الرئيسية / home slide / ما قاله هيل وما فهمه المسؤولون

ما قاله هيل وما فهمه المسؤولون

16-04-2021 | 00:06 المصدر: النهار

روزانا بومنصف

وكيل الخارجية الاميركية ديفيد هيل

 لا تعبر الترجمة العربية الرسمية لبيان وكيل الخارجية الاميركية ديفيد هيل كليا عن مدى الاصرار حول ضرورة تأليف الحكومة واجراء الاصلاحات كما عبر عنه البيان باللغة الانكليزية. قال هيل ما حرفيته”: حان الوقت لتأليف حكومة وليس عرقلتها. حان الوقت لتشكيل حكومة. حان الوقت للاصلاح الشامل”. بدا ذلك اكثر زخما من البيان بنسخته العربية فيما ان ما تضمنه كلامه اثار سؤالا مهما يطرح امام بعض الافرقاء ومفاده هل ان الموقف ازاء لبنان اختلف بين ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب وادارة الرئيس جو بايدن في ظل الرهان على تعليق البلد في انتظار المقاربة الاميركية الجديدة؟ استعانة الادارة الاميركية الجديدة بديفيد هيل الذي لا يتحسس منه فريق “الممانعة” مقدار تحسسه من سائرالزوار الديبلوماسيين الاميركيين من اجل ايصال رسائل من الخارجية الاميركية في عهد بايدن بحيث كرر هيل في البيانين اللذين تلاهما انه يزور لبنان بناء على طلب وزير الخارجية انتوني بلينكن لبحث الاوضاع السياسية والاقتصادية هي في حد ذاته رسالة متعمدة. ذلك انه لن يصعب على الافرقاء السياسيين فهم ان لا تغيير راهنا في المقاربة الاميركية من لبنان التي حملها هيل بنفسه. فيما ان مضمون ما قاله امام من التقاهم من المسؤولين وما اعلنه لا يعكس اي تغيير في هذه المقاربة ولا يجب ان يفهم انه سيكون هناك تغيير في المدى المنظور. فليس ان المقاربة تقلب صفحة في سياسة ترامب كما في اعادة بايدن العمل بسياسة اعادة المساعدات الاميركية لمنظمة الاونروا او بالتأكيد على حل الدولتين مثلا في مقابل صفقة القرن في الادارة السابقة على خلفية ان هذا الامر مشجع من حيث المبدأ.كما ان رهانات بنيت على ازالة الحوثيين عن قائمة العقوبات الاميركية فيما واصل هؤلاء اعمالهم العدائية ضد المملكة السعودية من دون رد فعل بعيد عن التأكيد على الجهد الاميركي بالحل السلمي. الا انه لم يكن يجب ان يتوقع ان يكون الموقف الاميركي الذي تم التعبير عنه مرتين متتاليتين في بيان مشترك بين الخارجية الاميركية والخارجية الفرنسية واللذين اكدا فيهما على ضرورة تأليف حكومة تجري الاصلاحات مختلفا في ما قاله هيل. فزيارته الوداعية تكمل مسار ما بدأته فرنسا ودعمتها واشنطن فيه اخيرا. يضاف الى ذلك اولا اعادة التاكيد على شرط وجود شريك لبناني يستحق تلقي الدعم الدولي الذي لا يزال الاستعداد له قائما. ثانيا اعادة استحضار اضطرار واشنطن الى اتخاذ اجراءات عقابية في حق المعرقلين الذين يغامرون بعلاقتهم مع الولايات المتحدة ومع شركائها كذلك. وهو ما ترجمته وفق مسؤولين معنيين ان مسألة رفع العقوبات عن مسؤولين اتخذت في حقهم عقوبات سابقا غير مطروحة راهنا بل على العكس من ذلك. وهذه رسالة مهمة في ظل رهانات او ضغوط تصب في اطار حض الادارة الاميركية الجديدة على العودة عن اجراءات اتخذتها الادارة السابقة. ثالثا الموقف من “حزب الله” باعتباره مانعا لاستعادة الدولة اللبنانية قدراتها وقرارها ومسؤولية ايران في هذا الاطار. وان يقول هيل ذلك من بعبدا لا يعفي الحزب من مسؤولية ما يجري على الصعيد الحكومي من عرقلة ولو من دون اتهامات صريحة على هذا الصعيد. وهذا الموقف يعكس تشدد الحزب الذي يتفاوت موقفه بين التسهيل احيانا ورفع السقوف احيانا اخرى بشروط للحكومة العتيدة ربطا بالمد والجزر او بما يعتبره ديبلوماسيون مفاوضات على الارض لا سيما بين اسرائيل وايران. رابعا ان المفاوضات الاميركية الايرانية لن تهمل سلوك ايران المزعزع للاستقرار تزامنا مع التأكيد على ان اميركا لن تتخلى عن اصدقائها وحلفائها في لبنان في اشارة طمأنة الى عدم نية واشنطن ان يكون لبنان ضحية او ثمنا على طاولة المفاوضات بناء على خشية افرقاء كثر على هذا الصعيد.وذلك علما ان هيل كان واضحا في اعتقاده ان ايران لن تتساهل في المفاوضات راهنا تجنبا لاتاحة فوز المعتدلين في الانتخابات الايرانية ما يجعل صعبا او مستحيلا على لبنان انتظار هذه المفاوضات. خامسا وهو الموضوع الذي اخذ ابعادا اضافية قبل ايام تحضيرا لزيارة هيل او على وقعها تمثل في الاشكالية حول تعديل المرسوم المتعلق بالحدود البحرية. فالنصيحة الاميركية بدت واضحة في كلام هيل عن ابداء الاستعداد لتسهيل المفاوضات “على الاسس التي بدأناها في هذه المحادثات” ما يتعارض كليا مع الاتجاه الجديد الذي ادخل فيه موضوع ترسيم الحدود في زواريب الحسابات الداخلية وتسجيل النقاط ما قد يهدد المفاوضات وحقوق لبنان من اساسها. فاظهر هيل معرفته بالسيناريو حول ترسيم الحدود لكن من دون ان يخفي عدم الاستعداد لشراء اي شيء اذا ثمة من يحاول ان يبيع الاميركيين موقفا ما وتأكيده ان اي تغيير في الخرائط سيسقط المفاوضات. وهو ما تلقفه رئيس الجمهورية ميشال عون الذي حصر لقاءه بهيل وفقا للبيان الذي صدر عنه بالتأكيد على تأمين “التوافق اللبناني” حول موضوع الحدود فيما كان لافتا المدة القصيرة جدا للقاء الذي حصل في بعبدا. تردد في الساعات الاخيرة ان الموفد الاميركي لمس مرونة ما في موقف عون ولكن من دون اتضاح اذا كان سيسهل تأليف الحكومة العتيدة بعيدا من مطالب تعجيزية او مرتفعة السقوف الضامنة لعدم امكان القبول بها،في ظل ما يأخذه كثر في الاعتبار من عدم تجاوبه مع زيارتين للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت على رغم ما لفرنسا على عون بالذات التي استقبلته مع عائلته لاعوام طويلة. وعلى رغم اهمية موضوع ترسيم الحدود والتدقيق الجنائي وسواهما من مواضيع فان المفتاح اليها جميعا هو وجود حكومة تنقذ البلد وتتيح للخارج التحدث مع لبنان حتى في مفاوضات اثبات حقوق بحرية او ما الى ذلك. فديفيد هيل التقى وفدا من التيار العوني لكنه يعرف بوجود تناقضات داخله ومن يقرر ليس من التقاهم كما يعلم وفق الذين التقاهم ان المسؤولية الكبرى على عون وجبران باسيل والحزب معهما. ولكن الرسائل المنتظرة وصلت ويبقى كيفية التجاوب معها في ظل رغبة لبنانية بابقاء الدعم الاميركي للمبادرة الفرنسية لا بل اظهار دعم اكبر لها في ظل غياب البدائل.   

rosana.boumonsef@annahar.com.lb