سركيس نعوم
النهار
07052018
تابعت جوابي عن سؤال متعلّق بإيران وملفّاتها المتنوّعة والمتشعّبة طرحه عليّ المسؤول الأميركي السابق نفسه الذي شارك من قرب في عمليّة السلام بين إسرائيل والفلسطينيّين واستطراداً العرب، قلت: أنت تعرف أنّني أحترم الرئيس السابق أوباما بل أحبّه رغم كوني غير أميركي، وانّني كنت مع “الاتّفاق النووي” ولا أزال. لكن لي مأخذ عليه هو الآتي: أعرف كما تعرفون كلّكم أن إيران وعدته بالانخراط معه في حوار أو تفاوض حول الوضع المتردّي في المنطقة انطلاقاً من سوريا بعد التوقيع على “النووي”. لكنّها أخلفت وتابعت مشروعها الإقليمي “التوسُّعي في نظر الكثيرين في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي والعالم الأوسع. وقد سكت على ذلك ولم يفعل شيئاً، كما أنّه فقد اهتمامه الجدّي بسوريا حرباً وإرهاباً وتسوية. كان عليه كرئيس مسؤول عن أمن بلاده والعالم وضع خطّة لمواجهة التنصّل الإيراني من الوعد في حال حصوله وتنفيذها لجلبها إلى الطاولة. وقد فتح ذلك الباب أمام عودة روسيا إلى المنطقة من الباب السوري بطلب إيراني رسمي. وقامت بين الاثنتين علاقة عمل جيّدة لم ترقَ إلى مرتبة التحالف بعد. ماذا عن سوريا؟ سألتُ. أجاب: “ربح بشّار الأسد والإيرانيّون معارك. لكن الحرب لم تنتهِ بعد. تحتاج إلى وقت كثير وتطوّرات سياسيّة وعسكريّة أكثر لكي تنتهي. وبالتأكيد لن يربحها بشّار. سيأخذ “الغوطة” المحيطة بدمشق (فعل ذلك)، لكن ماذا بعد. سوريا مقسّمة ومشرذمة وشعبها لاجئ داخل بلاده وفي أرجاء العالم. هل تحصل حرب إسرائيليّة على لبنان؟” سأل. أجبتُ: نظريّاً احتمال الحرب موجود دائماً. وهذا ما يقوله الإسرائيليّون من جهة والسيد حسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” من جهة أخرى. وهو يعتبر أن توازن الردع بين الاثنين يحول دون اندلاعها. لكنّه يقول أيضاً إنه لن يتسبّب بها أو لن يستدرج إسرائيل إلى شنّها. أمّا إذا حصلت فإنّه وحزبه سيخوضانها بكل قوّة. علّق: “في رأيي أنا لن تقع حرب. لكن هناك عدداً من الإسرائيليّين وأحدهم كان في مكتبي أمس رسم لي خطّة حرب “ورديّة” قابلة للتنفيذ وأكّد أنّها ستُنفّذ. أنا لا أظنّ ذلك. المّهم أن تعرف موقف الإدارة الأميركيّة من ذلك”. علّقتُ: إذا شنّت إسرائيل حرباً مشابهة لحرب الـ 2006 أي غير مُخطّط لها بعناية وجويّة في معظمها فإنّها ستُواجه فشلاً مُماثلاً للأخيرة. أنظر إلى حرب السعوديّة في اليمن. فهي لم تربحها حتّى الآن لأنّها في معظمها جويّة جرّاء عدم قدرة قوّاتها البريّة على خوض حرب هجوميّة في هذه المرحلة. لكنّها رغم ذلك قادرة على الاستمرار في الحرب التي بدأت منذ ما يُقارب السنوات الثلاث. أمّا إسرائيل فإنّها لا تستطيع تحمّل حرباً جويّة على لبنان مدّة طويلة لأسباب متنوّعة معروفة. كما لا تستطيع خوض حرب شاملة لعدم قدرتها على تحمّل خسائرها البشريّة المدنيّة والعسكريّة والخراب الذي ستتسبّب به صواريخ “الحزب” (إيران) لعمرانها. أما إذا شنّت حرباً جويّة ساحقة فإنّها ستُدمّر لبنان كلّه هذه المرّة. لكن النتيجة ستكون مُشابهة إلى حد كبير مع نتيجة حرب الـ 2006. وهي خسارة لبنان عمرانه ومواقعه الحيويّة وبناه التحتيّة وعدداً كبيراً من بشره. لكن “حزب الله” قد يخرج من الحرب رابحاً سياسيّاً وشعبيّاً على الأقل في البيئة الشيعيّةّ. سأل: “ماذا عن لبنان وعون و”حزب الله”. أجبتُ: أوصل “حزب الله” عون إلى رئاسة الجمهوريّة، وتركه يوحي للبنانيّين وفي مقدّمهم المسيحيّين أنه رئيس قويّ وأن كلمته ستكون النافذة. وصدّق الرئيس عون ذلك ومعه “حزبه” ورئيسه الحالي جبران باسيل، وراحا يتصرّفان انطلاقاً من ذلك. طبعاً لم يرتَحْ “الحزب” إلى هذا الأمر وخصوصاً بعدما رأى تحرّكات مريبة لباسيل داخليّة وإقليميّة ودوليّة. وأتت معركة الانتخابات النيابيّة لتُعمّق سلبيّة موقف “الحزب” من باسيل وشكوكه في قدرة عون على تجاوزه بعدما سمّاه “وريثاً” له أو ربّما في رغبته في وضع حدٍّ له. طبعاً سنعرف، لكن بعد الانتخابات، إذا كان تفاهم 2006 بين عون و”الحزب” سيستمر وعلى أي أساس أو إذا كان سينتهي دراماتيكيّاً أو ببطء وهدوء. لكن ما يعرفه المُطّلعون في لبنان وهم كُثُر هو أن باسيل فقد الحظوة عند “الحزب” وربّما ثقته. علّق: “على كلٍّ أنا أعتقد أن لبنان لم يكن يوماً دولة “قوميّة” أو “وطنيّة” وهذا ما تعتقده أنت. كان دولة سيطر عليها المسيحيّون منذ استقلالها، والآن يُسيطر عليها الشيعة لأسباب عدّة منها الديموغرافيا وإيران. فضلاً عن أنّها اعتادت الفساد ممارسةً وتقبّلاً”.
ماذا في جعبة مسؤول أميركي سابق تعاطى مع قضايا لبنانيّة – إسرائيليّة – فلسطينيّة وانتقل إلى حقل الأبحاث منذ سنوات قليلة لأسباب متنوّعة؟
بدأت اللقاء بسؤاله عن احتمال شن إسرائيل حرباً على لبنان جرّاء استمرار تهديداتها له بذلك؟ أجاب: “في رأيي لا يريد السيد حسن نصرالله حرباً مع اسرائيل إنّه متورّط في سوريا، ولا أحد يعرف ماذا سيحصل. لا يريد التورّط في لبنان مع إسرائيل الآن، ولا يريد التسبُّب في تدميره كلّه ولا سيّما المعاقل الشيعيّة فيه مثل الجنوب والضاحية الجنوبيّة للعاصمة والبقاع. كل ما يريده الآن بقاءه قوّة ردع أو بقاء إسرائيل مُقتنعة بأنّه (أي “حزبه”) يمتلك قوّة عسكريّة كبيرة من ضمنها ترسانة صاروخيّة مُقلقة جدّاً. كما صار يمتلك خبرة قتاليّة واسعة بعد اشتراكه في حرب سوريا وتموّله قوّة إقليميّة يُحسب لها حساب، وهي خبرة “حرب العصابات” وخبرة الحرب النظاميّة”. وذلك يمكن أن يؤذيها كثيراً (مفاعل ديمونا – مصانع تحلية المياه – الناس – تل أبيب…)”.
ماذا قال أيضاً عن هذا الموضوع؟