- فاطمة عبدالله
- المصدر: “النهار”
- 12 حزيران 2019 | 15:25

تغصّ نورا جنبلاط وهي تتلفّظ بهذه الكلمات الحزينة: “مهرجانات بيت الدين مُهدَّدة. قد تتوقّف في أي وقت”. مؤلمة المصائر حين تواجه آفاقاً مسدودة، فتُحاول، مع ذلك، اجتراح مساحات للشعاع والضوء. هكذا هي رئيسة هذا المهرجان السنوي المقصود من الأنحاء والأرجاء، تُصارع من أجل البقاء. “الأزمة الاقتصادية خانقة”، تقول بوجع، “نحاول ألا ينتهي كلّ شيء بأسوأ النهايات”.
بنبرتها الأنثوية الهادئة، تستعيد زوجة الزعيم الاشتراكي معنى لبنان الثقافي في وجه الظرف القاهر. “لهذه المهرجانات مَهمّة فريدة من نوعها. لبنان مزيج من ثلاثية مذهلة: السياحة والثقافة والحضارة. لطالما نظرنا إلى مهرجانات بيت الدين على أنّها في خدمة هذه الثلاثية. أردناها رسالة تقارُب بين الناس. رسالة التقاء في عزّ التباعد. في عزّ الحرب والتمزُّق و”زمان الطائفية”. نجاح هذا القطاع يفرض التعزيز والدعم. مساعدته ضرورية”.
تتساءل: “هل المطلوب إقصاء المنطقة وتفريغ لبنان من محتواه الثقافي؟”، ثم تشرح تأزُّم الوضع: “الأعباء كبيرة جرّاء ارتفاع المصاريف وزيادة الضرائب. المهرجان يدفع ضرائب على عقود الضيوف الأجانب ولصندوق تعاضد الفنانين، والدفع سلفاً قبل الحصول على تأشيرة دخولهم. أي أنّ الدفع يسبق وصول الفنان إلى لبنان والتحضير للحفل. نستدين اليوم من المصارف بفوائد عالية، جرّاء تقاعُس الجهات المعنيّة ووزارة السياحة في دفع مستحقّات كان قرّرها مجلس الوزراء، بناء على تقديمنا الميزانية الخاصة بالمهرجان. لم تعد الأمور تسير وفق المُتّفق عليه، علماً أنّ أرقامنا مدقّقة من ديوان المحاسبة. التأخير في الدفع عمرُه سنتان وأكثر. عدا عن أنّ المستحقات لا تُدفع كاملة أحياناً”.
يعنيها التوقّف أمام كلمة “رسالة” مرّات خلال الحديث: “نحن أبناء رسالة، لا نريد موت المهرجان”. تُخبرنا أنّها لم تكفّ عن إطلاق صرخة استغاثة، وحين نسألها عن سبب التلكّؤ، تردّ بعتب: “الجواب ليس عندي. لعلّه عدم إدراك لأهمية المهرجانات ودورها ومردودها، ولعلّه جهل اقتصادي لقيمة قطاع قد لا يعتبرونه أساسياً”. تتمنّى جنبلاط لو يُصار إلى تنظيم أمور المهرجانات لضمان الاستمرارية، وتتحدّث مرّة أخرى عن “النية بمعاقبة منطقة بأكملها، فهل هذا المطلوب؟”. المهرجانات “دورة اقتصادية مناطقية وعلى مستوى لبنان، تنعش الفنادق والمطاعم وشركات الإضاءة والصوت”. وأمام سؤال: هل سيتوقّف المهرجان؟، تتنهّد: “نحاول ألا نصل إلى يوم تُمحَى فيه بيت الدين عن الخريطة الصيفية. هذا أولاً التزام بتاريخنا وثانياً واجبنا تجاه المنطقة. نحاول المواجهة قد الإمكان. أناشد الدولة والمعنيين النظر إلى الصعاب وترتيب الأمور”. علامَ الاعتماد اليوم؟ “لدينا شركاء ومعلنون ومتبرّعون. الوضع صعب جداً، ولن نستسلم. الأزمة المالية في غاية الجدّية. “ما في وقت”. مهرجانات بيت الدين مُهدّدة بالتوقُّف في أي لحظة”.
هو العام العشرون لكاظم الساهر في بيت الدين. الموعد هذه السنة في الأول من آب، والثاني والثالث منه. “الحفل سيكون استثنائياً، مع ميشال فاضل على البيانو وأوركسترا ضخمة”، تقول جنبلاط بفخر. افتتاح المهرجانات في 18 تموز، بـ”لقاء على شرق جديد”، عرض أول يجمع غبريال يارد وياسمينة جنبلاط، ترافقهما الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية. دوبارديو يؤدّي باربارا في 20 تموز، فـ”الأجنحة المتكسّرة” لجبران خليل جبران، مسرحيةً موسيقية مع نديم نعمان ودانا الفردان، في 24 تموز، و25، و26 منه. يُحيي عبدالرحمن الباشا وبيلي عيدي حفلاً موسيقياً مزدوجاً بالعزف على البيانو في 30 تموز، على أن تكون الليالي الثلاث الأولى من آب للقيصر، يليها عمر الرحباني وفرقته الموسيقية “باسبورت” في 6 آب، فسهرة جازّ مع فرقة “مونداي بلوز باند” في 8 آب، وليلة مع عبدالحليم حافظ، يُحييها عبده شريف في 10 منه، على أن تُرافق المهرجان طوال أيامه معارض صور لجاك داباغيان وعمّار عبد ربّه. لا يُطاق الصيف من دون هذه الجماليات.
fatima.abdallah@annahar.com.lb
Twitter: @abdallah_fatima