الرئيسية / مقالات / مَن قصد نصرالله بقوله: لا تمزح بالفصل السابع؟

مَن قصد نصرالله بقوله: لا تمزح بالفصل السابع؟


17-02-2021 | 17:08 المصدر: “النهار”

أحمد عياش

مشهد من الحدود الجنوبية (أ ف ب).

A+A-بدأ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يقترب من نار أزمة تأليف الحكومة. هكذا بدا في الكلمة التي ألقاها في “الذكرى السنوية للقادة الشهداء”. وقبل الذهاب إلى تقييم مقاربة نصرالله لهذه الأزمة، بدا وكأنه يخشى من امتداد نارها إلى بيئته الداخلية. وقد ظهرت هذه الخشية عندما توقف مليّاً عند الكلام المتداول أخيراً حول الفصل السابع. قبل الذهاب إلى الحديث الداخلي عن هذا الفصل، والسر الكامن وراء انفعال نصرالله حياله، من المفيد توضيح ماهيته الدولية. ففي ميثاق الأمم المتحدة ورد عنوان “الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان”. وجاء في المادة 39 منه: “يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، ويقدّم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه”. أما في المادة 41 الواردة في المادة 39: “لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء “الأمم المتحدة” تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية”. وأخيراً في المادة 42: “إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال التظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة”. بالعودة إلى كلام نصرالله الأخير فهو قال: “سمعنا قبل أيام من أكثر من نائب، ومن نائب آخر أيضًا قيل لي، أنا لم أسمعه بشكل مباشر، ولكن قيل لي وبعض الأوساط التي تتحدث وتهدّد أنّ بعضهم وجه التهديد إلى فخامة الرئيس مباشرة، وأنّه إذا لم توّقع على تشكيل الحكومة، نحن سنسعى للحصول على قرار دولي تحت الفصل السابع، “مين ما كان صاحب هذا التصريح”، بأيّ موقع سياسي كان. أريد أن أقول هذا موقف مستهجن، وهذا موقف مرفوض لأنّ أي كلام عن قرار دولي تحت الفصل السابع هو دعوة إلى الحرب، هو دعوة إلى الخراب، هو دعوة لمجيء قوات احتلال إلى لبنان، بل إلى احتلال لبنان من قوات أجنبية، وهذا لا يجوز السكوت عنه ولا يمزح أحد بهذا الموضوع يطلع أنّه معصب أو طالع (خلقه) أو ما شاكل”. من هو النائب الذي ألمح إليه نصرالله؟ في السابع من الجاري أطلّ الكلام عن الفصل السابع في تغريدة للنائب أنور الخليل عبر “تويتر” فكتب: “بعد تأكيد الرئيس بري مبادرته لتأليف الحكومة العتيدة وتفاهم أميركا وفرنسا على ضرورة التأليف، لبنان أمام حلّين: إما تلقف مبادرة الرئيس بري التي أكد متابعتها لنهايتها أو قد يفرض الحل تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. فخامة الرئيس اعقد العزم وسر بالحل الذي يحفظ كرامة لبنان”. طبعاً أشعلت هذه التغريدة من النائب الخليل عضو كتلة “التنمية والتحرير” التي يترأسها الرئيس نبيه بري ردود فعل فريق الرئيس عون. إلى أن جاء نصرالله ليقول ما قاله بعد مرور نحو 10 أيام على هذه الواقعة. فهل من أسباب لم يعلنها نصرالله لردة فعله على تغريدة الخليل؟ في معلومات لـ”النهار” من أوساط نيابية محايدة، أن ردة فعل الامين العام لـ”حزب الله” على تغريدة عضو بارز في كتلة نيابية تمثّل الجناح الآخر في الثنائي الشيعي، لم تأت من فراغ. فعلى الرغم من توضيح صادر عن مكتب النائب الخليل الذي رفض استخدام الفصل السابع، فهناك “جمر تحت رماد الأزمة الحكومية”. ورأت أن البيئة الحاضنة للثنائي، مثلها مثل سائر البيئات في لبنان، أصبحت الآن في عين العاصفة التي وصلت إليها الأزمة في لبنان. ولفتت إلى أن بيئة الثنائي في معظمها تنتمي إلى فئة تعيش من رواتب القطاع العام. وبعد انهيار القدرة الشرائية بفعل التراجع المخيف في سعر صرف الليرة، صار الحديث اليومي في هذه البيئة من الجنوب إلى البقاع مروراً بالضاحية الجنوبية لبيروت هو حول “من يقبض بالدولار ومن يقبض بالليرة”. ولا يخفى أن الفئة التي تتقاضى رواتبها بالدولار هي تابعة لـ”حزب الله”. أما الفئة التي تقبض بالليرة فهي التي تنتمي لحركة “أمل”. بالطبع، وبحسب هذه الأوساط، فإن قضية الانهيار في الأحوال المعيشية تطاول معظم اللبنانيين والمقيمين في هذا البلد. وأشارت إلى أن الأزمة الحكومية صارت عنواناً يومياً في هذا الانهيار. وسألت: “هل ما طرحه السيد نصرالله من تسوية للخلاف الحكومي كافياً لإنهائه؟”. وتجيب على هذا السؤال بالإعراب عن مخاوفها من أن لبنان ما زال بعيداً من نهاية أزمة تأليف الحكومة. قال النائب أنور الخليل ما قاله حول الفصل السابع ثم تراجع عنه. وردّ نصرالله عليه من دون أن يسميه قائلاً: “لا يمزح أحد بهذا الموضوع”. لكن الحقيقة المُرة تقول إن الفصل السابع هو نهاية مطاف أزمة لبنان إذا ما استمر تماديها، وربما يكون فيه حبل الخلاص. ahmad.ayash@annahar.com.lbالكلمات الدالة