الشاميات يتوافدن على حديقة تشرين للفوز بنصيب من نباتات الزينة.
الثلاثاء 2019/07/02
العرب
https://alarab.co.uk
فسحة في عالم الروائح العطرة والألوان الزاهية
للورد حكاية قديمة مع دمشق والبيوت الدمشقية، وللسوريين معرض سنوي للزهور، انقطع طيلة ثماني سنوات بسبب الحرب ثم عاد في السنة الماضية، وعاد له السوريون للاطلاع على أساليب تنسيق الحدائق والنباتات والأزهار والتعرّف على كل ما هو جديد في عالم المسطحات الخضراء ونباتات الزينة الطبيّة والعطرية.
دمشق – عادت أيام زمان لسوريا، هذا ما بدأت به زائرة معرض تشرين للزهور إيمان حديثها وإلى جانبها زوجها، فالجميع جاؤوا لزيارة المعرض وترفيه أطفالهم من خلال الألعاب والنشاطات المخصصة للأطفال، بينما يؤكد زوجها فواز، أن المعرض يشكل ظاهرة وطقسا اجتماعيا لدى كل السوريين ولاسيما أنه تزامن مع انتهاء العام الدراسي.
وتحتضن حديقة تشرين الجارة الأقرب لساحة الأمويين وسط دمشق هذه الأيام فعاليات معرض الزهور السنوي في دورته الأربعين الذي انطلق في 26 من يونيو حتى العاشر من شهر يوليو، بمشاركة محلية وعربية ودولية.
وقال مدير سياحة دمشق طارق كريشاتي، “لم تقتصر المشاركة في المعرض على المنتجين المحليين، وإنما فتح المعرض أبوابه لبعض الدول منها فنزويلا ولبنان ومصر والعراق والجزائر”، مضيفا، أن الدول المشاركة حصلت على 15 جناحا لتقديم كل ما هو جديد في عالم تنسيق الحدائق والأزهار.
ويؤكد يحيى كحلوس صاحب أحد مشاتل الزهور، أن مشاركة بائعي الزهور من الدول الأخرى في المعرض يساعدنا على تعلم أشياء جديدة، وتعزيز علاقاتنا مع الأسواق الأجنبية لتصدير الأعشاب الطبية والعطرية السورية.
وأضاف، “أن هناك إقبالا للشراء من قبل زوّار المعرض ومحبّي النباتات والأزهار، هناك اختلاف في الأسعار، فمنها ما يتناسب مع دخل المواطن ومنها ما يفوق دخله”.
وأوضح كحلوس، “أن المعرض يعدّ فرصة ذهبية لعرض المنتجات السورية وتعريف الروّاد بها، حيث بدأنا التفاوض مع شركة مصرية لتصدير خمسة آلاف طن من التفاح بدءا من الموسم القادم”.
ويتضمّن أكثر من 55 جناحا يتنافس المشاركون فيه لإظهار أحدث وأفضل ما لديهم من أساليب تنسيق الحدائق والنباتات والأزهار، والتعرّف على كل ما هو جديد في عالم المسطحات الخضراء ونباتات الزينة والطبية والعطرية، وما يرتبط بها من منتجات كالعسل والعطور والصابون إلى جانب صناعات بسيطة كتدوير أوراق الأشجار، ومنتجات أخرى ذات صلة بالقطاع الزراعي يشكل معها المعرض ظاهرة سياحية واجتماعية واقتصادية. وحول تنسيق الأجنحة وتنظيم الوزارة للمعرض، لفت كريشاتي إلى أن المشاتل المحلية ومحلات البيع ومستلزمات الإنتاج، تتوزع ضمن أجنحة وصل عددها لنحو 40 جناحا وهي من محافظات دمشق وحماة وطرطوس.
وبعد نجاح تجربة شارع الأكل في عدد من المعارض السابقة، أوضح كريشاتي، أنه تم تخصيص جناح للأكل يتضمن مائدة مفتوحة ويفسح المجال للمحترفين وهواة الطبخ لتقديم تجاربهم في الطبخ العربي والغربي، فضلا عن الحلويات التي تضم أشكالا واسعة ومتنوعة.
ولأن الأطفال دخلوا عطلتهم الصيفية، فإن المعرض خصص لهم جناحا يحتوي بدوره عدة أقسام تتنوع أنشطتها بين الرسم على القماش والفخار والأعمال اليدوية وزراعة نباتات طبية وعطرية صغيرة، لاسيما أن المعرض يشكل محطة حضارية وإنسانية بنشاطاته الاجتماعية والفنية التي تهدف إلى رسم الابتسامة على وجه قاصديه.
حشود كبيرة من الزوّار استقطبها المعرض فهناك من جاء للتعرف على أنواع الأزهار ومستلزمات العناية بها، والآخر للتمتع بجمال المعروضات التراثية كالفخار والحفر على الخشب، وهناك من قصده بغرض الترويح عن النفس لما يبعثه من أمل وفرح في أجواء طبيعية.
يشير العامل في المركز التقني الزراعي بدمشق حسن برتاوي إلى أن معظم زوّار المشتل من السيدات اللاتي يحرصن على اقتناء نباتات الزينة المعروفة، مثل “قلب عبدالوهاب” و”المستحية” و”اليوغا” والياسمين والفل والصباريات بأنواعها.
بوجه يملؤه التفاؤل يتحدث الزائر أيمن لوكالة الأنباء السورية (سانا) عن أجنحة المعرض التي لم تغب تفاصيلها خلال السنوات السابقة عن ذاكرته قائلا، “المعرض هذه السنة أكثر تنوعا، وأنا أحب أن أطلع أبنائي على الحرف التقليدية العريقة كالبلور والفخار والموزاييك والحفر على الخشب وتعريفهم بأنواع النباتات وكيفية العناية بها.. كما كان لوجود القطار والخيول الأصيلة أثر جميل وخاصة أنه بإمكان الأطفال تجريبها”.
ويعرف الدمشقيون بتزيين منازلهم بالورود والأزهار، لذلك تشاهد المئات من النساء يحملن بين أيديهن النباتات والأزهار من المعرض، مؤكدات أن المعرض يشكّل فرصة للتعرّف على النباتات والأزهار الجديدة التي يستطعن تزيين منازلهن بها.
تقف سلمى شركو مع زوجـها وابنتها الصبية روان حائرين من أين سيبدؤون رحلتهم بين المساحات الخضراء من النباتات والأزهار على جانبي الطريق الطويل، تشدّهم أصوات جريان الماء وهو يتدفق من البحيرات الصناعية والشلالات التي توزعت بين المشاتل لتزيد المشهد جمالا وروعة، إضافة إلى الروائح العطرة التي تنبعث من الزهور.
تقول سلمى، “النباتات والأزهار مصدر فرحي في المنزل”، مؤكدة أنها أتت لتشتري عدة نباتات وأزهار لوضعها في منزلها، وهي متأكدة أنها ستحتار أيضا في الاختيار، كما في معرض السنة الماضية، ففي كل سنة هناك الجديد كما تقول وهي لا تخاف تجربة زراعة أنواع جديدة.
أكثر ما لفت حمودة زوج سلمى هو ترتيب وتنسيق الألوان، قال، “عاد المعرض إلى سنوات ما قبل الحرب وما كان يستقطبه من مشاركات دولية، الناس اليوم تريد إن تعود إلى رائحة الحياة الوردية التي اعتادها السوريون في بيوتهم.
أما ابنتهما روان فقط كانت مشغولة بالتقاط صور السيلفي، تقول “إن مثل هذه المناظر الجميلة لا بد أن نوثقها بصورة ننشرها عبر حساباتي في الفيسبوك والإنستغرام لتشاهدها صديقاتي وأفراد عائلتي وأقاربي الذين يعيشون في الخارج.
وتضيف روان أنها ليست وحدها من يأخذ سيلفي، فهناك العديد من العائلات والأصدقاء يفعلون ذلك لتدوين المناسبة، الصور مع هذه التشكيلة من الألوان والأزهار لا نجدها في أي مكان آخر.
معرض الزهور الذي تكرّس عبر عقود كطقس جميل له محبوه كان حاضرا العام الماضي ضمن فعاليات “مهرجان الشام بتجمعنا” بعد توقف دام 8 سنوات، ويعود هذا الصيف منفردا مستقلا بذاته كحدث يجد الكل فيه غايته، فهو أحد النشاطات السنوية التقليدية التي تقام في سوريا مع بداية كل موسم سياحي يجمع العديد من الدول العربية والشركات المحلية والأجنبية، إضافة إلى كونه أصبح تظاهرة ثقافية وفنية وفرصة لزوّاره والمشاركين فيه ليتعرّفوا على أنواع جديدة من الأزهار والنباتات.