادات التي يمكن تقديمها للقوات المسلحة اللبنانية لتعزيز تماسكها.

وفي ظل الخلافات الاقليمية والدولية من جراء الحرب الروسية – الاوكرانية سيتم بالطبع البحث في الحلول السياسية والانتخابات الرئاسية لسد الفراغ، لكن الاطراف المتحاورة تعي انه في ظل الخلافات مع روسيا وايران وعدم مشاركتهما في القرار لايزال سد الفراغ الرئاسي بعيد المنال بانتظار المستجدات على الساحة اللبنانية، وان انتخاب مرشح مقرب من “حزب الله” لن يحل الازمة لوجود معارضة قوية في الداخل والخارج الذي بامكانه تقديم المساعدات الضرورية، وانتخابه بأكثرية ضئيلة سيزيد الوضع تأزما. كما ان فوز مرشح للمعارضة لن يؤدي الى حل الازمة لانه لن يُسمح له بالتحكم بالوضع. والاتفاق على مرشح تسوية سيكون لادارة الازمة ولا يمكن التعويل عليه وعلى الحكومة المقبلة للقيام بالاصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي والضرورية لانماء البلد، وذلك في انتظار التطورات الاقليمية والدولية المؤاتية لخلق دينامية جديدة تخرج لبنان من الغرق المستمر في جهنم.

وتضيف ان مواقف “حزب الله” وحلفائه تهدد الاستقرار في لبنان وتمنع انتخاب رئيس للجمهورية والعودة الى المؤسسات مع انتخاب رئيس جديد، وقد فقدت الدولة جميع مقوماتها من جراء تحكّم الحزب وحلفائه بمفاصل الدولة.

وتكرر ان الدول الصديقة للبنان مستعدة وجاهزة لمساعدته على تخطي محنته، ولكن مقابل هذه المساعدة يعود الى لبنان القيام بالاصلاحات المطلوبة في العديد من القطاعات ووقف الفساد المستشري في الادارة اللبنانية. فالغرب يعي تشعبات الوضع اللبناني وليست لديه مطامع للتدخل في الوضع السياسي اللبناني او في تدويل القضاء بعدما عبّر الاسبوع الماضي عن عجزه عن معالجة الملفات الامنية والمالية، بل هو يدعو الى تنفيذ الاصلاحات الهيكلية وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة كي يتغلب لبنان على ازمته السياسية والمالية والاقتصادية وبسط الدولة سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية.