الرئيسية / home slide / نجومية القمة للسعودية أم لسوريا؟

نجومية القمة للسعودية أم لسوريا؟

19-05-2023 | 00:25 المصدر: “النهار”

روزانا بومنصف

روزانا بومنصف

استقبال الأسد في السعودية (أ ف ب).

استقبال الأسد في السعودية (أ ف ب).

تبدو عودة النظام السوري ورئيسه بشار الاسد الى مقعد #سوريا في الجامعة العربية “نجم” القمة التي تنعقد في جدة برئاسة المملكة #السعودية بعد اكثر من عقد على ابعاده عنها، وذلك على اثر مواجهته في العام 2011 ثورة السوريين ضده بالحرب العسكرية التي اودت باكثر من نصف مليون قتيل وملايين المفقودين واللاجئين. واكثر ما يلفت هو الاهتمام بغضب الغرب ازاء هذه الخطوة بعيدا من الاهتمام بمفاعيل ذلك على الشعب السوري بداية وعلى المنطقة ككل. بالاضافة الى ان البراغماتية المعلنة لاعادة النظام من عزلته واعادة تعويمه لا يبررها منطق انعدام الحل الخارجي للازمة السورية ونجاح النظام في الصمود بدعم روسي وايراني في غياب اي شروط معلنة على الاقل او تعهدات لتغيير منهجيته واحداث تعديلات في نظام الحكم في سوريا. وهو امر لن يضمن حكما تغيير ما كان عليه واستمرار مقاربته الدموية في مواجهة شعبه في الوقت الذي يقلق قبول الدول العربية اعادة النظام من دون اي محاسبة بل استيعابه كما لو انه يكافأ او تقدم له هدايا مجانية اقله وفق الرسالة التي يوجهها ذلك الى الشعوب العربية كما الرأي العام الدولي على حد سواء. واعادة فتح الابواب امامه على اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري تشكل النموذج الابرز على منهج لدى النظام لا يحيد عنه .

الا ان مراقبين ديبلوماسيين يرون انه وان بدا الموضوع السوري في الواجهة ، فان النجم الفعلي في القمة العربية هو السياسة الخارجية المحدثة لدى القيادة في المملكة السعودية التي فاجأت اولا باصرارها على اعادة سوريا على رغم الاعتراضات من بعض الدول العربية وحسمها على نحو قاطع الاتجاه الذي تريده في الاجتماع الوزراي العربي الذي انعقد في شهر نيسان المنصرم لهذه الغاية ورفض الاعتراضات من الدول العربية على ذلك . وهي خطوة مفاجئة في المسار الديبلوماسي المحدث الذي انطلق بزخم على الاقل في اعلان اتفاق سعودي ايراني في بكين وبرعايتها في 10 اذار الماضي. المؤشرات لتحديثات على السياسة الخارجية السعودية شغلت الاعلام العالمي ودوائر القرار في ادارة علاقات دقيقة مع الغرب وروسيا في ظل رفض الاصطفاف الى اي جانب في الحرب الروسية على اوكرانيا وفي مد وجزر في العلاقات مع الحليف التاريخي الذي تشكله الولايات المتحدة ولا سيما في موضوع عدم التجاوب مع الموقف الاميركي من اسعار النفط . وهي برزت كذلك في الانفتاح الكبير على الصين واستقبال الزعيم الصيني كما في استقبال الرئيس الاميركي بحيث برزت بوادر تأسيس القيادة السعودية لموقع اقليمي للمنطقة اكثر قوة واكثر تأثيرا . وقد ساعدت الحرب الروسية على اوكرانيا في بلورة موقع اقتصادي اكثر اهمية للمملكة السعودية ودول الخليج على صعيد الطاقة وعزز اهميتها الاستراتيجية والتحول العالمي نحو مخزونها الاستراتيجي من الطاقة فمع ان البعض يعزو اعادة استيعاب النظام السوري الى تداعيات او انعكاسات الاتفاق السعودي الايراني، فان القيادة السعودية التي تضع ثقلها بمحاولة التوفيق بين طرفي القتال في السودان وانهاء الحرب في اليمن تواجه تحديا ازاء استعادة النظام السوري او استعادة سوريا نفسها الى الجامعة العربية بما يعنيه ذلك من احراز تقدم في انهاء الحرب التي يشنها الاسد ضد معارضيه او انهاء معاناة اللاجئين السوريين او استيعاب المعارضة . اذ ان قيادتها الاقليمية لذلك كله يرتب عليها مسؤوليات قيادية لمتابعة تأمين الحلول كذلك في الوقت الذي يخشى البعض من ان الحاجة الى انجاز ذلك بسرعة تحت وطأة اعتبارات كثيرة قد يؤدي الى احتمالين : احدهما هو حرق المراحل على نحو قد يخشى من ارتدادات معينة لذلك . والاخر ، وهو الاكثر ترجيحا ، هو عدم مجاراة الدول او الاطراف التي تتم لملمتها او عدم مواكبتها هذه القيادة الاقليمية للسعودية في اهدافها واحتمال بروز مصالح متداخلة لدول اخرى قد تفشل ذلك او تشوهه.

ويؤدي دخول المملكة السعودية والدول العربية على خط سوريا الى الالتفاف على كل من الدول الاقليمية التي تحجز مواقع ميدانية لها على الاراضي السورية اي ايران في الدرجة الاولى وتركيا لا سيما بعد تحولات فرضت اولويات داخلية محرجة بالنسبة الى كلا البلدين وفق ما ظهر في الصعوبات التي واجهت ايران في اخماد احتجاج المرأة الايرانية ضد الحجاب فضلا عن الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تقلص الدعم لمشيئتها في المنطقة او ما يواجهه الرئيس رجب طيب اردوغان في اعادة انتخابه على سبيل المثال مع التحديات الداخلية الكبيرة التي اضطرته الى العودة الى رأب الصدع مع الدول العربية المؤثرة . ومع ان اسرائيل هي الطرف الثالث من المعادلة الثلاثية المؤثرة والتي تتنازع عليها في المنطقة الى جانب البلدين الاسلاميين الاخرين اي تركيا وايران، فان اسرائيل تنتظر بفارغ الصبر تطبيعا معها من المملكة السعودية يضعها على مستوى اخر من انفتاح المنطقة العربية عليها وفي التعاطي مع الموضوع الفلسطيني في الوقت الذي تواجه ازمات داخلية لا تنتهي . فيما روسيا الشريك المهم في سوريا كذلك لديها مشاغلها وتحدياتها التي لا تسمح لها بلعب دورها في سوريا . ومع ان كثرا اعادوا الاتفاق السعودي الايراني في شكل اساسي الى اهمية تحقيق استراتيجية القيادة السعودية انهاء حرب اليمن تحقيقا لرؤية 2030 الاقتصادية الانمائية واطلاق رؤية داخلية مختلفة وتأمين سبل انجاحها ، فان المراقبين الديبلوماسيين انفسهم باتوا يدرجون ذلك في اطار رؤية جديدة للمنطقة تجمع اكثر بين الديبلوماسية السياسية والقدرات الاقتصادية وتوظيفها من اجل او في خدمة احداهما الاخرى وتحاول ان تقطف في لحظات مؤاتية في المنطقة وحتى في العالم كذلك .


rosana.boumonsef@annahar.com.lb