28-07-2022 | 00:00 المصدر: “النهار”

معرض تصوير دولي “من بيروت إلى حلب”.
إذا كانت غاليري #أليس مغبغب تقارب الألم الوجودي المرير في لبنان من خلال تنظيم معارض فنية لتعزز من خلالها أبعاد الثقافة ودورها في الأزمات، فإن المعرض الدولي “من بيروت الى حلب” للمصورة الفوتوغرافية وعالمة الانتروبولوجيا #هدى قساطلي في ايطاليا عكس في كل من معرضين – مستمرين الى 25 أيلول- عن مدينة حلب في مؤسسة سانت إيليا في مدينة #باليرمو، والثاني عن مدينة بيروت في مؤسسة اورستيادي في جيبلينا الصقلية، قلقاً وألماً من المسار التاريخي العريق للمدينتين وما حل بكل منهما جراء الدمار في محاولة منها لإيقاظ الذاكرة في نفوس سكنها الغضب والسخط من مجد هوى في لحظات “تآمر” على المدينتين.

واكبت غاليري أليس مغبغب مسيرة قساطلي اليوم كما في الماضي مثنية على عطاءاتها الإبداعية في فن التصوير في محطات مضيئة من حياتها، ما جعلها مؤرخة اللحظة والغياب الخاص بالمدن، بالإنسان، بالآخر، حجراً كان أم بشراً…
ما جديدها في هذا المعرض؟ في الحقيقة، تعطي قساطلي الغنية عن التعريف من خلال هذا المعرض معنى للصورة وهدفاً قد يتلاءم مع مضمون حصص التاريخ وتطرح من خلاله مقاربة جديدة لتعليم المادة لاستخلاص العبر للجيل الناشىء، لنا، للمعماريين، لأصحاب النيات الحسنة في وجه القتلة…
قبل عرض مضمون المعرضين، ولاسيما ما يعنينا من ذاكرة تداعيات الانفجار المشؤوم لـ 4 آب 2020 على البيوت الأثرية، أثنت السيدة مغبغب مالكة الغاليري ومنظمة المعرضين في حوار مع “النهار” على مسيرة هدى قساطلي، الملمّة من خلال عدستها الفوتوغرافية بتصوير الغياب، اي تخليد المكان وناسه من خلال لقطات فوتوغرافية محترفة مفعمة بالقصص والذكريات، مشيرة الى أن “إختيار المدينتين الايطاليتين له رمزيته لأن كلاً منهما مرت في عصر مجد لم يستمر بسبب نزاع أو عامل طبيعي شوّه وجهها الحضاري”.
وقالت: “تصور عدسة قساطلي في معرض بيروت مراحل العصر الذهبي لهذه المدينة الى اليوم، وفي المدينة الصغيرة جيبلينا الصقلية البعيدة نحو 100 كيلومتر من باليرمو مع فارق مهم هو أن أنانية الطبقة الحاكمة وجشعها دمرا بيروتنا مرات عدة، فيما شوهت الهزة الأرضية المدمرة جمال جبيلينا في العام 1968، وما حل بها في هذه الصور عكس المشهد الآخر ما بعد الهزة المذكورة. المهم أن سكانها بقوا نحو 20 عاماً تحت الخيم منتظرين اعادة اعمار مدينتهم الجديدة، على جبل فوق البحر”…
لنعد الى بيروت. هدى قساطلي، الغنية عن التعريف، حاولت وفقاً لما ذكرت مغبغب “إختصار مدينة بيروت في 44 صورة فيها حكايات وقصص عن بيروت من العام 1990 إلى 2022، أي من مرحلة النهوض من كبوة الحرب الى انفجار 4 آب 2020″، مشيرة الى أن “بعض الصور تكشف الوجه الآخر لما اقترفته النيات الخبيثة لبعض الناس في محاولتهم تشويه بيروت، إن من ناحية العمران العشوائي أو حتى من ناحية هدم البيوت الأثرية واستبدالها بناطحات سحاب أو مراكز تجارية لا تليق بهندسة المكان…”
وتعكس هذه الصور “خشية قساطلي من زوال النسيج العمراني في بيروت أو أن يستبدل الجمال الساكن في زواياها بالبشاعة، ما دفعها الى “ارشفة” جمال البيوت الأثرية المقاومة للإمتداد العمراني غير المدروس المحيط بنا والمهدد للذاكرة الفردية والجماعية…”
ماذا عن صوَر فاجعة 4 آب في المعرض؟ ذكرت في اتصال مع “النهار” انها “خشيت على التراث، الذي رزح في حينه تحت مخاطر جمة، ما دفعها الى تفعيل نبض الذاكرة من خلال التقاط الابواب، النوافذ، والأقواس والقناطر بعد الانفجار، وكل العناصر المعمارية الملونة ومساعي الناس في اعادة ترميم مدينتنا المدمرة بعد اغتيال بيروت وناسها مع تبيان صور لهذه العناصر ما بعد الانفجار”.

وشددت على أهمية “ارشيف” الصور، الذي أعدته بشغف ولاسيما من خلال تثمين جهود المعماريين الكبار في إعمار هذه البيوت الاثرية، مشيرة الى أن “تعاونها مع مبادرة بيروت للتراث في حفظ الذاكرة شكل ركناً أساسياً في عمليات الترميم في هذا الزمن”.
ماذا عن حلب؟ أجابت قساطلي أن “بيروت مسقط رأس والدي فيما حلب هي مكان ولادة أمي، والمدينتان هما جزء لا يتجزأ من ذاتي ولاسيما أن كلاً منهما تعرضت للدمار في تراثها وناسها…
وأوضحت أن معرض حلب في مدينة باليرمو، “جاء تلبية لطلب تلقته قساطلي في العام 2018 لتخليد هذه المدينة الأثرية، وما حصل من تدمير متعمد لهذا التراث الخالد”.
في هذه المجموعة المؤلفة من 11 صورة تستعيد في ذاكرتها الزمن الجميل خلال تجوالها في مدينة حلب حيث تمر برفقة والدتها تحت أقواس الأبواب الحجرية المصنوعة من الدانتيل…
ماذا بقي؟ أجابت بعفوية: “باتت البيوت منسية تسكنها الرياح والحكايات القديمة. ماذا بقي؟ بقيت الصور وفيلم صغير اعددته عن ذاكرة المكان والأحياء”…
Rosette.fadel@annhar.com.lb
Twitter:@rosettefadel