
يعيش العالم اليوم حالة فاقعة من تنامي العداء للآخر في بعض المجتمعات الغربية، وتشويه النقاش السياسي، وتغذية رهاب الأجانب، وتزايد الإسلاموفوبيا. لكن وسط هذا المشهد، هناك رمز إسلامي يستحوذ على انتباه إحدى أهم الصناعات. منذ سنوات، بدأ اهتمام صنّاع الموضة بالحجاب والملابس المحتشمة، خصوصاً مع تزايد أعداد المستهلكين المسلمين ومستويات إنفاقهم في مختلف أنحاء العالم. هذا ما أكدته صحيفة «فاينانشال تايمز» الأميركية في 10 أيّار (مايو) الماضي. هذه الحالة تشمل الماركات الغالية وتلك التي تتوجّه إلى محدودي الدخل على حد سواء. من إعلانات «نايكي» إلى حجاب “نيك برو”، مروراً بحملات ملابس “هاش إي إم”وأزياء «مانغو» و«زارا» و«تومي هيلفيغر»، وليس انتهاءً بمجموعة «دولتشي آند غابانا» للعباءات وتصاميم “دكني”، وأوسكار دي لا رينتا، و”يونيكول” الخاصة بشهر الصوم عند المسلمين.
القطع المعروضة تشمل العباءات، والتنانير الطويلة والواسعة، والسراويل الفضفاضة، والقمصان والبلوزات ذات الأكمام الطويلة أيضاً، إضافة إلى المناديل والفولارات بألوانها ونقشاتها التي لا تنتهي، فضلاً عن الحقائب والأحذية والأكسسوارات المناسبة التي تكمّل اللوك.
يبدو أنّ «موضة الإحتشام» آخذة في التوسّع، خصوصاً مع تسليط الضوء أخيراً على الصومالية ــ الأميركية حليمة أدين التي صارت أشهر الـ «مودلز» المحجبات في العالم. واقع يرى مراقبون أنّه ستكون له تداعيات إيجابية على صعد مختلفة، سيّما لجهة تغيير الصورة النمطية الخاطئة عن أنّه لا يمكن جمع الحجاب بالموضة والأناقة.
هنا، لا بد من الإشارة إلى أنّ الكثير من المصممين والمدوّنين الشباب يروّجون لهذا المفهوم الذي يُطلق عليه اسم «الحجاب الشيك»، الذي لا ينحصر بالمحجبات، لأنّ تفضيل الملابس المحتشمة ليس حكراً على الملتزمات دينياً، أو حتى على المسلمات. طبعاً، لا تسلم هذه المسألة من الانتقادات. مسلمون أكثر تشدّداً، يرون في القصّات المختلفة والألوان الزاهية والأكسسوارات اللافتة «مخالفة لأصول الزي الإسلامي».
موقع «بزنس إنسايدر»، يرجع بوادر هذا التحوّل في مجال الموضة إلى «مهرجان الموضة الإسلامية» الذي انطلق في كوالالمبور في 2006، ونظّم حتى الآن 17 مرّة منتقلاً بين نيويورك ولندن وجاكارتا ودبي وسينغافورة ومونتي كارلو….
وحسب تقرير «واقع الإقتصاد الإسلامي العالمي» لعام 2014 ــ 2015 الذي أعدته «مؤسسة تومسون رويترز» بالتعاون مع «دينار ستاندرد»، يُنفق المستهلكون الإسلام 266 مليار دولار أميركي على شراء الملابس، ومن المتوقع أن يزيد الرقم إلى 484 ملياراً بحلول عام 2019. في هذا السياق، يوضح «بزنس إنسايدر» أنّ تركيا هي أكبر مستهلك في مجال الأزياء، إذ صرف الأتراك في عام 2013 فقط ما يقدّر بـ 39.9 ملياراً على هذه السلع، فيما حلّت الإمارات في المرتبة الثانية بـ 22.5 ملياراً. ويتوقّع أن تزداد هذه الأرقام بشكل ملحوظ على مستوى العالم مع انخراط المزيد من ماركات ودور الأزياء في هذه الموجة وإطلاع الزبائن على البضائع المختلفة والمنوّعة بشكل أكبر
حليمة أدين
بوركيني
«دولتشي آند غابانا» وأخواتها
صحوة دور الأزياء الراقية على «الملابس المحتشمة» جديدة نسبياً، ولطالما ارتبطت برمضان وعيد الفطر. البداية الفعلية كانت مع دار “دكني” النيويوركية التي أطلقت في عام 2014 مجموعة رمضانية تستهدف المتسوّقين العرب الأثرياء، لتسير ماركة أوسكار دي لا رينتا على الدرب نفسه. غير أنّ الخطوة الأكبر كانت من نصيب «دولتشي آند غابانا» التي كشفت في 2016 النقاب عن أولى مجموعاتها «عبايا» التي تحتفي بـ «جاذبية الشرق الأوسط». لم تنته القصة هنا بالنسبة إلى هذه الدار الإيطالية الشهيرة، بل أعادت الكرّة في شباط (فبراير) 2017 عبر مجموعة «عبايا» المخصصة لربيع العام الحالي، التي غلبت عليها الخطوط العريضة لهذا الموسم، أي الأزهار، مازجة بين العباءات والملابس الفضفاضة من جهة والأحذية المريحة المزيّنة من جهة ثانية.
موضة لمتوسطّي الدخل
حجاب نيك برو