الرئيسية / home slide / ملابسات الداخل حول إعلان الترسيم

ملابسات الداخل حول إعلان الترسيم

03-10-2020 | 01:06 المصدر: النهار

روزانا بومنصف

الناقوة جنوب لبنان (أ ف ب).

هل كان الاعلان عن اتفاق اطار لاطلاق مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل  القطبة المخفية في رفض “حزب الله” التجاوب مع المبادرة الفرنسية او وفائه بالتعهد الذي قطعه للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فيما انه تم التذرع بالعقوبات التي اعلنتها الخزانة الاميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ؟ فالتذرع بالعقوبات نسف المبادرة الفرنسية او عطلها في احسن الاحوال بعدما كان الثنائي الشيعي غض النظر كليا عن المطالبة بوزارة المال ليعود ويتمسك بها  فيما ان واشنطن قطفت طلب لبنان واسرائيل توسطها من اجل ترسيم الحدود الذي يرى سياسيون مراقبون انه كان ليأخذ بعدا ترحيبيا وليس مدينا كما يمكن رؤية ذلك اعلاميا وعلى وسائل التواصل الاجتماعي  لمد الجسور مع الولايات المتحدة باعتبار انه كان قطف جوهر المبادرة الفرنسية لانقاذ الاقتصاد اللبناني في الوقت نفسه لاعلان موافقته على التفاوض مع اسرئيل.  فكيف يمكن ان تكون العصا الاميركية على الحزب وحلفائه اكثر حنانا وودا من الموقف الفرنسي الذي تمسك بعدم تصنيف الحزب ككل ارهابيا علما انه يرفض هو نفسه التمييز الذي ذهبت اليه فرنسا بين جناحين عسكري وسياسي؟ هذا احد العوامل التي جعلت توقيت الاعلان عن ترسيم الحدود محفوفا بعدم الترحيب الواسع على رغم الرغبة في حل هذا الملف وانهاء الابتزاز فيه. واحد العوامل الاخرى هو كيف يمكن الذهاب الى ترسيم الحدود في توقيت صعب بالنسبة الى لبنان فيما الترسيم يريح اسرائيل والولايات المتحدة كما سيريح لبنان لاحقا لو تم في مقابل رفض مبادرة وقف الانهيار المتسارع في الداخل بمعنى سهولة بيع الاوراق للخارج وليس بيعها للبنانيين او هو ما يسري بالنسبة الى قواعد التسليم للاقوى .  و لعل الرئيس الفرنسي كان يراهن على ذلك ضمنا واصيب بخيبة لرفض الحزب اليد التي مدها اليه ماكرون متسببا في المزيد من تضييع الوقت الثمين امام لبنان . فالخطاب الذي ادلى به الامين العام للحزب في اعلان رفضه المبادرة الفرنسية كما اتفق عليها وراسما سقفا لشروطه وحركة ” امل” حول مشاركتهما في الحكومة يمكن ادراجه تحت تفسيرات اخرى على ضوء اعلان الرئيس نبيه بري اتفاق اطار للتفاوض مع اسرائيل. قال السيد نصرالله في معرض تبريره اجهاض المبادرة الفرنسية  انه يريد تسمية الوزراء الشيعة في الحكومة من اجل حماية ظهر ” المقاومة”  من اي غدر ، وهذا يثير تساؤلات من يمكن ان يبيعها ولمن اذا كان الحزب نفسه وافق على الوساطة الاميركية ومع اسرائيل وهو فيما يثير خشية على حزبه فانه سيمسك عبر الوزراء الشيعة بتطورات ما سيجري لاحقا على هذا الصعيد. وهل سيثق تاليا بقيادة رئيس الجمهورية الذي سيتولى التفاوض دستوريا ، وهو حليفه الاستراتيجي محليا الذي رفض ان يتخلى عن ملف ترسيم الحدود سابقا من اجل ان يتولاه هذا الاخير علما ان السياسيين المراقبين رأوا في المؤتمر الصحافي لرئيس مجلس النواب نبيه بري ما يمس برئيس الجمهورية من حيث اعلانه اتفاق الاطار كخريطة طريق من اجل ان يسير الرئيس ميشال عون على هديها. وطبعا ان تبرير مراقبة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من اجل عدم بيع املاك الدولة اللبنانية لا ينقضها تذكير الحزب اللبنانيين ليلا نهارا بانه يمسك بالاكثرية النيابية فحسب بل امكان بقاء الدولة بعد انهيارها . هناك جملة اخطاء كبيرة انزلق اليها الثنائي الشيعي لا سيما في الاونة الاخيرة.  والكلام على استمرار التمسك بالمبادرة الفرنسية من اجل عدم قطع العلاقة مع فرنسا وما يمكن ان يتسبب ذلك للثنائي يثير اسئلة حول كيفية العودة اليها وهل بشروط الثنائي كما حددها الامين العام للحزب على خلفية الاستقواء بالاتفاق على ترسيم الحدود مع اسرائيل وبيع الورقة للاميركيين. ينقل زوار عن عون اخيرا انه لا يريد حكومة مواجهة فيما يبدو واضحا المأزق بعدم امكان المتابعة بحكومة تصريف الاعمال وارجاء الاستشارات بذريعة الكورونا ايضا يساعد في شراء الوقت لمحاولة معرفة ما الذي يمكن القيام به. هل سيعيد الثنائي الشيعي مشاوراته مع رئيس الجمهورية من اجل البحث في من ستسمح به قوى 8 آذار لرئاسة الحكومة في قفز واضح فوق المكون السني . وهل سيطالبون بعودة الرئيس سعد الحريري من اجل تبرير وضع اليد على وزارة المال علما انه كان قال انه لن يعود الى رئاسة الحكومة لكنه كان وافق على وزارة المال للثنائي الشيعي كمرة واحدة اخيرة سرت على محاولة انجاح حكومة برئاسة مصطفى اديب ؟ ثمة غطاء سني يحتاجه الثنائي الشيعي كما رئيس الجمهورية لمفاوضات الترسيم يصعب ان توفره شخصية سنية لا تحظى بدعم قوي كما حظي به اديب من طائفته. لكن السؤال هو ما الذي يمكن ان يقدمه عون والثنائي الشيعي من اجل اتاحة تأليف حكومة تستجيب المبادرة الفرنسية في الحد الادنى بمعنى ان توفر شروطا لانجاح الانقاذ الاقتصادي وتستجيب متطلبات الناس وليس مصالحهم او حصصهم؟ وهل سيتم التعالي على الحريري ورؤساء الحكومات السابقين  تضييعا للفرصة التي لا تزال متاحة ام  يبذل جهد ان لم يكن تنازل موضوعي لحكومة تحظى بالثقة؟  فالرغبة في الابقاء على المبادرة يفترض تلبية بعض شروطها وليس تجويفها والبقاء على العنوان فقط لان في هذا اهانة للفرنسيين كما اهانة للبنانيين. وهناك افرقاء يودون ان تبقى المبادرة قائمة من اجل ان تشكل غطاء انقاذيا تنفذ من خلاله شروط تأمين الكهرباء في الدرجة الاولى وضمان الذهاب الى مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بعيدا من مسرحيات اللجان النيابية والكتل النيابية وشروط افرقاء قوى 8 آذار التي تجد وحدها طريقها الى التعالي على اللبنانيين منذ انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 . 

rosana.boumonsef@annahar.com.lb