البروفسور ميشال معوض
20 آذار 2017
النهار
تحدى البروفسور الأميركي اللبناني الأصل ميشال معوض السكتة الدماغية، وحولها من مرض لا يمكن علاجه الى مفهوم “فالج عالج”، وذلك بإصراره، وايمانه بتسخير التطور والطب لخدمة الإنسان، وبراعته العلمية وتفوقه.
بعد إنهائه دراسة الطب في لبنان، غادر البروفسور معوض ليتابع تخصصه في الجراحة الباطنية لشرايين الدماغ في معهد علوم الأعصاب ومستشفيات جامعة “كولومبيا “في نيويورك على أن يعود بعد 4 سنوات، لكنها زيارته امتدت نحو 40 عاماً.
عاد اليوم عميداً لكلية جيلبير وروز ماري شاغوري للطب في الجامعة اللبنانية الأميركية، بعد 32 عاماً أمضاها في كلية “بايلور “للطب في تكساس، حيث عمل في مجال الأمراض الدماغية الوعائية، وكان رائداً في تطوير عدد من التقنيات لعلاج الاضطرابات الدماغية، مثل تمدد الأوعية الدموية، التشوه الشرياني الوريدي، السكتة الدماغية وغيرها. ويملك العديد من براءات الاختراع، في مجال العلاج الشعاعي المحمي (1996)، وأخرى في مجال رأب الوعاء (تقنية لتوسيع الأوعية الدموية) واستخدام الدعامات (2000). لديه أكثر من 300 مقال علمي، وتلقى العديد من المنح البحثية التي بلغت قيمتها الاجمالية 4255000 دولار أميركي، إلى حصوله على أوسمة وجوائز مختلفة خلال مسيرته.
وقبل أن يعود الى لبنان عميداً ومخططاً أكاديمياً واستراتيجياً لمراكز تحيي المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق، أمضى سنتين في مستشفى “كليفلاند” في أبو ظبي، حيث أسس مركزاً متخصصاً في علاج السكتات الدماغية، لتوسيع المستشفى الشهير في الإمارات.
التقته “النهار” ليتحدث بشغف عن مشاريعه الأكاديمية والاستراتيجيات المستقبلية، لا سيما انشاء مركز متخصص في علاج السكتات الدماغية. “منذ نحو ١٥ سنة ركزت على كيفية الوقاية من الجلطات الدماغية والتدابير الوقائية، وأبرزها انقاص الوزن وممارسة الرياضة والابتعاد من التدخين والعلاج الداعم والوقائي لمرض ارتفاع السكر في الدم وارتفاع ضغط الدم والكولسترول”.
واعتبر انه لمواجهة تخثر الدم أي الجلطات الدماغية هناك طريقتين، “الأولى بالوقاية أي تثقيف الناس كي لا يصابوا بالجلطات لأن بعد حصولها يصبح الوضع أصعب، وإذا حصلت، يصبح أهم شيء عامل الوقت، لأن الوقت هو الدماغ، وهذا ما يجب أن يعرفه الأطباء والعاملون في غرف الطوارئ، والأهل، وحتى من يقود سيارة الإسعاف والممرض معه. إذ لا يجب ترك المريض في المنزل أو اعطائه مياهً باردة وغيرها أو عدم الاكتراث أو التشخيص مكان الطبيب، بل التوجه الفوري الى الطوارئ، ومن المستحسن بسيارة اسعاف.
وعن أبرز الاعراض قال: “لا بد من التأكد من وجود خلل في الحركة المتوازية لعضلات الوجه، أو ارتخاء في اليد أو في الساق، أو خلل في النطق، ومن المهم السرعة وربح الوقت بالتوجه الفوري الى الطوارئ. هذه الأعراض قد تحصل منفردة أو كلها معاً.
وفي ما يسمى “الوقت الذهبي” لا بد من التشخيص السريع، لأن الجلطة احياناً أخطر من أعراض القلب، يليها التصوير الطبقي للتأكد من عدم وجود نزيف، لأن هناك نوعان من الجلطات: منها تخثر في أحد شرايين الرأس وتحصل لدى نحو ٨٠ في المئة من الحالات، وفي الـ٢٠ في المئة المتبقية يحصل نزيف وغالباً ما يصيب الفئات العمرية الأصغر سناً.
بعد التصوير الطبقي والتأكد من أن لا نزيف (خلال مدة أقصاها 4 ساعات) يعالج المريض بأدوية للتخثر مسيلة للدم تعطى في حقن في الوريد، وإذا لم يحصل أي تحسن ملموس يتم اجراء قسطرة تشخيصية وعلاجية لشرايين الدماغ، أي شفط الجلطة ليعود الدم الى الدماغ. وفي حالات النزيف لا بد من التصوير الطبقي يليه القسطرة التشخيصية لمعرفة سببه، وعلى ضوء النتائج نجري، إما جراحة باطنية لوقف النزيف أي الدخول من خلال شرايين الساق وصولاً الى مستوى شرايين الرأس لإيقاف النزيف بخيوط كاوية من البلاتين، وفي بعض الحالات يتم اللجوء الى جراحة الرأس المفتوح”.
وتحدث العميد الجديد لكلية الطب عن خطة استراتيجية للكلية والجامعة يعمل عليها منذ نحو ٦ أشهر، تتضمن مناهج التعليم الأكاديمية ووضع السياسات المستقبلية للمراكز المتخصصة التابعة للمستشفى، كمركز لعلاج السرطان وآخر للتجلط الدماغي وللحماية والعلاج من أمراض القلب وغيرها. “أحد ابرز الأسباب التي قبلت فيها العمل في لبنان لأتأكد أن الأطباء الذين نخرجهم من الجامعة يتمتعون بدرجة من الخبرة في حقول الطب والجراحة، والأهم احترام الاخلاقيات الطبية والتركيز على الجانب الإنساني في التعامل مع المريض وتحسين البحوث والأخلاقيات البيولوجية في الجامعة”.