- روزانا بومنصف
- 10 حزيران 2017
إذا كان الهدف الاساسي للقطيعة الخليجية والعربية مع قطر انهاء تنظيم الاخوان المسلمين وفق ما بدا للبعض في قراءته للاجراءات التي اتخذت ازاء قطر من بين امور اخرى يعتقد انها ستنتهي بتسوية في غير مصلحتها نتيجة اعتبارات متعددة ، فان الترف السياسي الذي يعيشه لبنان على وقع ان ما يجري لا صلة له به وان الاستقرار الامني المدعوم من خلال الدعم الاميركي المتواصل للجيش اللبناني ربما قد يكون مبالغا فيه الى حد كبير. فمن اطلع على جلسة الاستماع التي خصصت للبحث في “استهداف الشبكة المالية لحزب الله: الخيارات المتاحة” الخميس في 8 الجاري ربما ادرك كم ان وضع لبنان غدا محرجا في الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه وسقوط الذرائع الواحدة تلو الاخرى. اذ ان قائد القيادة المركزية الاميركية الذي زار لبنان في 6 الجاري كان واضحا في الاعلان عن افتخاره بدعم “الجيش اللبناني كونه المدافع الوحيد عن لبنان”. وهو موقف يجب التوقف عنده فيما لم يوله احد الاهمية التي يستحق ربما نظرا الى ان الموقف الاميركي يصب في هذا المضمون. وبغض النظر عن واقع ان هذا الكلام يذهب عكس ما كان ذهب اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذا الاطار واثار رد فعل خارجي لجهة اعتباره ان الحزب يدافع عن لبنان ، فان هذا الاخير وقد غدا لا يحظى باعتبار كبير لدى الدول الخليجية في ضوء ما يعتبر خضوعه لنفوذ الحزب في سياسته الخارجية في شكل خاص قد يكون امام تحديات جديدة لا يمكن التعامل معها عبر الترف السياسي الذي يمارس راهنا. يقول معنيون ان لبنان يظهر ارتباكا امام الاجراءات التي من المرتقب ان تطاول “حزب الله” لكنه يتعامل مع الادارة الاميركية الحالية كما تعامل مع الادارات السابقة وبالمنطق نفسه المتصل بوجوب حماية استقرار لبنان وعدم المساهمة في معاقبته اقتصاديا وماليا عبر فرض عقوبات اكثر على “حزب الله” قد تطاول قطاعه المصرفي مثلا على رغم ان هناك متغيرات كبيرة بات الجميع يتلمسها في الادارة الاميركية فيما لا يملك الخارج وليس لبنان وحده المفاتيح بعد الى اصحاب القرار المؤثرين في هذه الادارة. واذا اخذ في الاعتبار الموقف الذي اعتمدته هذه الاخيرة في الصراع الخليجي مع قطر، فانه ينبغي على لبنان ان يحذر خطواته من جانبين هما الموقف الاميركي من الحزب وكذلك الموقف الخليجي منه وهو في اعتبار الاثنين تنظيم ارهابي يتساوى والقاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية وفق ما تم تعميمه في خلاصة قمة الرياض اخيرا.
ثمة اسئلة قد تغدو مطروحة بقوة امام الدولة اللبنانية. فهناك الحرب على الارهاب التي يحظى على اساسها الجيش اللبناني بالدعم الاميركي الكبير. ومع ان هناك تعاطفا وتقديرا مع الجيش من الجانب الاميركي اضافة الى المصلحة الاميركية في تمتعه بالقوة التي تسمح له بان يكون عصب الدولة والمدافع الاساسي عنها فان ما قد يطرح في المرحلة المقبلة هو مدى استمرار الدعم الاميركي بالزخم نفسه ما دامت الولايات المتحدة اخذت على عاتقها انهاء تنظيم الدولة الاسلامية بنفسها وهذا التنظيم الى تراجع. وذلك علما ان الصراع على تركته في سوريا والعراق قائم بين الدول الاقليمية والدولية. والمخاوف في هذا الاطار تتصل بواقع من يسأل في واشنطن اذا كان ساهمت المساعدات التي قدمت للجيش اللبناني على مدى السنوات الاخيرة قد ساهمت او لم تساهم في تقليص نفوذ الحزب او ان العكس هو ما هو حاصل فعلا. ومع ان هذا السؤال يفضي الى اجوبة متناقضة انطلاقا من انه اذا كانت المساعدات الاميركية لم تساهم في تقليص نفوذ الحزب فهل يترك لبنان او تخلى ساحته للحزب ام لا واين المصلحة الاميركية في هذا الاطار ايا يكن موقع لبنان في سلم الاولويات الاميركية؟
ان لبنان يتعرض للضغط ليس وفقا لعقوبات مرتقبة على “حزب الله” فحسب بل ان الحزب يضغط بدوره من اجل تخفيف الضغوط عنه وعن مؤيديه ومناصريه. وتبعا لذلك فان لبنان يعاني من مسألة حرجة بات يشكلها “حزب الله” عبر امتداداته الاقليمية وتوسع تجارته غير المشروعة عالميا وفق ما يتهم على نحو لا يتصل من قريب او بعيد بالمنطق الذي رفعه الحزب طويلا اي كمقاومة في وجه اسرائيل. فما تم تقديمه من تفاصيل في جلسة الاستماع امام الكونغرس الاميركي يجعل من الصعب استغراب القانون الذي يمكن ان يصدر نتيجة لذلك والذي يمكن ان يكون مثقلا على لبنان بنسبة كبيرة.
يقول معنيون ان لبنان المربك خصوصا عبر رئاسته الجديدة في كيفية خوض غمار هذه التحديات قد حاول اعتماد خشبة خلاص عبر تجديد ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامه بما يمكنه من تحييد القطاع المصرفي ما امكن عن تداعيات الاجراءات الاميركية. لكن يخشى الا ينجو هذا القطاع من ضغوط سبق ان شهد مثلها ويمكن مجددا الاطلاع على جلسة استماع الخبراء امام الكونغرس الاميركي لمعرفة التفاصيل. وليس واضحا اذا كانت الظروف الاقليمية يمكن ان تساعد رئيس الجمهورية او لا تساعده في هذا الاطار وذلك في حال توافرت له الارادة والقدرة على اجراء مقاربات مختلفة انطلاقا من تحالفه الوثيق مع الحزب. لكن الفكرة انه اذا كان لبنان مغلوباً على امره فان ذلك قد يقوي النزعة للسعي الى محاولة انقاذه عبر ما يراه الآخرون ضروريا.