الرئيسية / home slide / مشروع “حزب الله” يتهاوى مع لبنان

مشروع “حزب الله” يتهاوى مع لبنان

08-04-2021 | 00:07 المصدر: النهار

غسان حجار @ghassanhajjar

انفجار المرفأ (تصوير نبيل اسماعيل)

بات أكيداً أن لا قيامة للبنان في عهد الرئيس ميشال عون. لا لعلّة في ممارسة سيّده وتيار العهد فقط، وإنّما لأن رئاسته شكلت تحدياً لمحور سياسي على امتداد الوطن العربي، وباتت تجسّد الصراع القائم على مستوى الإقليم ما بين توجّهين بارزين. الأوّل تقوده إيران عبر “حزب الله” في لبنان، والثاني تحرّكه دول الخليج، ومن خلالها الدول الغربيّة، لمناهضة المحور الايراني – السوري، ما يجعل لبنان مجدداً ساحة لحروب الآخرين، منذ زمن الحرب وما بعده. في لبنان يتردّد باستمرار أنّ الخيار الإيراني نجح عبر إمساك “حزب الله” بمفاصل الدولة والسياسة والأمن، وان فشل مشروع قوى 14 آذار سابقاً، تجسّد خصوصا بانكفاء الدول الخليجيّة، وفي طليعتها السعوديّة عن لبنان، وإعلانها التخلّي عنه، بعدما وقع البلد أسير “حزب الله” كما ترى تلك الدول. لكن التوصيف السياسي شيء، والواقع شيء آخر، وهو مختلف تماماً، إذ إنّ المشروع الإيراني فشل فشلاً ذريعاً في لبنان، ومعه “حزب الله” ومشروعه، وإن كان الاخير بفضل قوّته الماليّة والعسكريّة والعدديّة والتنظيميّة قادراً على التحكّم بمسار بعض الأمور التي لم تحقّق نفعاً للبلد ولأبنائه. رئاسة الرئيس ميشال عون ثمرة “ورقة التفاهم” بين الحزب و”التيار الوطني الحر” في العام 2006، لكن العهد يواجه فشلاً لم يسبق، ربّما، لعهد آخر أن واجهه، وبالتالي فإنّ رئاسة عون لم تُحقّق للحزب وراعيه الإقليمي ما كان متوقّعاً بل مُنتظراً لأنّه خسر شعبيّته المسيحيّة أوّلاً، والغطاء الذي وفّره للحزب وسلاحه ثانياً. فالتيار “التسونامي” يشهد تحوّلات كبيرة قد تُصيّره شبيهاً بأحزاب مُنقسمة على ذاتها، وتكابد للبقاء. وبالتالي فإنّ الرهان على الشريك القوي (سابقاً) خسر كثيراً، ومردّ خسارته تفاهمُه مع “حزب الله” أوّلاً، وأداؤه ثانياً. والكلام عن إمساك الحزب بالبلد صحيح نسبيّاً لأنّه يملك الإدارة الأمنيّة القادرة، وتنسيقه مع الطرف الآخر في الثنائي الشيعي، يجعله مسيطراً، بل محتكراً قرار طائفته. لكن ما يسمّى انتصاراً لا يمكن بقياس جدي الا ان يوصف بالفشل الذريع، وبسقوط كل الرهانات. فالزمن، زمن الشيعيّة السياسيّة، فيما الاقتصاد في الحضيض، والبلد في انهيار مالي، والجامعات العريقة مُهدّدة أمام الدكاكين، والمستشفيات يهجرها أهلها، وصناديق الدولة في إفلاس كلّي، والدستور بات وجهة نظر، وتأليف حكومة صار من المستحيلات، وعمل الحكومة أمراً مُعقّداً، والعلاقة مع سوريا “الشقيقة” مُضطربة، وشبه مُنقطعة مع الدول العربيّة، والعقوبات تُلاحق اللبنانيّين ومؤسّساتهم في الدول الغربية. النفط والغاز لن يكون ممكناً استخراجهما قبل الاتفاقات على الحدود البحريّة مع اسرائيل وسوريا وقبرص، ومرفأ بيروت لن يستعيد حيويّته قبل إصلاح إدارته، والمطار لم يعد عالميّاً، ولبنان خسر حيويّته السياحيّة ومؤسسات القطاع الى افلاس فإقفال.  ماذا بعد؟ أهذا هو الانتصار والامساك بالبلد في زمن الشيعيّة السياسيّة؟ لا أظنّ أن اللبناني يمكن أن يشهد على أسوأ ممّا يعيشه حاليّاً.الصمود في مواجهة إسرائيل، يتطلّب مقوّمات لصمود الشعب، ولا يكفي السلاح، لأنّ الجوع أقوى منه، والفقر يغلبه، وصراخات المرضى تعلو على قرقعة السلاح، وآلام الناس لا يُداويها مدفع أو صاروخ.  بعد كل هذا أعجب للقائلين بأنّ المشروع الإيراني انتصر في لبنان. صحيح أن القوى المُعادية له خسرت معركتها من تلقاء ذاتها، لكنّ خسارتها لا تعني انتصاراً مقابلاً، فلا أمن اجتماعيّاً، ولا اقتصاديّاً، ولا ماليّاً، ولا نفسيّاً، ولا صحيّاً، بل انهيارات  في كل القطاعات معها يصير الانتصار غلبة على جثة ميّت.