الرئيسية / home slide / مَن يتحمّل من أهل الطبقة السياسيّة مسؤوليّة زوال لبنان؟

مَن يتحمّل من أهل الطبقة السياسيّة مسؤوليّة زوال لبنان؟

لم يبقَ مسؤولٌ واحدٌ من أهل الحكم في لبنان، إلّا وصلته “رسالة” وزير الخارجيّة الفرنسيّ، المختصرة جدًّا والواضحة جدًّا والمرعبة جدًّا: لبنان في خطرٍ محدقٍ وهو على طريق الزوال إذا لم تتلقّف الطبقة السياسيّة هذا الخطر، وتُسارع إلى اتّخاذ الخطوات الجذريّة التي تحول دون زواله.

تعرف الطبقة السياسيّة اللبنانيّة تمام المعرفة، وخصوصًا أفرقاء السلطة في الموالاة والمعارضة، الذين تتألّف منهم هذه الطبقة، أنّ الإصلاحات البنيويّة التي تمنع زوال لبنان، هي نفسها الإصلاحات التي تفضي عملانيًّا إلى إزاحتهم، وإنهاء استيلائهم، وشلّ أيديهم، وإطلاق رصاصة الرحمة على وجودهم أجمعين.

بسبب هذه المعرفة الجليّة، تمتنع السلطة اللبنانيّة، عهدًا ورئاسةً وحكومةً ووصيًّا على هؤلاء، بل تمتنع الطبقة السياسيّة برمّتها، عن مباشرة هذه الإصلاح.

المعادلة واضحة: إمّا أنْ يبقى لبنان، وإمّا أنْ تبقى هذه الطبقة السياسيّة.

المعادلة هذه يجب إيرادها على الشكل الحرفيّ الآتي: إمّا أنْ يزول لبنان، وإمّا انْ تزول هذه الطبقة السياسيّة.

لا خيار ثالثًا بعد الآن، ولا أنصاف حلول، ولا تدوير للزوايا، ولا هرب إلى الأمام ولا إلى الوراء. لقد انتهى وقت المناورات والألاعيب. وليتحمّل كلٌّ من هؤلاء المسؤولين مسؤوليّته السياسيّة، وما يترتّب عليها، إنْ بالنسبة إلى الكيان والوجود والدولة والجمهوريّة، وإنْ بالنسبة إلى أفراد اللبنانيّات واللبنانيّين، أو إلى المكوّنات اللبنانيّة منفردةً ومجتمعةً على السواء.

لم يسبق لأيّ دولةٍ، ولا لأيّ مسؤولٍ في العالم، أنْ أطلقا صرخةً كهذه الصرخة الفجّة، الصريحة، المتعلّقة بمصير لبنان، وباحتمال زواله.

وإذا كان البعض يأخذ على فرنسا ما يأخذه، بصرف النظر عن صحّة هذا المأخذ أو عدم صحّته، فإنّ هذا البعض، كما غيره من الأطراف اللبنانيّين، يعرف تمامًا، أنّ موقف فرنسا هذا، بمضامينه وبحيثيّاته، يبتغي، في آخر المطاف، بقاء الجمهوريّة اللبنانيّة، بدليل أنّ ما تطالب به فرنسا من إصلاحات هو جوهر ما يطالب به أهل هذه البلاد، الأحرار، الثوّار، الجوعى، المرضى، الفقراء، التائقون إلى دولة مدنيّةٍ، علمانيّة، سيّدةٍ، حرّة، قويّة، ومستقلّة.

أخشى ما أخشاه، أنْ لا ينبري أحدٌ من هؤلاء “الفرسان” إلى فعل ذلك، قبل فوات الأوان.

للتذكير، أستعيد عبارات الوزير الفرنسيّ في هذا الصدد: “السلطات اللبنانيّة لديها مسؤوليّة تأليف حكومةٍ تضطلع بمهمّة إجراء الإصلاحات الضروريّة، وإلّا فإنّ المحتمع الدوليّ لن يتجاوب مغ لبنان. لن نقدّم شيكًا على بياض لحكومةٍ لا تجري ما يلزم من إصلاحاتٍ في البلاد. لبنان في حالة طوارئ صحيّة وسياسيّة وثمّة خطرٌ محدقٌ بزوال لبنان. إذا أردنا بقاء لبنان، لا بدّ من اتخاذ هذه التدابير على وجه السرعة”.

مَن يملك من أهل هذه الطبقة، الشجاعة والفروسيّة والرجولة والبطولة والنبل و… الشرف الوطنيّ لـ”التضحية” بوجوده (حول قالب الجبنة) من أجل تحقيق هذه الإصلاحات، ومن أجل بقاء لبنان؟!

حتّى الآن، لا أحد. لا أحد انبرى إلى هذه المهمّة حتّى الآن!

Akl.awit@annahar.com.lb