22-03-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”
“ست الحبايب”.
تعود فكرة #عيد الأم إلى الناشطة الأميركية #آنا غارفيس غرانتون في العام 1908 من القرن الماضي، إذ كانت تحاول تحقيق حلم والدتها وهو الاحتفال بجميع الأمهات.
في العام 1913 أعلن الرئيس الأميركي ودرو ولسون(1856-1924) عيد الأم الأول في يوم الأحد الثاني من شهر أيار من كل سنة. في بريطانيا يحتفل بالعيد في الأحد الأخير من شهر آذار. وفي الهند يستمر الاحتفال لعشرة أيام في تشرين الأول ويطلق عيله إسم “درجا برجا”. أما في منطقة الشرق الأوسط فظهرت فكرة عيد الأم للمرة الأولى في كتاب “أميركا الضاحكة” للصحافي المصري #مصطفى أمين(1914-1997) كاتبا عن ذكرياته طالبا في أميركا وعن احتفال الأميركيين بعيد الأم.
عاد مصطفى أمين ثانية إلى الموضوع في العام 1956 مقاربا فكرة مماثلة ليوم الأم في مصر. وفي 6 كانون الأول 1956 كتب علي أمين (1914-1976) (شقيقه التوأم) في عمود فكرة في “أخبار اليوم”: “لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة ونطلق عليه يوم الأم؟”. تحمست النساء وطلب علي أمين من القراء اختيار اليوم وأجمعت النساء على اختيار 21 آذار من كل سنة مع بدء فصل الربيع الذي تتفتح فيه الزهور والقلوب. ومنذ 67 عاما حتى اليوم لا يزال العيد قائما ولا يزال الربيع يهل مع الدعاء للأم بطول العمر والسعادة والأمان.
ولكن هناك أغنية رافقت العيد كالظل أو كالأيقونة هي أغنية “#ست الحبايب“.
ظهرت “ست الحبايب” 1958 (كلمات حسين السيد (1918-1983)، ألحان محمد عبد الوهاب(1898-1991) وغناء فايزة أحمد (1934-1983). هنالك قصة أثيرة لهذه الأغنية مفادها أنه في مساء 20 آذار 1958 ذهب الشاعر حسين السيد لزيارة والدته واكتشف عندما وصل إلى شقتها أنه نسي شراء هدية لها في المناسبة. جلس على السلم وأخرج ورقة وقلم وكتب كلمات جميلة رقيقة يعبر فيها عن حبه وتقديره لها.
كتب: “ست الحبايب يا حبيبة/ يا أغلى من روحي ودمي/ يا حنينة وكلك طيبة/ يا رب يخليكي يا أمي/ زمان سهرتي وتعبتي وشلتي من عمري ليالي/ ولسه برضه دلوقتي بتحملي الهم بدالي/ أنام وتسهري وتباتي تفكري/ وتصحي من الآذان وتيجي تشقري/ تعيشي لي يا حبيبتي ويدوم لي رضاكي/ … لو عشت طول عمري أوفي جمايلك الغالية عليي/ أجيب منين عمر يكفي/ وألاقي فين أغلى هدية/ نور عيني ومهجتي وحياتي ودنيتي/ لو ترضي تقبليهم دول هما هديتي/ يا رب يخليكي يا أمي يا ست الحبايب يا حبية وحبيبة”.
قدم الشاعر الكلمات لأمه التي قرأتها وبكت فرحا وتأثرا، وسألته: هل هذه الكلمات لها أم أنها أغنية من تأليفه؟ أجاب أنها لك وحدك، ولكن لو رغبت في أن تكون أغنية فسيكون ذلك خلال ساعات وبصوت أهم المطربات، فوافقت.
اتصل السيد فورا بالموسيقار محمد عبد الوهاب وروى له القصة وقرأ عليه الكلمات فوعد بتلحينها. في اليوم التالي اندهش السيد وهو يسمع الأغنية بصوت فايزة أحمد من الإذاعة المصرية. اتصل بعبد الوهاب مستفسرا عما حدث. فقال له مطرب الأجيال: “أعجبت بالكلمات ولحنتها خلال 15 دقيقة واتصلت بفايزة أحمد ودعوتها على الفور للتدريب على اللحن. كانت الأقدار ميسرة حفظت بسرعة وأدت البروفات بسلاسة ويسر حتى مطلع الفجر. وفي صباح 21 آذار (عيد الأم) كانت فايزة أحمد تسجل الأغنية وتنطلق لتسمعها حضرتك”.
بالفعل انطلقت الأغنية في سماء العالم العربي لتحفر إسمها في ذاكرة الجمهور وتصبح أيقونة عيد الأم وتضج بها كل الإذاعات والتلفزيونات.
لكن هذه القصة الشهيرة للأغنية بددتها الدكتورة حامدة حسين السيد إبنة الشاعر في كتابها “عاشق الروح” وفي مقابلتها مع منى الشاذلي في برنامج “معكم” (آذار 2018). قالت: “صحيح أن والدي كان ينادي أمه “ست الحبايب” لكنه لم يكتب الأغنية على السلم بل كتبها على التلفون إذا كان بيملي الأستاذ عبد الوهاب كوبليه ورا كوبليه، والأغنية كتبت في إطار الإستعداد لأول عيد أم في مصر حينما حول وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة (1921-2012) فكرة تدشين يوم الأم التي نادى بها الصحافي علي أمين وقال للأستاذ عبد الوهاب يا ريت الحفل يكون فيه أغنية نذيعها من ألحانك وعبد الوهاب رشح بالتالي حسين السيد لكتابة الكلمات. وهكذا كتب السيد الكلمات بسرعة ولحنها عبد الوهاب بسرعة أيضا وبقيا على التلفون لساعتين وأكثر يعملان على الأغنية. كانت سهلة في الكتابة رغم عظمتها لأنها خرجت من القلب. واحتفلت مصر بأول عيد للأم في عام 1958″.
هذه الأغنية غناها كثيرون منهم فايزة أحمد ومحمد عبد الوهاب وميادة الحناوي وفريد الأطرش وهاني شاكر وكاظم الساهر وشيرين ومحمد ثروت وجورج وسوف ووائل كفوري وعبد الهادي بالخياط وتامر حسني ووائل جسار وفايا يونان ودريد لحام وريهام ويارا ودنيا وناصيف زيتون وشهد برمدا ودينا وجاد نخلة وعبدالله بلخير وزينب حسن ومحمد عساف ورويدا عطية ومايا دياب ومي كساب وصفاء سلطان وجورج الراسي وصابرين وسارة الهاني وماريا قحطان وزينة عماد وروزا وبسملة كمال وزينب أسامة وماركو جمال وجورج خوري وجوزف عيسى وعمر اللباد وعبدالله الرويشد وغادة رجب وغيرهم. عدا الفرق الموسيقية والكورالية والمعاهد الفنية في مصر والعالم العربي.