الرئيسية / مقالات / ما هو الملفّ السرّي الذي حمله الحريري إلى بومبيو؟

ما هو الملفّ السرّي الذي حمله الحريري إلى بومبيو؟

ربما هي من المرات النادرة التي يزور فيها مسؤول لبناني واشنطن ويعود منها الى بيروت، من دون أن يخضع لـ”فحص دم” مدقق على يد “حزب الله” والتابعين له. وعلى رغم ظهور أصوات محسوبة على الحزب مشككة بالزيارة الاخيرة لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري للعاصمة الاميركية، فقد بدا واضحا ان الحزب كان هذه المرة أقل توترا في التعامل مع الزيارة، ما أوحى ان هناك مستجداً، فما هو؟

في معلومات لـ”النهار” من اوساط نيابية ان ملف العقوبات الاميركية كان حاضرا في المحادثات التي اجراها الرئيس الحريري مع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو. والى جانب القسم المعلن من هذا الملف، سواء على لسان الحريري او بومبيو، أفادت هذه الاوساط ان رئيس الحكومة طرح ما يجري تداوله من أسماء شخصيات رسمية سيجري إدراجها على لائحة العقوبات بتهمة التعامل مع “حزب الله” الذي تصنّفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية. ومن بين هذه الاسماء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل. وأشارت هذه الاوساط الى ان الحريري شرح للمسؤول الاميركي التداعيات السلبية التي سيفضي اليها قرار واشنطن إدراج اسم باسيل على لائحة العقوبات، ليس لناحية الضرر الذي سيلحق بهذا الوزير شخصيا فحسب، بل بعمل الحكومة التي يترأسها الحريري. وبحسب الاوساط نفسها، فإن الحريري أبدى قلقا بالغا على مصير الحكومة في حال وصول سيف العقوبات الاميركية الى وزير بارز جدا لصلته المباشرة برئيس الجمهورية ميشال عون، متسائلا عن كيفية المضي بعمل الحكومة في ظل الواقع الجديد الذي سيؤول اليه باسيل؟

عند هذا الحد، تنتهي معطيات الاوساط النيابية. وليس ثمة حاجة الى القول ان عدم صدور لائحة عقوبات اميركية جديدة بحق شخصيات لبنانية من خارج “حزب الله”، يرجح فرضية نجاح مسعى الحريري لدى واشنطن، أقله حتى الآن، علماً ان إدراج اسم مصرف “جمّال تراست بنك” على لائحة العقوبات كان له دويّ كبير في لبنان على كل المستويات، نظرا الى ان هذا المصرف هو الثاني بعد “البنك اللبناني الكندي” الذي أدرجته وزارة الخزانة الاميركية على لائحة العقوبات عام 2013. وإذا كانت هناك بضعة اعوام تفصل ما بين معاقبة “البنك اللبناني الكندي” وبين “جمّال تراست بنك”، فإن معلومات “النهار” من اوساط ديبلوماسية غربية تفيد ان واشنطن تستعد لإدراج اسم مؤسسة مالية صغيرة على لائحة العقوبات للاسباب التي أدت الى معاقبة المصرف الاخير. ما يعني ان الادارة الاميركية ماضية قدماً في تعقّب كل الجهات التي تتعامل مع “حزب الله” في شتى المجالات. وفي الوقت عينه، يقول خبراء إقتصاديون ان واشنطن تأخذ في الاعتبار هشاشة الواقع اللبناني عند اتخاذ أي إجراء عقابي بحق أي طرف داخلي، فتسعى الى إيجاد توازن ما بين أي قرار جديد، كما حصل مع “جمّال تراست بنك”، إذ أكدت من ناحية استمرار دعمها للاستقرار المالي والنقدي في لبنان عبر دعم المصرف المركزي والسياسات التي يطبّقها حاكمه رياض سلامة، فيما أكدت من ناحية اخرى ان الاجراءات العقابية مستمرة بحق كل الكيانات والاشخاص التابعين لـ”حزب الله” او المتعاونين معه.

بالعودة الى موضوع الوزير باسيل، من المهم الاشارة الى ان الاخير يستعد للقيام بجولة خارجية تنتهي في نيويورك في وقت لاحق من الشهر الجاري لكي يلتحق بالوفد الذي يترأسه الرئيس عون الى الامم المتحدة للمشاركة في اعمال الدورة السنوية للمنظمة الدولية. وتمثل هذه المناسبة تقليديا فرصة امام إجراء اتصالات مع جهات إقليمية ودولية لمتابعة الملفات ذات الاهتمام المشترك بين لبنان والعالم.

في سياق متصل، تفرّق اوساط رسمية بين العقوبات الاميركية التي طاولت في الاسابيع الماضية رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” التابعة للحزب النائب محمد رعد وعضو الكتلة النائب أمين شرّي والمسؤول الامني البارز وفيق صفا، وبين صدور عقوبات بحق أشخاص يمارسون مسؤوليات رسمية على غرار وزراء، منهم على سبيل المثال لا الحصر، وزير الصحة جميل جبق الذي ينتمي الى الكتلة الوزارية لـ”حزب الله”. ففي حين أبدى الحزب عدم اكتراثه بالعقوبات التي طاولت النائبين والمسؤول الامني، لا يبدو ان هذا الامر يمكن تحمّله على المستوى الحكومي.

ويرجح المراقبون ان تكون قضية العقوبات وراء الاستجابة السريعة لبيان السفارة الاميركية الذي طوى صفحة الاشتباك السياسي في شأن أحداث قبرشمون. وبدا واضحا ان العهد تصرّف إزاء هذا البيان على خلفية تدارك تدهور العلاقات مع واشنطن.

هل أصبح موضوع العقوبات بحق مسؤولين وراءنا؟ المتابعون لهذا الملف يتحدثون عن تأجيل وليس عن إلغاء، والبرهان في الزمن الآتي.

ahmad.ayash@annahar.com.lb

اضف رد