كعادته المعهودة، يفاجئ النائب وليد جنبلاط متابعيه في “تويتر” بمواقفه التي تحمل طابعاً فكاهياً لتوصيل رسائله السياسية. هذه المرّة استشهد جنبلاط بالحاكم العام لمتصرفية جبل لبنان واصه باشا، في سلسلة تغريدات كتبها يوم الأحد الفائت، وجاء فيها: “ان التسوية النفطية والغازية اللتي قدمها فريدريك هوف بين لبنان واسرائيل لو جرى الاستفادة منها لكانت لصالح لبنان”. وأضاف في تغريدة مرفقة بصورة: ” لكن يبدو ان الخط التركي فيه خطوط كهربائية مشبوهة الى جانب شركة تركية غازية مع لبنان فيها عمولات لمسؤولين عالية. واصه باشا في كلّ مكان”. فمن هو واصه باشا الذي استحضره جنبلاط هذه المرة؟
تاريخياً أصبح واصه باشا الحاكم العام لمتصرفية جبل لبنان في 9 أيار 1882، بعدما كان شغل منصب سكرتير القنصلية البريطانية في شكودر. بين عامي 1842 و1847.
والحاكم العام لمتصرفية جبل لبنان هو منصب استحدث على اثرمعاهدة دولية خصوصاً للكاثوليكيين ذوي الجنسية العثمانية بعد الاضطرابات المدنية والاحتلال الفرنسي من عام 1860. في السنوات الأولى من ولايته، اتصف حكمه كمحافظ بالحزم والعدل والنزاهة، وظهر في صورة صاحب النفوذ المحبّ للإطلاح والراغب في تحسين أوضاع جبل لبنان الاقفتصادية والاجتماعية على السواء، محافظًا على استقلاله الذاتي وكرامة أبنائه. ما يميّز واصه باشا أنه كان في آنٍ معاً صادق الولاء للسلطان والحكومة العثمانية، ومانعاً قناصل الدول من التدخل في شؤونه”.
من مميزاته، اتقان عدد كبير من اللغات الأجنبية وفي مقدمها اليونانية والفرنسية والتركية والايطالية اضافةً الى بعض الانكليزية والصربية. وتعلّم العربية في وقتٍ لاحق. ومن انجازات عهده، تدشين عدد من المشاريع العمرانية، منها انشاء مستشفى في بيت الدين، وبناء سراي بعبدا وجعلها المركز الشتوي الدائم لدوائر المتصرفية. لكن الفوضى عمّت، والرشوة انتشرت في سنوات ولايته الأخيرة، ناهيك عن تضاعف التدخلات الأوروبية في شؤون المتصرفية أكثر من أي وقتٍ سابق. هذا ما جعله يواجه اتهاماتٍ قاسية تلبسه ثوب الفساد وابنه.
بقي واصه باشا في منصبه حاكماً عاماً لمتصرفية جبل لبنان حتى رمقه الأخير، اذ توفيَ في بيروت في 29 تموز 1892 بعد صراعٍ طويل مع المرض ودفن في الحازمية. لكن رفاته عادت لتنقل الى شكودر في مناسبة الذكرى المئوية لجماعة بريزرن.