الرئيسية / home slide / مصارحة لا بدّ منها

مصارحة لا بدّ منها

05-03-2021 | 00:35 المصدر: النهار

مروان اسكندر

تفاهم مار مخايل

 مصير لبنان واهله بات موضع شك من حيث استمرار البلد ككيان مستقل الغرض منه افساح المجال للحياة والانتاج والابتكار، وليس للتكرار الممل وتعميم التخيلات. وسنعرض لبعض اوسع التخيلات ضررًا على مستقبل لبنان واهله المستمرين بالسعي للعيش الكريم في بلد تتوافر فيه فرص التعليم الجيد والعنايات الطبية المتقدمة. قادة “التيار الوطني الحر” يطلقون التصاريح وكأن افكار الناس وتحليلاتهم مغيّبة عن منطق العقل. فماذا يقول هؤلاء؟1- انهم يمثلون المسيحيين، وهم بالفعل لا يمثلون نسبة تتجاوز الـ7% منهم لان هناك مسيحيين منتسبين الى محاور حزبية كـ”القوات اللبنانية”، والكتائب، و”المردة”، والمسيحيين الذين اختاروا الابتعاد عن الاحزاب والتنظيمات، وهؤلاء الى تكاثر بسبب فشل “التيار الوطني الحر” في تأمين الكهرباء من دون امتصاص فائض العملات وتعجيز لبنان عن دفع اقساط اليوروبوند التي استحقت في آذار 2020– اي قبل سنة – ودرس امكان تقسيط الديون على فترة اطول مقابل فوائد اقل، وقد حققت ذلك دول كثيرة منها قبرص واليونان، علمًا ان الأخيرة حصلت على قروض طويلة الامد بلغت 330 مليار يورو، اي ما يعادل حاليًا 400 مليار دولار.2- يتصدى “التيار الوطني الحر” لموضوع المحاسبة الجزائية، ونحن نعتبر ان جميع المسؤولين الذين تحدثوا عن المسؤولية الجنائية المحاسبية لا يتفهمون ما اذا كان هنالك فارق ما بين ما يطالبون به، والالتزام بمسؤوليات محاسبية متطورة عن جميع اعمال القطاع العام والمسؤولين. التيار يرفض اخضاع وزارة الطاقة لاي دراسات تفصيلية محاسبية، علمًا ان هذه الوزارة التي هي في عهدة الوزير السابق والمستشار الدائم للرئاسة جبران باسيل تسببت من دون اي مناقشة بامتصاص 35 مليار دولار من الاحتياط بالنقد الاجنبي لتسيير محطات كهربائية بطاقة 800 ميغاواط عبر استئجار باخرتين تركيتين بطاقة انتاجية نظرية مقدارها 400 ميغاواط، واليوم ابلغت الشركة التركية وزارة الطاقة انها ستسحب الباخرتين لان الوزارة مدينة للشركة بـ 150 مليون دولار. والوزارة تطالب بفتح اعتمادات لمستوردات نفطية لتسيير الانتاج بمليار دولار، والمصرف المركزي متمنّع عن فتح الاعتمادات، لان عمليات اجراء مناقصة لشراء المشتقات النفطية لم تجرِ بحسب موجبات القانون. وزارة الطاقة ووزراؤها بدءًا بالوزير آلان طابوريان وانتهاءً بالوزير سيزار ابي خليل (القيصر بحسب اعلاناته الانتخابية)، والسيدة ندى البستاني، والوزير الحالي ريمون غجر لم يحققوا زيادة انتاجية، وقد اعتمدوا لتلزيم الخدمات الرئيسية للتوزيع والجباية على ثلاث شركات خاصة، فلماذا تستمر هذه الوزارة؟ سؤال يُطرح، ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابرهيم كنعان بيّن ان سحوبات وزارة الطاقة، من خارج المبالغ المرصدة في الموازنة، هي التي تسببت باستهلاك الاحتياط من الاموال الحرة في التعامل. “التيار الوطني الحر”، بعد مشاهدته الزحف الشعبي المسيحي الى بكركي تأييدا للبطريرك الكاردينال الراعي، ابدى اعتراضًا على الدعوة الى مبادرة دولية لحل عقدة اللاعمل واللاانتاج واللاتوافق التي تهيمن على مناخ العمل او الشلل في الحكم، و”حزب الله” ابدى كذلك اعتراضًا على انعقاد مؤتمر دولي … ونحن نريد تذكير التيار والحزب بالمعطيات التاريخية الآتية: قيام لبنان كدولة موحدة، والتمهيد لاستصدار دستور عام 1926، تحققا عام 1920 في مجتمع دولي تمثلت فيه عصبة الامم المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة وايطاليا (التي كانت في الحرب العالمية الاولى متحالفة مع بريطانيا وفرنسا في مواجهة المانيا)، وبالتالي تكرست الصفة الدولية للدولة اللبنانية منذ عام 1920 اي قبل مائة عام. يضاف الى ذلك، وهذا امر يعني “حزب الله” الى حد بعيد، وقد حصل بعد توقف حرب عام 1996 ما بين الحزب والجيش الاسرائيلي، وتسببت بخسارة مائة لبناني ولبنانية الحياة بالقصف الجوي الاسرائيلي على معسكر للقوات الدولية لجأ اليه المواطنون العزل، كما تسببت هذه الحرب بتهجير نحو 600 الف من اهل الجنوب الى مختلف المناطق اللبنانية، وقد سميت الحرب الاسرائيلية حينذاك “عناقيد الغضب”. منذ انطلاق عملية “عناقيد الغضب” في الثامن من نيسان عام 1996 لم يتوقف وزير الخارجية الفرنسي ايرفيه دوشاريت عن محاولات التوصل الى ما بات يعرف بـ “اتفاق ابريل” اي نيسان، وتلقى دوشاريت في مساعيه مساعدة من وزير الخارجية الاميركي وارن كريستوفر … وقد اعلن الرئيس رفيق الحريري في 26 نيسان مع دوشاريت في بيروت التوصل الى اتفاق، وفي وقت واحد اعلن بيريز وكريستوفر في القدس هذا الاتفاق. ونص الاتفاق على ما يأتي: 1- تمتنع المجموعات اللبنانية المسلحة (اي “حزب الله”) عن القيام بإطلاق صواريخ الكاتيوشا او اي قذائف اخرى على اسرائيل. 2- تتعهد اسرائيل وعملاؤها اللبنانيون عدم مهاجمة المدنيين اللبنانيين او الاهداف المدنية. 3- يتعهد الطرفان حماية المدنيين، في كل الظروف، من الهجمات المسلحة، كما يتعهدان عدم شن هجمات انطلاقًا من مناطق آهلة او مناطق صناعية تشمل مولدات كهربائية او منشآت توزيع. 4- يجوز لكل طرف ممارسة حق الدفاع عن النفس من دون ان يخل ذلك بهذا الاتفاق…وشكلت لجنة للإشراف على الاتفاق من الولايات المتحدة، فرنسا، وسوريا واسرائيل ولبنان والامم المتحدة. للمرة الاولى استطاع لبنان اختراق السيطرة السورية على قرارات التحرك باتجاه اسرائيل، كما كان “حزب الله” موافقًا على الاتفاق ومشجعًا له. لا بد هنا من مصارحة “حزب الله” بان الاتفاقات المفيدة للبنان، واهله، كاتفاق نيسان عام 1996 يمكن التوصل اليها مع اطراف اجانب اذا كانت النيات حسنة، ولا شك في ان لبنان مدين لوزيري الخارجية الفرنسي والاميركي وقتذاك بالعرفان، وكل ما يمكن قوله بالنسبة الى الوزيرين هو ان التعامل الشريف ممكن في احلك الظروف مع الناس الشرفاء. اضافة الى ذلك، ارتهن اتفاق نيسان 1996، بنشاط رجل فذ هو رفيق الحريري الذي لم يترك رئيسًا في فرنسا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا لم يتوجه اليه شخصيًا للتشجيع على انجاز الاتفاق. هكذا كانت علاقات لبنان في الايام العصيبة بوجود رفيق الحريري، ومن نجد اليوم، حسان دياب وجبران باسيل، وكيف لنا ان نأمل في استقطاب الانتباه الدولي ورئيسنا مرحب به فقط في سوريا وايران، وكأننا اصبحنا دولة ممانعة، والحقيقة ان سوريا ممانعة عن التقدم وملتزمة عدم القيام باي عدوان على تلال الجولان او على اسرائيل من الجولان منذ عام 1974.