اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / نسبة النمو لم تتخطَّ 2.5% والبطالة قرب 30% والعجز عند 10% والجهات الدولية تحذّر لبنان: باشروا الإصلاحات!

نسبة النمو لم تتخطَّ 2.5% والبطالة قرب 30% والعجز عند 10% والجهات الدولية تحذّر لبنان: باشروا الإصلاحات!


موريس متى
النهار
30122017

يومان وتنتهي سنة 2017 فيما حال لبنان الاقتصادية والمالية ليست على ما يرام، نتيجة الازمات السياسية والامنية، الداخلية والاقليمية، التي انعكست على معظم مؤشراته. أما القطاع المصرفي، فبقي صامداً، لا بل عزّز موقعه وحسّن مؤشراته خلال هذه السنة نتيجة السياسات النقدية والاجراءات التي أقدم عليها مصرف لبنان، والتي ساهمت في حماية الليرة وتعزيز الاحتياطات الاجنبية التي وصلت الى مستويات قياسية.

تشير أرقام ميزانية مصرف لبنان في نهاية 2017، الى أن حجم الموجودات بالعملة الاجنبية لدى المركزي قد وصل الى ما يقارب 42 مليار دولار، أما إحتياطات لبنان من الذهب فقد وصلت قيمتها الى ما يقارب 11.6 مليار دولار. وقد زادت الاحتياطات بالعملة الاجنبية لدى مصرف لبنان بنسبة تخطت 4% بالمقارنة مع نهاية 2016 والبالغ حينها ما يقارب 40 مليار دولار، كما سجلت قيمة إحتياطات الذهب لدى المركزي إرتفاعاً بنسبة تخطت 11% على اساس سنوي. وفي المحصلة، زاد إجمالي الاحتياطات لدى مصرف لبنان من ذهب وعملات أجنبية الى ما يقارب 53.4 مليار دولار مع نهاية 2017، نتيجة الهندسات المالية التي قام بها مصرف لبنان وعزز الاحتياطات بالعملات الاجنبية وبخاصة بالدولار الاميركي، أوصلتها الى مستويات قياسية. وتدل الكتلة النقدية التي ينشر تفاصيلها مصرف لبنان أسبوعياً بوضوح على محدودية التأثيرات التي تعرّضت لها الأسواق النقدية في لبنان بسبب الأزمة السياسية. هذا ويستمر لبنان في تطبيق كل المعايير والتشريعات المطلوبة دولياً كي يبقى القطاع المصرفي اللبناني منخرطا في القطاع المصرفي العربي وفي العولمة المصرفية. وقد طبّق لبنان كلّ ما هو مطلوب لكي تكون المعايير المطبقة في القطاع المصرفي متوافقة مع مقررات بازل 3 وتجاوزت ملاءة القطاع المصرفي الـ15%.

الليرة اللبنانية مستقرة

أدّت استقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة مطلع شهر تشرين الثاني 2017، الى ارتفاع المخاوف لدى اللبنانيين حيال استقرار الليرة اللبنانية، وتداعيات هذه الخطوة المفاجئة على استقرار الوضع النقدي والمصرفي. هذه المخاوف ارتفعت خلال الأشهر الماضية ايضاً وبخاصة بين المواطنين الذين يمتلكون حسابات مصرفية بالليرة وتوظيفات بالسندات اللبنانية، نتيجة ارتفاع حدة المواجهة الخارجية مع حزب الله وقرب فرض العقوبات الجديدة عليه. لكن، ورغم عمليات البيع التي شهدتها الليرة اللبنانية في مقابل الدولار خلال الايام الاولى بعد إستقالة الحريري والتي لم يتخطّ حجمها 1.3 مليار دولار، بقية الليرة اللبنانية مستقرة وبأمان بدعم اساسي من احتياطات مصرف لبنان القياسية. هذا وساهمت الهندسات المالية التي نفّذها مصرف لبنان في تراكم هذا المستوى الضخم من الاحتياطات الاجنبية، والتي تؤكد الثقة الدائمة بإمكان تدخّل المركزي لحماية الليرة.

استمرار التصنيف الضعيف

خلال سنة 2017، فشل لبنان في تحسين تصنيفه الائتماني، رغم كل المحاولات التي قامت بها الحكومة والسلطات المالية لإقرار الاصلاحات اللازمة للسيطرة على تآكل المالية العامة وتدهور الوضع المالي المتسارع. فقد قامت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني بإبقاء تصنيف لبنان الائتماني عند “ب/ب-” مع نظرة مستقبلية مستقرة. كما توقعت أن يلقي عبء الدين العام بظلاله على الحكومة اللبنانية، ويبقى مرتفعاً جداً حتى 2020. وخلال 2017، قررت الحكومة زيادة أجور القطاع العام وزيادة الضرائب لتغطية التكاليف مع إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب وقانون الضرائب الجديدة لتمويلها، مما دفع وكالة “موديز” الى خفض تصنيفها الائتماني للبنان. وحذت الوكالة حذو نظيرتها “فيتش” التي أبقت هي الأخرى في وقت سابق تصنيف لبنان السيادي عند  ب /ب-مع نظرة مستقبلية مستقرة، وسط مخاوف من الارتفاع الشديد بنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. وأكدت “فيتش” أن التصنيف يعود إلى الضعف البالغ للأوضاع المالية العامة وارتفاع المخاطر السياسية والأمنية وأداء اقتصادي هزيل. وكان خفض وكالة “موديز” تصنيف سندات الخزينة اللبنانية طويلة الأمد من ب 2إلى ب3، وبرّرت الوكالة الدولية خفض التصنيف بالتدهور المستمر للمالية العامة، وضعف النمو وزيادة الدين العام، وتآكل البنى التحتية نتيجة اللجوء السوري، وكلها عوامل تجعل لبنان أكثر تأثراً بالصدمات الخارجية.

المؤشرات المالية

المؤشرات السلبية تظهر بوضوح على صعيد المالية العامة مع تفاقم العجز العام وبلوغه أكثر من 10% من الناتج المحلي، ووصول الدين العام إلى مستويات قياسية تلامس الـ80 مليار دولار بما يوازي 150% من الناتج المحلي، بالاضافة الى تراجع مجموع الصادرات الصناعية بنسبة 5% خلال 2017. بدورها، توقعت بعض وكالات التصنيف ومنها “فيتش”، ان يكون تقلص عجز الميزانية إلى 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2017 ثم إلى 8.9 % في 2018-2019. كما توقعت أن ترتفع نسبة الدين الحكومي إلى الناتج الإجمالي لتسجل نحو 155% في 2019.

صندوق النقد يحذّر…

زيارات عدة قامت بها وفود من صندوق النقد الدولي لبيروت خلال 2017، بحث خلالها مع المسؤولين اللبنانيين في آخر التطورات المالية والاقتصادية اللبنانية. وخرج الوفد من لقاءاته الاخيرة ليؤكد مرة جديدة أن الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان لا يزالان يعانيان من صعوبة في ظل العجز الكبير في الحساب الجاري من ميزان المدفوعات والذي قارب 20% من الناتج المحلي مع دين عام قياسي، بالاضافة الى ما يتحمله الاقتصاد من تداعيات سلبية لكلفة اللجوء السوري. وشدّد الوفد على ضرورة وضع الجهات اللبنانية كل ثقلها لتحفيز النمو الاقتصادي وتوفير النمو المستدام، مع العمل على وقف تنامي الدين العام والاسراع في إعتماد سياسة مالية موجهة نحو خفض نسبة الدين من الناتج المحلي.

استمرار ارتفاع كلفة اللجوء

خرج وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري في نهاية تشرين الاول ليعرض أرقاماً وإحصاءات قال إن مصدرها البنك الدولي والمجتمع الدولي، مشيراً الى ان الأزمة السوريّة كلفت الاقتصاد اللبناني 18 مليار دولار منذ 2011 حتى 2017، وفاقت اليد العاملة للنازحين 384 ألفاً، وأصبحت نسبة البطالة وفق الاحصاءات عند اللبنانيين 30%، وزادت نسبة الفقر 53% في الشمال، 48% في الجنوب و30% في البقاع، أمّا الرقم الصادم فهو أنّ لبنان يستقبل قياساً بعدد سكانه، النسبة العليا من النازحين في العالم، أي 35%. وأفاد “أنّ الأزمة السوريّة زادت الطلب على الطبابة بنسبة 40%، فيما زاد استهلاك الكهرباء بحيث أصبح لبنان يستهلك 486 ميغاواط اضافيّة من الكهرباء. وزاد الإنفاق في الصرف الصحّي بنسبة 40%. والمشكلة الكبيرة هي في التعليم، إذ وصل عدد التلامذة السورييّن الى 200 ألف، كما أنّ السجون أصبحت مكتظّة، ويمضي القضاة وقتاً طويلاً لمعالجة قضايا اللاجئين.

maurice.matta@annahar.com.lb

اضف رد