منذ استيلاء جهاديي “داعش” على #الموصل في التاسع من نيسان 2014، ترك المنطقة نحو 120 ألف مسيحي لجؤوا الى قرى سهل نينوى ومنها انتقلوا الى كركوك وإربيل، في إقليم كردستان. وبعد تحرير السهل مطلع السنة عاد بعض المسيحيين وأفراد أقليات أخرى ، الى ديارهم، بما فيه الى مدينة قره قوش التي دمر التنظيم الجزء الاكبر منها وحرق كنائسها وفخخ حقولها. فهل يكون تحرير الموصل بداية نهاية كابوس مسيحيي العراق؟
موناليزا فريحة
- 3 تموز 2017 | 16:44
المصدر: “النهار”
عندما عاد #مسيحيون الى #قره_قوش، “عاصمة” مسيحيي الشرق والواقعة على مسافة 15 كيلومتراً من مدينة الموصل، لتفقد منازلهم أواخر العام الماضي إثر تحريرها من ” #داعش“، لاحظوا أن قبة الكنيسة خسرت صليبها الذي تدلى في شكل لافت على منحدر القبة وكأنه يرفض السقوط. أما برج الجرس فكان مقطوع الرأس وخسر جرسه.
ولم تكن قرقوش الوحيدة التي اصابتها لعنة “داعش”. قرى ومدن كثيرة من سهل نينوى نزح أهلها الى اقليم كردستان وهاجر بعضهم الى خارج العراق، بعدما سلبت ممتلكاتهم ودمرت منازلهم.
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، لخص ل”النهار” أوضاع مسيحيي العراق، لافتاً الى أنه على أثر احتلال “داعش” للموصل في ١٠ حزيران وسهل نينوى في ٦ اب ٢٠١٤، لجأ مسيحيو الموصل وسهل نينوى إلى إقليم كردستان، فيما هاجر أكثر من ربعهم إلى الخارج.وسكن معظم النازحين ضاحية عينكاوا في مدينة أربيل ومدينة دهوك وبعض القرى في الإقليم.
وحتى الان، يقول البطريرك، عادت 200 عائلة تقريباً إلى بلدة قره قوش، وتنتظر عائلات أخرى العودة إلى بيوتها وقراها في سهل نينوى بعد تحريرها.
ولكن التحرير لن يكون وحده كافياً لعودة المسيحيين النازحين، وبالطبع أولئك الذين غادروا العراق الى دول أخرى.
ويقول مار إغناطيوس أفرام الثاني إن الذين لا يزالون يعيشون في الإقليم يأملون بالعودة شرط توافر ما يضمن أمنهم. ولكن حتى الان، “ليست ثمة أي ضمانات… نطالب المجتمع الدولي بأن يضمن أمنهم وسلامتهم وهذا لا يعني وجود قوّات أجنبية أممية، ولكن من خلال اتفاقات بين قوّات المنطقة بضمانات دولية”.أما أولئك الذين هاجروا إلى خارج العراق، “فمعظمهم لن يعود. ربما تعود نسبة قليلة إذا توافر الأمن وكانت هناك ضمانات دولية”.
الواضح أن مسيحيي العراق لم يفقدوا منازلهم وممتلكاتهم فحسب في الجولة الاخيرة من العنف الذي اجتاح البلاد منذ غزو “داعش”، وإنما أيضاً الشعور بالأمان، وخصوصاً بعد تعرضهم للتنكيل والتعذيب على يد عراقيين من القرى المجاورة لقراهم وبلداتهم انضموا الى “داعش”.
وفي ظل هذه الظروف، أعيد احياء فكرة اقامة حكم ذاتي لمحافظة نينوى. وعقد الاسبوع الماضي في بروكسيل مؤتمر برعاية الاتحاد الأوروبي ناقش أوضاع المسيحيين في عموم العراق، وأعطى الأولوية للمسيحيين في سهل نينوى. وامتنع بعض الجهات العراقية المسيحية عن المشاركة بسبب خلافات داخلية، فيما أفادت تقارير اعلامية عن حضور أعضاء في الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأميركي وبعض منظمات المجتمع المدني. وشكلت الخيارات المتاحة لمحافظة نينوى في مرحلة ما بعد “داعش” محور النقاش، اضافة الى ما اذا كان ممكناً أن تتمتع بإدارة ؟ وفي الحالتين هل ستكون تابعة لحكومة بغداد أم لاقليم كردستان.
فما هي حظوظ حكم ذاتي لتلك المنطقة، وهل يمكنه توفير الامن الذي يتطلع اليه مسيحيو العراق.
يقول البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني: “نحن نؤمن أنّه من حق سكان نينوى من المسيحيين ومن غيرهم من الأقليات أن يديروا شؤونهم الذاتية تحت أي مسمّى يُتفق عليه مع الجهات الفاعلة على الأرض إذا كانت هذه الترتيبات مضمونة دولياً وبالاتفاق مع القوى العاملة في المنطقة. سلامة المسيحيين يجب أن تكون مضمونة من خلال اتفاقيات دولية، ومن ضمنها تشكيل فرق حماية من أبناء شعبنا تحمي القرى والبلدات”.
وهل يعتقد أن حكومة بغداد ستوافق على هذا الامر؟، يقول إن “النظام في العراق فدرالي، وتسمح بعض مواد الدستور العراقي (كالمادة ١١٩) بإقامة حكم خاص في سهل نينوى، وبناءً عليه، من واجب الحكومة العراقية أن توافق على ذلك وتسمح به وخاصة أن الرئيس السابق للعراق جلال طالباني كان قد اقترح محافظة خاصة للمسيحيين في سهل نينوى ومجلس الوزراء العراقي كان قد اتخذ القرار رقم ١٦ بتاريخ ٢١ كانون الثاني العام ٢٠١٤ في هذا الخصوص”.
شارك في مؤتمر بروكسيل ، نائب رئيس البرلمان الأوروبي مايريد ماك غينيس وبطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار أغناطيوس أفرام الثاني ورئيس أساقفة الموصل وكركوك وكردستان المطران مار يوحنّا بطرس موشي عدد من الشخصيات الدينية والسياسية من أوروبا ومن العراق.
وأبرز المتحدثون أهمية الحضور المسيحي في العراق، وآفاق المستقبل، مع التأكيد على أهمية المحافظة على وجود المسيحيين في أرض الآباء والأجداد.
وعن نتائج المؤتمر، يقول مار أغناطيوس أفرام الثاني إن المؤتمر يعد حدثاً تاريخياً بالنسبة إلى أبناء سهل نينوى من السريان والكلدان والاشوريين خصوصاً، وكان محط أنظار أبناء شعبنا في العالم.
ويضيف: “للمرة الأولى، اجتمعت أحزاب ومؤسسات تمثل هذا الشعب في إطار دولي – وخصوصاً في الاتحاد الأوروبي – للبحث في هذه الأمور، بدعوة وحضور أعضاء من البرلمان الأوروبي وممثلين عن الحكومة الأميركية ومن حكومتَيْ بغداد وإقليم كوردستان. واتفقت هذه الأحزاب على رؤيا موحَّدَة لمستقبل سهل نينوى، “ونحن نظن أن النتيجة كانت مشجعة ونأمل أن تكون هناك متابعة للموضوع على عدة مستويات”.
أما متابعة نتائج المؤتمر فتقع بالدرجة الأولى “على كاهل أحزاب شعبنا السرياني الكلداني الأشوري”، اضافة الى تعهّد منظّمي اللقاء من البرلمان الاوروبي متابعة هذا الموضوع مع الجهات المختصة.
ومع طي الصفحة السوداء من تاريخ العراق بدحر “داعش” من الموصل، هنأ البطريرك الشعب العراقي بهذا الحدث الكبير ووأبرز أهميةالتضحيات التي قدّمها أبناء العراق في سبيل القضاء على التنظيم. الى ذلك، ناشد حكومة بغداد الاهتمام بالمناطق المحررة والعمل على إعادة أبناء هذه المناطق، كما طالب حكومة العراق بالنظر إيجاباً إلى مطلب أبناء هذه المنطقة بمنحهم الحق في تقرير مصيرهم وإدارة شؤونهم أُسوَةً بالأكراد.