الرئيسية / منوعات / من رحم الأزمة الاقتصادية: مطبخ شعبي للفقراء في صيدا اللبنانية

من رحم الأزمة الاقتصادية: مطبخ شعبي للفقراء في صيدا اللبنانية

القدس العربي
01022023

 صيدا – الأناضول: من رحم الأزمة الاقتصادية التي تضرب لبنان منذ نهاية 2019، ولد المطبخ الشعبي في مدينة صيدا جنوب لبنان، والذي يقدم وجبات ساخنة للعائلات الأكثر فقرا كل يوم. ويواجه المواطن اللبناني واقعاً مظلماً يزداد غموضا مع تقلبات الدولار التي تؤدي لارتفاع الأسعار وخاصة الغذاء والوقود، وزيادة الفقر بين العائلات التي باتت عاجزة عن تأمين قوتها اليومي. يمر لبنان حاليا بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، و80 بالمئة من مواطنيه يعيشون تحت خط الفقر، ووصلت نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى 1200 بالمئة، حسب خبراء. وخلال ثلاث سنوات، خسرت الليرة أكثر من 95 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، إلى أكثر من 55 ألف ليرة لكل دولار واحد.

صندوق النقد

وتوصل لبنان مع صندوق النقد في أبريل/ نيسان 2022، إلى اتفاق مبدئي على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، تطبيقها مرتبط بالتزام الحكومة تنفيذ إصلاحات. ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، إذ إنه في ظل الفراغ الرئاسي تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية. ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فشل البرلمان اللبناني عشر مرات في انتخاب خلف له جراء انقسامات سياسية عميقة. وقالت سناء دبّاغ المشرفة الإدارية على المطبخ الشعبي: «ولدت فكرة المطبخ بعد الأزمة الاقتصادية التي بدأت مع انطلاق التحركات الشعبية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وأسسنا المطبخ في فبراير/ شباط 2020».
وأضافت: «بدأنا العمل كمجموعة نساء وبعض الشبان بشكل خجول، حتى وصلنا في بعض الأحيان إلى 600 وجبة طعام من الطبخ الساخن، توزع على 80 إلى 150 عائلة يوميا». ولفتت إلى أنه ما يميز مطبخهم أنه ليس كباقي الجمعيات التي تفتح بالمناسبات، بل إنهم يعملون على مدى العام ويوزعون الوجبات الساخنة في كل يوم دون انقطاع».
وبينت: «لا نتلقى مساعدات من أي جهة، بل نعتمد على أنفسنا، وبشكل خاص على التبرعات التي تحصل في كل عام بشهر رمضان، من محبي العمل الخيري ومقتنعين به».
وأوضحت دباغ أنه يتم اختيار العائلات بزيارات ميدانية يقوم بها فريق المطبخ، على الأحياء الفقيرة في مدينة صيدا، للتحقق من وضعهم الاجتماعي من خلال تعبئة استمارة معلومات لاختيار الأكثر عوزا للمساعدة». وأكملت: «عدد العائلات التي تستفيد يوميا من المطبخ يراوح بين 80 و150 عائلة، وذلك حسب وضع المواطنين فبعضهم عندما تتحسن أوضاعهم، ينسحب من البرنامج ليدخل آخر مكانه». وأضافت أن العمل التطوعي برز بأجمل معانيه، من خلال مشاركة الجميع العاملين في المطبخ وأيضا من المستفيدين رجالا ونساء في العمل معنا». «من انطلاق العمل بالمطبخ نشأت علاقة ما بين فريق المطبخ، والمستفيدين، ترجمناها بحلقات توعية وإرشاد حول حقوق العمال والنساء ودورات محو أمية». «وقمنا في بعض الأحيان، وحين تسمح لنا الظروف، بمساعدة المرضى الذي يعجزون عن تأمين الدواء للعلاج».

الأوضاع صعبة

اللبنانية فاطمة (47 عاما) وهي إحدى المستفيدات من المطبخ الشعبي، وصفت وضعهم بالصعب، «وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد، وارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية». وقالت: «بعد أن ترك زوجي منذ سنتين العمل كبائع خضار على عربة، على جانب إحدى الطرقات بصيدا، لم نعد نستطيع تأمين لقمة العيش». «نأتي إلى المطبخ الشعبي للحصول على الطعام دون أي مقابل.. مبادرة رائعة في ظل هذه الظروف التي تزداد سوءا». ويعاني لبنان منذ ثلاث سنوات أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، مع انهيار قيمة العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وشح في الوقود والأدوية، بجانب تراجع حاد في قدرة المواطنين الشرائية.