اخبار عاجلة
الرئيسية / Data Rooms / “مدام صالحة”..مصممة أزياء فيروز وصباح وزلفا شمعون والأميرة لمياء

“مدام صالحة”..مصممة أزياء فيروز وصباح وزلفا شمعون والأميرة لمياء

المدن – ثقافة

الأحد 2023/07/09
Almodon.com

الصبوحة في ملهى مدام صالحة وترتدي من تصاميمهاالصبوحة في ملهى مدام صالحة وترتدي من تصاميمها

الأميرة لمياء الصلح في فستان الزفاف الشهير ومن حولها مدام صالحة وكل العاملات اللاتي شاركن في تطريز الفستان"مدام صالحة"..مصممة أزياء فيروز وصباح وزلفا شمعون والأميرة لمياء

مراكش وبياع الخواتممراكش وبياع الخواتم

أم كلثوم وصباحأم كلثوم وصباح

ثرياثريا

غلاف باري ماتش وصفحات الشبكةغلاف باري ماتش وصفحات الشبكة

مع انطلاق مهرجانات بعلبك، يمكن أن نستذكر المصمّمة الشهيرة مدام صالحة التي كان لها دورها البارز في إبراز التصاميم الفلكلورية الشعبية “الوطنية” في هذه المهرجانات…إلى جانب لمستها السحرية في فساتين الأعراس…

عندما كتب المصمّم (والمؤرخ) جو شليطا عن مصمّمة الأزياء رئيفة رضوان صالحة أو “مدام صالحة” كما نعرفها في وسائل الإعلام، وصفها بـ”الساحرة” و”الانتقالية”، و”الأسطورية التي مدّت جسرًا عبر البحر المتوسط يربط بين بيروت وباريس”، كانت ترسم ملامح أسلوبها الفريد في عالم الموضة بـ”المزج بين الأناقة الباريسية والشامية”، تحدّت مجتمعها الجبليّ والتقليديّ وحطمت الحواجز واجتازت المطبّات، ليس كامرأة فحسب بل وأيضًا كمصممة أزياء مبدعة ورائدة أعمال اعتُبرت من ضمن “أول عشر نساء مؤثرات في لبنان”. وهي رفعتْ الهوت كوتور اللبناني إلى المستوى الدولي أو العالمي، وارتقت بمكانة بيروت حتى أصبحت “باريس الشرق الأوسط”. وارتدت تصاميمها أشهر الأميرات والعائلات المالكة و”الاقطاعية” والمخملية والثرية بما في ذلك العديد من أبرز المشاهير في العالم العربي، ولامست شهرتها تلك التي كان يتمتع بها هيبار جيفنشي وبالمين وكوكو شانيل…

(مدام صالحة)
ولدت مدام صالحة عام 1926 في منطقة عالية اللبنانية. وسعت وراء حلمها بالاشتغال في حياكة الأزياء منذ أن كانت طفلة، تزوجت في سن مبكرة، إذ كان عمرها 15 عامًا. بدأت مشروعها لتصميم الأزياء في أواخر أربعينيات القرن العشرين، بدأت من الصفر، تقول إن كل من تلقى المراحل المبكرة من التعليم بإمكانه تعلم هذا المجال، “علّمت نفسي بنفسي”، هكذا صرحت ذات مرة… في باريس، عملت مدام صالحة لفترة وجيزة مع مدام غريس وبيير بالمين الذي أصبح من أصدقائها المقربين، ثم عادت إلى بيروت لتطلق “دار صالحة”، وهي أول دار أزياء مسجّلة في لبنان والشرق الأوسط. بدأت تدير عملها من مشغلها الذي يقع وسط بيروت في شارع بشارة الخوري قرب سينما “غومون بالاس” الآفلة، من هناك انطلقت شهرتها من خلال تصاميمها التي تميزت بطريقة تطريز راقية جعلتها مقصد سيدات ما يسمى “المجتمع المخملي” في بيروت الخمسينيات والستينيات من بنات العائلات البيروتية كحلبي وربّاط وسرسق وحتى العائلات الجنوبية كالخليل والأسعد، وكانت ميزة التصاميم التي تقدّمها، قائمة على التمايز والفخامة وحتى الثراء الفاحش، ففي ستينيات القرن الماضي نقرأ عن سعر فستان بأربعين ألف ليرة، كانت رئيفة صالحة تقول “قد اطلق على كل فستان ما يلائمه، فالذي ترتديه السيدة غادة الأسعد قرينة رئيس مجلس النواب اسمه “كاترين”. وفستان السيدة جميلة الخليل “ألف ليلة وليلة”، والسيدة نجيبة أطلق عليه اسم جميل الجميلات”…

من خلال مهرجانات بعلبك التي أُطلقت في العام 1957، وصلت مدام صالحة كمصممة أزياء إلى المجد والشهرة التي تشكل قفزة في مسيرتها. كان لها أيادي بيضاء ولعبت دورًا محوريًا من تفسيراتها للإشارات التاريخية للأزياء الفلكلورية اللبنانية الى جانب آخرين، والتي استحوذت على الأضواء ضمن المهرجانات، إذ حظي الفن الشعبي والثقافة اللبنانية بفرصة الظهور على منصة عالمية لأول مرة في تاريخه. وما فعلته مدام صالحة أنها بحسب إحدى صفحات الفايسبوك التي تروّج صورها، ساهمت متبرعة ومن دون أي مقابل باعداد جملة أثواب فولكلورية موسمية لنجوم الفن الشعبي اللبناني أمثال فيروز وصباح… وقد تألقتا سواء في عروضهما على المسرح أو حفلاتهما الغنائية.

(صباح في زي فلكوري صممته “مدام صالحة” في مهرجان بعلبك عام 1964)

ونمت قائمة عميلات مدام من النساء الشهيرات، من زلفا شمعون، وثريا ملكة إيران التي كانت كثيرًا ما تتردد على بيروت، إلى الأميرات العربيات من البلدان المجاورة والنجمات مثل سميرة توفيق، صباح، سامية جمال.. وحين قدّمت أم كلثوم أغنية “يا مسهرني” ارتدت ثوباً من تصميمها، أما فيروز فارتدت من تصاميمها الفساتين التي ارتدتها في فيلم “بياع الخواتم” اخراج يوسف شاهين.

وكانت نقطة التحوّل الأبرز في مسيرة مدام صالحة حين صممت فستان عرس الأميرة لمياء الصلح، ابنة رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح حينما زفت إلى الأمير المغربي مولاي عبد الله في العام 1961. وقد تصدر فستان زفافها عناوين الأنباء العالمية واعتبر من أجمل الفساتين في العالم (مجلة “كويك” الألمانية عام 1961)، محطمًا الأرقام القياسية لأطول ذيل فستان(22 متراً) حيث قامت المجلة المذكورة بنشر الخبر مع صورة مبهرة… وكان الفستان مطرزًا بزخارف “دار صالحة” المميزة من الذهب ومرصعًا باللآلئ والأحجار شبه الكريمة التي زينت أمتارًا من ساتان دوشيس الحريري الفاخر. وكل ما كانت تقدمه “مدام صالحة” كان عبارة عن عمل يدوي منفذ بحرفية عالية، ما كان يستغرق وقتاً طويلاً في التنفيذ، ذلك أنها لم تكن تستعمل آلات أو ماكينات شك أو تطريز واتكلت على أناملها وأنامل العاملات معها لتقوم بالعمل كله. اعتبرت مدام صالحة مرجعاً في فساتين الزفاف في ستينيات القرن الماضي وكانت تقول “نسبة عالية من سر الجمال تكمن في الطرحة”. أما القفطان المغربي التقليدي المصنوع للأميرة لمياء(تصميم صالحة) فقد كان مطرزًا بالذهب على مخمل من الحرير الخالص بلغ وزنه أكثر من 20 كيلوغرامًا، وهو ما جعله يتصدر أيضًا غلاف مجلة “باري ماتش” العام 1961.

واشتهرت مدام صالحة بداية من إقامة الحفلات الخاصة بمنزلها إلى السهر في أرقى الأماكن في بيروت، مثل ملهى ليه كاڤ دو روا الليلي الذي زارته النجمة بريجيت باردو في العام 1967 وغيرها كثرٌ من نجوم هوليوود وأوروبا. وقد اختلطت مدام صالحة بأوساط الأثرياء والمشاهير وكثيرًا ما كانت تُشاهَد بصحبة الفنانة صباح التي غنت أيضًا في حفلات خاصة بمنزل صالحة. 

(الأميرة لمياء الصلح في ثوب مراكشي من تصميم “مدام صالحة”)

رحلت مدام صالحة في العام 1968 عن عمر يناهز 42 عامًا نتيجة أزمة قلبية، فلم يُقدر لها الاستمتاع بمشروع مشترك تم التخطيط له من قبل في بيروت مع المصمم الإيطالي ڤالنتينو. وقد منحتها الحكومة اللبنانية وسام الاستحقاق. وجاء في جريدة “الحياة”: “واخيرا تتجه الدولة الى تقدير الفن على الصعيد المهني! فقد منحت مدام صالحة وسام الاستحقاق اللبناني من رتبة فارس تقديرا لجهودها وابتداعها أرقى فنون الخياطة العالمية”.

باختصار يمكن القول إن مشغل “مدام صالحة” للأزياء كان عبارة عن مؤسسة متكاملة، أول دار أزياء لبنانية بحسب المفهوم الحديث، وحتى أن الكثيرين من مصصمي الأزياء اللبنانيين الذي وصلت شهرتهم الآن إلى العالمية يعترفون بريادة “مدام صالحة” ويدينون لها بكثير من الفضل.