اخبار عاجلة
الرئيسية / home slide / “مسار الليبيرالية في الولايات المتحدة” لحسين كنعان: دعوة سقراطية هل لها مسار في المجتمعات العربية؟

“مسار الليبيرالية في الولايات المتحدة” لحسين كنعان: دعوة سقراطية هل لها مسار في المجتمعات العربية؟

14-07-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”

سليمان بختي

مسار الليبيرالية في الولايات المتحدة الأميركية.

مسار الليبيرالية في الولايات المتحدة الأميركية.

يميز الدكتور #حسين كنعان في كتابه “#مسار الليبيرالية في الولايات المتحدة الأميركية” الصادر عن “#دار نلسن” في 256 صفحة بين المبدأ والممارسة. وكيف انحدر مسار الليبيرالية في الولايات المتحدة في الممارسة والتطبيق نحو الفساد والاحتكار والهيمنة والعنصرية والتهرب من الضرائب. يذكر أيضا كيف “كان الأميركيون يضعون كل شيء جيد بالليبيرالية… كونها الثقافة السياسية الأحسن والأفضل”. ويعود في تأصيله للمفهوم إلى أطروحات الفيلسوف الإنكليزي جون لوك (1632-1704) التي ترتبط دائما بحرية الإنسان وحقوقه وكرامته، ومن اجل تحقيق ذلك لا بد من توفر مبادئ الحرية والعدالة وسيادة القانون. تنهض الأمم الحضارية على ركيزتين أساسيتين: تطبيق القانون العادل والمحاسبة السياسية في إطار نظام سياسي ديموقراطي ليبيرالي حر. وبقدر ما تتطور الأمة يكون الأمر على مساره الصحيح.

يتمحور كتاب الدكتور حسين كنعان على هذه الفكرة الأساسية ويشكل دراسة مرجعية وافية وعميقة. هدفها التأكيد أن الفكر الليبيرالي هو المحرك والرقيب لدفع عملية الديموقراطية قدما وتحقيق الحرية والمساواة والعدالة. منذ إعلان استقلال الولايات المتحدة الأميركية في 4 تموز 1776 وضع المدماك الأول لليبيرالية في الولايات المتحدة الأميركية واتضحت مفاهيمها المرتكزة على الحرية الفردية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية. ورغم تعرض هذه الليبيرالية إلى تشوهات بفعل الممارسات العنصرية، إلا أنها أفضت في النهاية إلى وصول باراك أوباما الزنجي الذي عانى من عدم المساواة والتمييز العنصري إلى سدة رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

يتناول حسين كنعان بالوقائع والتحليل والدراسة المتعمقة الليبيرالية بمفاهيمها العقلانية والإنسانية والإجتماعية مبرهنا ان تطبيقها يتم عن وعي سياسي اجتماعي عند المواطنين وأول معانيها حرية المعتقد والتعبير واحترام حقوق الإنسان وتحريره من العبودية والاستعباد ودور المؤسسات في سن القوانين وتطبيقها بشكل عادل، متوقفا عند الدور الذي استطاعه أوباما بحركته وأسلوبه لكسر الجدار العملاق ليكون الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة. يبحث كنعان في قناعات أوباما حول الليبيرالية المعاصرة وبأنها يجب أن تكون العقيدة الإنسانية في النظام السياسي والإقتصادي في العالم المتحضر، وبأن الدولة يجب أن تكون المحرك والرقيب والمبلور لتحقيق النظام الاقتصادي الحر القائم على مبادئ الحرية والمساواة والعدالة.

ثمة سؤالان يطرحهما كنعان، الأول هو كيف نعيد مسار الليبيرالية في العالم نحو خدمة الإنسان ونحو الحرية والعدالة؟ وهل تسمح ظروف النطام الدولي والصراعات الدائرة في العالم ومعه الفلتان الإقتصادي والمالي بتصحيح هذه الوقائع؟ السؤال الثاني: هل من مسار لليبيرالية في المجتمعات العربية؟ والحال، انه في كل ما سمّي بالربيع العربي سيطر الهروب من الواقع بدل محاولة معالجة الآفات والمشاكل التي أدت إلى الانتفاضات التي لم تصل إلى أهدافها. وبدل أن تكون الساحة مسرحا للمناداة بالحرية والعدالة والمساواة وتحقيقها أصبحت بؤرة للتزمت والسلفية والغيبية. من هنا دعوته المجتمعات العربية إلى الوعي والتنبه والتركيز على مبادئ بناء الذات القومية الديموقراطية الصحيحة القائمة على احترام حقوق الإنسان، والعمل على خلق مفاهيم ليبيرالية في حال أرادت التحرر من قيود التخلف وبناء مجتمعاتها والسير على دروب الدولة الحديثة، ومخاطبة العالم بالمنطق والعقل وفهم الواقع وتركيبة النظام الدولي الجديد.

ينهي الدكتور حسين كنعان كتابه مستلهما دعوة سقراط “اعرف نفسك” أي أن يتدارك الانسان نفسه ويعرف ما يجري حوله، وأن على الأمم والمجتمعات أن تتعرف إلى ذاتها لتدرك ضمن أي نظام دولي تعيش، والدور الذي تستطيع ان تؤديه بموضوعية وعقلانية في خدمة هذه المجتمعات وتطويرها.