المصدر النهار
05082017
اليوم وغداً يعود مناخ ذكرى المصالحة التاريخية في الجبل ليظلل المشهد الداخلي وينحو به في اتجاهات جديدة وان تكن الاهتمامات ستبقى مركزة في جانب أساسي على الشق الميداني المتعلق باستعدادات الجيش اللبناني لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع وما تبقى من جرود عرسال من مسلحي “داعش”. ذلك ان الذكرى الـ16 للمصالحة التي قادها البطريرك الماروني السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في 5 و6 آب 2001 ستعود بكل ارثها ومعانيها ونتائجها الى الواقع السياسي الحالي من خلال احياء الذكرى غدا في احتفال يقام في قصر الامير أمين في بيت الدين في رعاية وحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والنائب جنبلاط وجمع من الشخصيات الرسمية والسياسية والدينية. ويتوقع ان تطلق في المناسبة مواقف تعيد التشديد على الاهمية الكبيرة لصون مناخ المصالحة بعيداً من كل تحولات أو تطورات سياسية، علما ان منطقة الجبل مقبلة هذه السنة على استحقاق انتخابي من شانه ان يبدل طبيعة التحالفات التقليدية التي عرفتها مدة طويلة. وهو الامر الذي يضاعف اهمية المحافظة على ركائز المصالحة والحؤول دون تأثرها بالمتغيرات التي قد تشهدها العلاقات بين القوى الاساسية في المنطقة.
في غضون ذلك لا تبدو الأمور واضحة لجهة بدء معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع التي سيحدد الجيش توقيتها المناسب بعد اعطاء المجال للمفاوضات مع تنظيم “داعش” الإرهابي، على رغم أن الجيش يستمر في حشد التعزيزات العسكرية في المنطقة وقصف مواقع “داعش” وتحركات عناصره، وكانت آخر جولات القصف مساء أمس. وأفادت معلومات أن طائرة من نوع “سيسنا” تابعة لسلاح الجو في الجيش استهدفت مراكز لتنظيم “داعش” في جرود رأس بعلبك، وشنت غارات على أكثر من موقع ومركز.
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري “ان الجيش اللبناني يمتلك كل المقومات التي تمكّنه من استكمال معركة تطهير الجرود الشرقية من الارهاب ولا سيما الجزء المتبقي الذي لا يزال تحت سيطرة تنظيم داعش”.
وخلال دردشة مع الوفد الاعلامي المرافق له في زيارته لطهران التي بدأها أمس، قال بري: “الحمدلله جيشنا من افضل الجيوش في المنطقة، واثبت كفاءة قتالية عالية في حربه على الارهاب “. وأضاف: “اما القرار في خصوص توقيت المعركة فهو بعهدة قيادة الجيش التي تمتلك تقدير الظروف والمناخات والتوقيت للقيام بمهماتها”.
نصرالله
على ان التطور اللافت في هذا السياق جاء في كلمة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس والتي حدد من خلالها الاطر التفصيلية لمعركة الجرود الثانية المقبلة “خلال ايام ” ضد “داعش” والتي بدا حاسما في رسم “الشركة الميدانية” الاستباقية فيها بين الجيش والحزب والجيش السوري.
وقال: “القرار قد اتخذ ونحن ذاهبون الى معركة والجيش اللبناني سيقاتل في الجهة اللبنانية، ونحن حزب الله حيث نحن موجودون تحت امرة الجيش اللبناني ونحن معكم والى جانبكم ونريد لهذه المعركة ان تحسم وان يحقق فيها الجيش اللبناني نصراً”. وأضاف: “في الجبهة السورية سيكون الجيش السوري وحزب الله وسنقاتل هناك وسنكون حاضرين هناك، واذا بيطلع مع شي فيلسوف انه لا يجوز ان يقاتل الحزب والجيش السوري وان الجبهة يجب ان تكون هادئة فإنه يتآمر على الجيش اللبناني وجنوده وضباطه لان “داعش” سيجمع كل قواه لمحاربة الجيش اللبناني، ويجب الانتباه لأنه قد يستخدم الانتحاريين، وأدعو لوضع النكد والكيد السياسي جانبا والتعاطي مع هذه المعركة بأخلاق. والجبهة ستكون واحدة وتوقيتها بيد الجيش اللبناني”، واعتبر ان” الانتهاء من داعش هو مصلحة لبنانية وسورية وان توقيت الجبهة لدى الجيش اللبناني”. وحذر قيادة “داعش” من “ان هناك قراراً حاسماً بخوض المعركة من الطرف السوري وأيضاً على المستوى اللبناني وسيواجه داعش معركة تحظى باجماع لبناني وهذا امر نادر”.
السلسلة وقرار عون
وعلى وقع انتظار المعركة، عادت الأنظار الى الملف الداخلي، وخصوصاً سلسلة الرتب والرواتب التي باتت أقرب الى التعديل بموجب قانون جديد يعالج بعض ثغراتها مع المعلومات التي يجري تسريبها عن إمكان ردّ رئيس الجمهورية اياها.
وفي المعلومات أن الرئيس عون لم يحسم بعد خياره بالنسبة الى قانون السلسلة ومصيره، كعدم رده مثلاً من دون توقيعه حيث يصبح القانون نافذا مع انقضاء المهلة القانونية، أو توقيعه وإقراره أو رده، أو حتى تقديم اقتراح قانون معجل مكرر بعد نفاذ المهلة لادخال تعديلات ومعالجة الثغرات في قانون السلسلة وضرائبها. وقالت المصادر المعنية إن الرئيس عون يدرس كل الخيارات بجدية، وأن اقتراح قانون لتعديل السلسلة بات أقرب الى الواقع، بعد التقارير التي تلقاها الرئيس من جهات مختلفة تشير الى ثغرات كبيرة في القانون، خصوصاً أن تمسك الهيئات الاقتصادية بعدم فرض ضرائب على المصارف، وعدم اقرار مشروع الموازنة جعلا رئيس الجمهورية أقرب الى اتخاذ قرار بعدم الموافقة تماماً على قانون السلسلة.
ويسود انطباع في الأوساط السياسية والاقتصادية والنقابية أن ماقدّمه رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء أخيراً من عرض عن الوضعين الاقتصادي والمالي في ضوء تقارير أعدّتها مراجع مالية عن السلسلة والأحكام الضريبية، ودعوته الى تقويم هذه الملاحظات بموضوعية ودقة، وطلبه التقيّد بالنصوص الدستورية التي ترعى إقرار الموازنة العامة وشموليتها ووحدتها، يجعله أقرب الى اتخاذ قرار لا يصب في خانة تيسير أمر السلسلة. وبدا لافتا كلام الرئيس عون امس عن ضرورة “اسقاط الحصانات عن كل من يمارسون الفساد وهؤلاء ليسوا قليلين” وأعرب عن أمله في ان “تنجح مهمة مكافحة الفساد لان ذلك قد يؤدي الى اصلاح الاوضاع، خصوصا ان لبنان أمام أزمة كبيرة تتطلب عملاً اقتصادياً سريعاً”. واكد اصراره على “العمل لتحسين الوضع الاقتصادي والانتقال به الى المسار التصاعدي”.