الرئيسية / مقالات / “ملائكة” سليماني تهبط على تأليف الحكومة وودائع إيرانية تلجأ إلى لبنان!

“ملائكة” سليماني تهبط على تأليف الحكومة وودائع إيرانية تلجأ إلى لبنان!

أحمد عياش
النهار
27062018

سليماني.التصعيد اللافت في الشروط التي يطرحها فريق العهد في شأن تأليف الحكومة ما زال حتى هذه الساعة متمحوراً حول حجم تمثيل “القوات اللبنانية”، وأصابت شظاياه مباشرة الرئيس المكلف سعد #الحريري من باب ما أسماه قصر بعبدا “صلاحيات” منحها الدستور واتفاق الطائف لرئيس الجمهورية. لكن هل يكفي هذا التفسير الداخلي لهذا التصعيد، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

في معلومات لـ”النهار” أن تطورات حدثت منذ منتصف ألاسبوع المنصرم بدّلت اتجاه الرياح الإيجابية التي هبّت قبل اسابيع بعد تكليف الرئيس الحريري مهمة تشكيل الحكومة العتيدة، واتصلت بما جرى في إيران على صعيد النزال الدائر بين المحافظين وبين إدارة الرئيس حسن روحاني، ما أدى بأحد أبرز أركان هذه الإدارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى تحذير ما أسماهم “الأصوليين” بأنهم “لن ينجحوا” إذا “ذهب” روحاني. وترافق هذا الكلام مع ما أوردته صحيفة “جهان صنعت” الإيرانية حول “تلاسن” وقع خلال مراسم عيد الفطر بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وبين رئيس “فيلق القدس” في الحرس الثوري المكلّف شن الحروب الخارجية للنظام الجنرال قاسم سليماني الذي “حذّر” الرئيس الإيراني “من مغبّة عدم تخصيص مبالغ إضافية للحرس الثوري وفيلق القدس!”. ولم يتأخر الوقت حتى نزل الإيرانيون مجدداً إلى الشوارع لرفع الصوت على انهيار الريال وسط مؤشرات تجنح إلى محاولة المحافظين تحميل إدارة روحاني المسؤولية عن هذا الانهيار.

ماذا عن تأثير هذا التوتر في الداخل الإيراني على لبنان، وخصوصا في ما يتصل بتشكيل الحكومة؟

في معلومات ديبلوماسية لـ”النهار” أن تصريحات الجنرال سليماني بشأن سيطرة “حزب الله” وحلفائه على البرلمان، والتي تلتها الضجة التي رافقت قرار الأمن العام عدم ختم جوازات السفر الإيرانية على المعابر الحدودية، كانت مقدمة لسياسة جديدة قررت قيادة “حزب الله” الالتحاق بها بعد تريث. وبموجب هذه السياسة تم ربط الصعوبات في تأليف الحكومة بما أسماه موقع “العهد” الإلكتروني التابع للحزب بـ”حسابات إقليمية وبالأخص خليجية لها علاقة بالمخطط الأميركي المرسوم للمنطقة!”

يتساءل المراقبون عما إذا كانت هناك صلة بين اتجاهات التصعيد الوافد من طهران والذي حطّ رحاله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبين تشدد الرئيس ميشال عون بعد تمهيد من ذراعه السياسي رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل؟

ما أوردته “النهار” في عددها الأخير من معلومات عن اللقاء الأخير للرئيسين عون والحريري الجمعة الماضي مثير لـ”القلق” بحسب المراقبين وتحديداً تلميح عون للحريري بأنه “في حال عدم الإسراع في التأليف، إلى أن البديل جاهز عبر الوزيرين السابقين محمد الصفدي ‏أو عدنان القصار”.‎ وهذا “التلميح”، إذا صحّ التعبير، يفسر اللقاء العاجل الذي جمع في بيت الوسط الرئيس المكلّف ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وما انتهى اليه من مواقف أعلنها جعجع تتمحور حول تعطيل أهداف التصعيد الوافد إلى لبنان آتيا من إيران.

ماذا تقول دوائر القرار في تيار “المستقبل” والتي تعكس التفكير العميق للحريري؟ في معلومات لـ”النهار”، استنادا إلى هذه الدوائر، أن هناك مهلة أسبوعين ستمر قبل عبور سفينة التأليف مضيق ما يسمى “العقدة الأكبر المسيحية-المسيحية”. وحتى ذلك الحين يبدو أن مدافع الاتهام الإيرانية بنسختها الداخلية ستواصل إطلاق قذائفها التي تعكس أزمة شديدة الوطأة يمرّ بها نظام المرشد الفارسي. وما يبرهن عن واقع هذه الأزمة، المعلومات التي توافرت حول إبعاد القرار بمنح الإيرانيين على اختلافهم بحرية الوصول إلى لبنان وفي مقدمتها تسهيل وصول ودائع مالية للنافذين في إيران إلى بيروت كي تجد ملجأ آمناً قبيل أسابيع حرجة تفصل الجمهورية الاسلامية عن ذروة غير مسبوقة ستبلغها العقوبات الأميركية ضد طهران.

عشية لقاء مرتقب في قصر بعبدا يضم الرئيسين عون والحريري يحدد مسار موضوع التأليف، بدا رئيس الجمهورية في الكلمة التي ألقاها الأربعاء خلال افتتاح الدورة الوزارية الثلاثين لمنظمة الإسكوا مبتعداً عن هذا الموضوع المحوري. فهو اكتفى في هذه الكلمة بالحديث عن ” خارطة طريق تلحظ تجنيد طاقاتنا الوطنية والاستعانة بالخبرات الدولية المشهود لها”، متوقعا “أن تبدأ نتائج هذا العمل بالظهور فور تشكيل الحكومة الجديدة وإنجاز بيانها الوزاري”. وسيكون هذا الابتعاد مفهوماً إذا كانت رياح التشدد ستتصاعد من “حزب الله” وخصوصاً إذا كانت ستأتي لاحقاً ومباشرة من الأمين العام السيد نصرالله.

في المقابل، ما زالت مفاعيل الزيارة التي قامت بها قبل أيام المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل للبنان ماثلة للأذهان، انطلاقاً من حرص المركز الأقوى في الاتحاد الأوروبي على استقرار هذا البلد وربطه مجدداً بعملية الدعم التي انطلقت في الربيع في مؤتمر سيدر الباريسي للنهوض بلبنان. وإذا ما تكلّمنا عن ميركل يعني ذلك بحسب قراءة ديبلوماسية الكلام عن مركز الثقل في الاتحاد المؤثّر أيضاً في طهران المتعطشة بقوة للدعم الأوروبي كي تخفف من وطأة العقوبات الأميركية.

ما يرجوه لبنان أن تكون زيارة “ملائكة” سليماني التي حضرت على مسرح تأليف الحكومة عابرة، فتصح عندئذ التوقعات المتفائلة بأن هناك حكومة جديدة خلال أسبوعين؟

اضف رد