سابين عمويس
النهار
30102017
منذ فاجأت المملكة العربية السعودية اللبنانيين قبل اقل من عامين بقرارها وقف دعمها لتسليح الجيش من خلال وقف منحة المليارات الثلاثة على خلفية مواقف “حزب الله” المناهضة للرياض، وللموقف اللبناني في الجامعة العربية من الاعتداء على سفارة المملكة في طهران، لم تعد العلاقات اللبنانية – السعودية الى طبيعتها، ولم يعد لبنان المدلل يحظى بالرعاية العربية التقليدية، بما ان القطيعة السعودية انسحبت على دول الخليج ايضا.
بادر رئيس الجمهورية الى تبديد انزعاج المملكة، فاستهل زياراته الخارجية فور انتخابه بزيارتها. أعقب ذلك زيارة لوفد سعودي الى بيروت برئاسة وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، الذي ابلغ رئيس الجمهورية، وفق ما أعلنت دوائر قصر بعبدا، قرار المملكة تعيين سفير جديد لها في لبنان، وإعطاء التوجيهات للرعايا السعوديين بالعودة الى الربوع اللبنانية بعد قرار الحظر.
مضى اكثر من عام ونصف عام على تراجع علاقات البلدين، ولم تعيّن المملكة سفيرا، ولم يعد السياح السعوديون او الخليجيون الى لبنان. بل على العكس، استمرت البرودة في العلاقات، ولم تكسرها زيارات قيادات لبنانية اليها، في ظل تفشّي النفوذ الايراني اكثر على الساحة الداخلية، وتراجع رموز السعودية في لبنان.
مع بلوغ الصراع الايراني – السعودي أوجه، عاد لبنان ليشكل ساحة له، رغم سياسة النأي التي يحرص رئيس الحكومة على التمسك بها، واعتمادها نهجاً لإبعاد كأس التأجج الاقليمي عن الساحة المحلية. لكن هذه السياسة لم تبق بمنأى عن تغريدات غير عادية عكف الديبلوماسي السعودي على اطلاقها بوتيرة متسارعة ضد “حزب الله”، وقد بلغت أشدها امس عندما أبدى السبهان استغرابه لصمت الحكومة اللبنانية والشعب عن ممارسات الحزب.
وفي الوقت الذي كان ينتظر ان تبادر الحكومة الى الرد، اعتصم المسؤولون اللبنانيون بالصمت، مغفلين الدعوة السعودية الصريحة الى موقف واضح.
الاكيد بالنسبة الى مصادر سياسية ان تغريدات السبهان لا تأتي من خارج سياق السياسة العامة للمملكة حيال لبنان عموما والحزب خصوصا، لكنها تستغرب في الوقت عينه حصر الموقف السعودي من لبنان بهذه التغريدات، في وقت يتطلع فريق أساسي في البلاد الى دعم المملكة لاستعادة التوازن ومنع استمرار الانزلاق في المحور الايراني.
وفي رأي المصادر ان كلام السبهان لا يأتي من فراغ، خصوصا انه يترافق مع خطوات انفتاحية ولو خجولة للقيادة الشابة في المملكة حيال عدد من القيادات السياسية، الا انها لم تعط مؤشرا كافيا لعودة المملكة من الباب العريض، علما ان فريقا لبنانيا يرفض التسليم بخروجها أساسا من لبنان، فيما ثمة من ذهب الى مكان آخر.
تدرك المصادر ان رئيس الحكومة وفي الموقع الذي اختاره لنفسه اخيراً، غير قادر على الرد على ما يطلبه السبهان من حكومته، وتعزو ذلك الى ان هذا الكلام لا يكفي ليقابل بردّ رسمي، بل المطلوب موقف سعودي اكثر وضوحا، بحيث يستند مثل هذا الكلام الى موقف عربي في شكل عام تم التنسيق والتوافق في شأنه، وسعودي في شكل خاص. وإلا فان كلاماً كهذا يكون له تأثير سلبي غير مرغوب فيه اذا بقي محصورا بتغريدة، لا افعال تواكبها بخطاب سياسي واضح.
وعليه، تسأل المصادر ماذا يمكن لبنان الرسمي ان يفعل، لئلا يكون مطية لتغريدة من هنا، وتهديد من هناك؟ وكيف يمكن ان يوفق بين المصالح اللبنانية العليا بالعودة الى الحضن العربي من دون الانصياع الى المواجهة المفتوحة مع ايران؟ لكنها في المقابل لا تخفي قلقها من ان يثير الإغفال الرسمي التغريدة السعودية المزيد من الاستياء لدى المملكة، بما يذكّر بالتعاطي الرسمي السابق الذي استخف بزعل المملكة من موقف لبنان في الجامعة العربية حتى جاءته الضربة القاضية على لسان “مصدر مسؤول” سعودي بوقف الدعم العسكري للبنان!
sabine.oueiss@annahar.com.lb