الرئيسية / home slide / نساء من بلادي: سلوى روضة شقير أول فنانة تجريدية منحت الحجر ما في قلبها فحكى!

نساء من بلادي: سلوى روضة شقير أول فنانة تجريدية منحت الحجر ما في قلبها فحكى!

10-10-2020 | 21:50 المصدر: “النهار”روزيت فاضل @rosettefadel

بعض منحوتات للفنانة التجريدة القديرة سلوى روضة شقير

لا يمكن التغاضي عن شخصية تلك الفتاة، التي دافعت عن قناعاتها وواكبت طموحاتها في الفن، الذي جعلها دائماً الأكثر شباباً ودفئاً وتجدداً.

في كتابها نساء من بلادي، تتوقف الدكتورة ناديا الجردي نويهض عند بدايات سلوى روضة، مشيرة الى أنها “منذ أيام الدراسة، كانت تلميذة في المدرسة الأهلية في عهد ماري كساب ترسم على كل مساحة تصادفها”.

وفي بروفيل خاص، ذكرت نويهض أنها “أبصرت النور في العام 1916، وكانت تتمايز بشيء من الحيوية والحركة الدؤوبة والتساؤل الدائم عن كل ما يحيط بها من أسرار الحياة والوجود”.

من فروخ الى الأنسي

عن شبابها، ذكرت نويهض أنه “تناهى الى سمعها أن الرسام مصطفى فروخ يعطي دروساً في الرسم كل يوم سبت في الجامعة الأميركية في بيروت، فهرعت إلى الانضمام الى تلك الدروس”. وتابعت: “بعد ذلك انضمت الى محترف عمر الأنسي، وهكذا تتلمذت منذ الأساس على فنانين يعتبران حتى الآن من أعلام الرسم في لبنان والمنطقة برمتها”.

وكشفت “أنها كانت لديها رغبة في اكتشاف العالم، وهكذا سافرت الى العراق ومصر. ثم عادت الى كلية بيروت للبنات الجونير كلوج حيث ملأت أجواء الكلية برسومها الصاخبة “. وذكرت أن “ميلها كان قوياً في تلك الأيام للفن الكاريكاتوري، فلم يسلم أساتذتها وزميلاتها من رسوماتها الطريفة”.

شارل مالك

كيف شقت طريقها المهنية؟ ذكرت نويهض أنها ” ين العام 1944 و1946 عملت موظفة في مكتبة الجامعة الأميركية، وفي الوقت نفسه كانت تتابع دراستها في الفلسفة، والتاريخ والأدب والفن وأثارها في تلك الأيام إصرار أستاذها شارل مالك على أن العرب لا يعرفون فن الرسم ،وإن كل ما أنتجوه في هذا الميدان لا يخرج عن حدود التزين والأشكال الهندسية، فراحت تبحث عن الحقيقة في بطون الكتب، لأنها لم تكن مقتنعة بهذا الرأي”.

برأي نويهض “كان عملها في مكتبة الجامعة خير عون لها في مهمتها، فراحت تنهل المعرفة حيث درست القرآن والفيزياء والكيمياء ومختلف العلوم عند العرب، وتأثرت خاصة بالتصوف والمتصوفين”.

الفن وباريس

وشددت أيضاً على أنه “في حمى بحثها، اكتشفت سلوى روضة شقير أن ثمة تلاقياً بين ما أعطاه العرب القدماء وملامح الحداثة في القرن الماضي. وكانت انطلاقتها الأولى عام 1946 مع الهندسيات يوم لم يكن هناك فنان واحد يخرج عن الكلاسيكية، مؤمنة أنها تفتح بذلك طريقاً جديدة في الفن لحمته وسداه الروح العربية الإسلامية”.

الى باريس

انتقلت سلوى شقير، وفقاً لنويهض “إلى باريس وأخذت فكرة تراود طموحها الشاب ولكن من أين لشابة في عمرها أن ترحل الى عاصمة الفن؟…”.

قالت: “تأتيها الفرصة بسفر صهرها فؤاد النجار إلى فرنسا، فيسمح لها الأهل بعد إلحاح شديد بالذهاب معه فترة محدودة، فحملت معها لوحاتها الثلاث عشرة  وكانت رحلة العمر”.

وإنتقلت الى باريس حيث أحست، وفقاً لنويهض، “بأن مكانها هناك، وأنها بحاجة الى المزيد من البحث والتجارب على صعيد الجسم الإنساني العاري”. وقالت إنها “طلبت من صهرها، الذي كان متفهماً أوضاعها أن يتركها وحدها في خوض مغامرة في باريس، فقبل بالأمر الواقع”.

ولفتت إلى أنها “تسجلت في كلية الفنون الجميلة وأخذت بطاقة الإقامة وذهبت الى الناس تتعرف إلى ميولهم الفنية، وانطلقت على سجيتها في المدينة”. وأضافت: “في بداية الخمسينات كان الصراع محتدماً في باريس بين العقلانيين والتقليديين والروحانيين الذين ينادون بالانطباعية التجريدية وجماعة “ماثيو ومنافسيه وملكوت”.

وأوضحت: “كان أن أسس “ديوان” محترفاً للفن التجريدي عهد بإدارته لسلوى، وكان هذا المحترف أكثر من مدرسة لها، فقد مكنها من الاحتكاك بفناني العصر عن طريق المحاضرات والحوارات وتنظيمها”.

وأكملت نويهض سرد حياة شقير مشيرة الى أنها “في العام 1951، اشتركت في معرض الحقائق الجديدة، الذي كان قد أسس قبل عامين وكان يعرض للتجديديين فقط”. وتابعت: “في ذاك العام، زارت سلوى الفنانة الفرنسية كوليت الندي وحملت إليها بعض أعمالها الفنية، وكوليت هي صاحبة الغاليري المشهورة فأعجبت بأعمالها وقالت لها: صالتي مفتوحة لك”.

من باريس الى بيروت

وشددت نويهض على أن سلوى روضة آثرت العودة الى بيروت لتقيم معرضها الأول في مدرسة الآداب العليا في طريق الشام برعاية رئيس الجمهورية آنذاك. هذا المعرض، الذي ضم أعمالها البارسية، كان مثار دهشة كثيرين.

بعد زواجها من السيد يوسف شقير في العام 1953 وإنجابها ابنتها الوحيدة هلا، سافرت سلوى، وفقاً  لنويهض إلى أميركا بـ”منحة تخصص تعرفت فيها على أعلام معاصرة”. 

في رصيدها، تناولت نويهض مسيرة سلوى روضة شقير، التي بدأت من خلالها مشاركتها بمعارض جماعية وصولاً الى منحها جوائز عدة منها جائزة بينال الاسكندر عام 1968، وجائزة متحف سرسق لأعوام 1965، 1966 و1967 وصولاً الى اختيارها كلبنانية وحيدة غير مقيمة في باريس للاشتراك في معرض عالون دوميه.

توفيت سلوى في العام 2017 بعد رحلة طويلة وهي في الترتيب بعد فروخ والأنسي والدويهي ورشيد وهبه، وتعبيرها الفني الهندسي منذ العام 1946 كان ثورة صارخة على كلاسيكية هؤلاء جميعاً”.

Rosette.fadel@annahar.com.lb

Twitter:@rosettefadel