14-01-2022 | 00:25 المصدر: “النهار”


قطع الطريق عند السفارة الكوينية احتجاجاً على الأوضاع المعيشية (نبيل إسماعيل).
ما نراه راهنا في رأي مراقبين سياسيين من العودة إلى استحضار الحملات على حاكم المصرف المركزي #رياض سلامه وعلى القطاع المصرفي ثلاثة امور اساسية: اولها ان هناك حاجة إلى تمويل استمرار العهد والسلطة الحالية ككل من دون انهيارات كبيرة بحيث يخشى ان يكتسب الضغط على سلامه طابع ارغامه على التصرف بما تبقى لديه من احتياطي هو ما تبقى من اموال المودعين تحت طائل الذهاب في المرحلة المقبلة إلى المطالبة بالتصرف بالذهب ايضا.فازاحة سلامه في اوج حكومة حسان دياب الموالية كليا للتيار العوني و” حزب الله” فشلت حين كان العهد متمكنا اكثر من الوضع الراهن والامر لم يعد متاحا لا سيما في ظل فشل دعوته إلى الحوار.
ثانيا: ان ما يحصل في” يوم الغضب” تسود ظلال كبيرة من الشك حول محركيه وعدم براءته في هذا التوقيت والتمهيد له عبر سيناريو التظاهر والغضب امام المقر الرئيسي للمصرف المركزي يماثل اعادة انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 إلى الواجهة التي بدأت بتحركات تحت شعارات ليسقط حكم المصرف قبل ان تجتذب الانتفاضة الناس إلى الشارع بقوة اكبر حتى اذا ما تحولت ضد الطبقة السياسية تحت شعارات ” كلن يعني كلن” ما ادى إلى خروج التحركات التي دفعت إلى الواجهة باتجاهات معينة عن ارادة محركيها وتاليا إلى وضع اهل السلطة ثقلهم من اجل تحطيمها وقمعها كليا.
ثالثا: ان التحريك راهنا يرتبط بحسب هؤلاء المراقبين بما يواجهه ” حزب الله” من تحدي اعلاء الصوت ضده والتحول الداخلي في اعتباره مسؤولا عن انهيار لبنان واستخدامه ساحة لمصلحة دولة اقليمية هي ايران يجاهر الحزب بولائه لها ولاهدافها. وحتى تنظيمات المجتمع المدني التي شاركت في التظاهرات قبل سنتين وتم اختراقها بتنظيمات موازية او بعناصر تفجرها من الداخل عبر خلافات مفتعلة او اختلاف في الرؤى وصلت إلى اقتناع بان نفوذ ” حزب الله ” هو المشكلة وهو الذي يعيق الحلول في البلد. فغابت كل المطالبات بالكابيتال كونترول او استعادة الاموال المنهوبة ما ادى إلى تحريك للرأي العام اللبناني في اتجاه الحزب ومسؤوليته. وهو ما يدفع بالأخير إلى محاولة تغيير هذا الواقع بالعودة إلى نقطة الانطلاق بتحويل الانظار إلى مسؤولية القطاع المصرفي عبر ارتفاع مخيف لسعر الدولار في السوق اللبنانية.
يغلب الاعتقاد راهنا لدى معظم الافرقاء السياسيين وحتى الديبلوماسيين ان ما يتم تحضيره على الارض سيصب في خانة السعي إلى تطيير #الانتخابات النيابية. وليس هناك اي مجال لرد المسؤولية عن الافرقاء السياسيين المتخوفين من نتائج الانتخابات وما يمكن ان تؤدي اليه سوى الشارع وتطوره إلى فوضى متدحرجة تفاديا لعقوبات خارجية او للمسؤولية بتطيير الانتخابات شأنها في ذلك شأن كل المسائل في لبنان. وعلى رغم اعلان كل المسؤولين والاحزاب اصرارهم على اجراء الانتخابات في موعدها، فان تطوير الوضع إلى انفلات امني قد لا يكون متاحا تماما باعتبار ان تجربة احداث الطيونة اخيرا اثبتت مخاطر افتعال واقع يؤدي إلى حرب اهلية مدمرة بالنسبة إلى الجميع ايا كانت احجامهم.وهناك تعميم واسع لاجواء احتمال عدم اجراء الانتخابات وكذلك تعميم لنتائجها المحتملة التي لن تؤدي وفق هذا التعميم إلى اي تغيير يعتد به، وهو امر بات السفراء الغربيون ايضا يميلون إلى تبنيه في شقيه ، ولكن لا ينبغي تجاهل ان المؤشرات في الايام الاخيرة تهدف إلى تطيير الانتخابات . وذلك علما ان الامور متداخلة إلى حد مخيف. ولا يستبعد كذلك اظهار عضلات الامساك بالبلد وتعطيله ودفعه في الاتجاه الذي يراد توجيهه. فالنزاعات راهنا هي بين اهل الفريق الواحد وكذلك التفاوض في ما بينهم على غرار الصفقة الفضيحة التي قضت بمقايضة قرار المجلس الدستوري بطلب الطعن الذي قدمه التيار الوطني الحر من اجل اطاحة تصويت المغتربين باطاحة المحقق العدلي في جريمة المرفأ طارق البيطار عبر اجراء تعيينات تحاصصية ما يعني ان الخلاف هو على توزيع قالب الجبنة في السلطة والقضاء بين افرقاء الفريق السياسي الواحد. وكل التحركات الاخيرة بدءا من ارتفاع سريع وتضخيمي مفتعل لسعر الدولار وصولا إلى حوار حول الاستراتيجية الدفاعية بدا رئيس الجمهورية راغبا فيه على وقع رفع وصهره سقف المآخذ على الحليف الشيعي بسبب اختلافات حول جملة امور، فانه في خضم سيناريو تطيير الانتخابات سيناريوات محتملة لاتمام اعمال او الاتفاق على صفقات معينة قد تبدأ عبر تحريك الارض القول ان فتح الدورة الاستثنائية لن يسير وفق ما حدد رئيس الجمهورية وصولا إلى ضرورة الاتفاق على مرحلة الانتخابات او تطييرها او ايضا ما بينهما وضع حدود لتهديد باسيل بالتفلت من خلال شارع لن يتمكن رئيس الجمهورية من ضبطه فيما لا حكومة فاعلة لتحميلها المسؤولية ولا مجلس النواب وليس هناك سوى رئيس الجمهورية. هذا السيناريو مرشح للتفاعل ولان تظهر مفاعيله خلال اسبوعين او ثلاثة اسابيع علما ان موعد الانتخابات بعد اشهر وليس الان.ولكن هناك احتمال رصد للقدرة على تقطيع اوصال البلد عبر قطع الطرق في كل لبنان تحت عنوان مطلبي لنقابات عمالية وتلويح ايضا لمن يريد ان يفهم بذلك ايضا.ولذلك لا يبدو كل هذا السيناريو بريئا . اذ في الوقت الذي لا يبدو احد واثقا باجراء الانتخابات لا يبدو احد واثقا في المقابل بتطييرها لاقتناع غالب بان افرقاء السلطة لن يكونوا في هذا الوارد الا اذا تأكدوا سلفا من فشلهم المسبق فيها. وازاء الكباش بين فريق 8 آذار لا يبرز الافرقاء الاخرون ولا يظهرون في الصورة ربما لعدم القدرة على القيام بالكثير من اجل تغيير المسار الحالي في ظل اجندات يتصارع عليها افرقاء السلطة من هذا الفريق او في انتظار ان يواصل هؤلاء تكسير أحدهم الاخر واهتراء الجميع فيما ان لا وزن لاحد فعلا في الوقت الراهن ولا ارادة لأحداث خرق في هذه الدوامة القاتلة التي لا تسحق بالدرجة الأولى سوى اللبنانيين.
rosana.boumonsef@annahar.com.lb