اخبار عاجلة
الرئيسية / home slide / ماذا يريد اللبنانيون…

ماذا يريد اللبنانيون…

29-01-2021 | 00:13 المصدر: النهار

مروان اسكندر

ماذا يريد اللبنانيون

 انتخاب ميشال عون لرئاسة الجمهورية استوجب تعليق الحياة السياسية سنتين من ايلول 2014  الى 2016، وقد تفاءل اللبنانيون بشعارات العهد: “بيّ الكل”، و”العهد القوي”… وبعد طول انتظار اعتبر اللبنانيون ان الشعارين كافيان للاطمئنان الى مستقبل لبنان وابنائهم. وبعد أربع سنوات واربعة اشهر على بداية العهد، ساد شعور ان رئيس الجمهورية يتصرف وكأنه لا يزال رئيس “التيار الوطني الحر”. أما التطورات على صعيد الانماء وتحريك الاقتصاد فلم تكن واعدة طوال السنوات الاربع، والفترة الاشد سوادًا كانت فترة تولّي حسان دياب رئاسة الحكومة، وتفجير المرفأ الذي جُمدت التحقيقات في شأنه. خلافات الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري والرئيس ميشال عون تتمحور على اصرار رئيس الجمهورية على تسمية ستة وزراء من المقربين اليه بحيث يملك القدرة على تجميد قرارات لمجلس الوزراء، لا تتناسب مع غيرته على مصلحة المسيحيين، والحقيقة الساطعة هي ان تمثيل المسيحيين على صعيد الانجاز مفقود وكذلك الامر بالنسبة الى غالبية اللبنانيين، وقد سقطت مقولة “بيّ الكل” و”لبنان القوي”. وبما ان رئيس الجمهورية يتمسك بمواقف “التيار الوطني الحر” وتصريحات رئيسه جبران باسيل، فلا بد إذاً من التعرض لهذه التصريحات بالذات. فهو يشدد على منطلقات معيّنة ولا نسمع اي مناقشة لتطلعاته من قِبل رئيس الجمهورية. المستشار الرئيسي النائب جبران باسيل يؤكد ان مساعيه تصب في مصلحة المسيحيين وتحسين مجالات التصرف الرئاسي من دون العودة الى مجلس الوزراء. واضافة الى ذلك هو يقول ان حكومة خبراء كالتي اقترحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لا تستطيع وقف الضرر الفادح في الاقتصاد والمجتمع، مع نجاح مساعي تأخير محاكمة مسؤولين مفترضين عن مأساة المرفأ، وليتهم يقرأون ما كتبه جد الكسندرا التي تصدرت صورتها الشاشات مرتفعة على كتفي والدها ممتشقةً العلم وفرحة بما كان يحدث، واذا بالجريمة تطاول هذه الطفلة الجميلة الحلوة. بالتأكيد جبران باسيل اشاح بوجهه عن الصورة وعن رسالة ذويها. ونعود الى تصريحاته وادعاءاته، وبداية نقول انه يفترض تمثيل المسيحيين، وللمطلب ذاته يصر الرئيس عون على حقه في اختيار ستة وزراء. وهنا نود التأكيد ان “التيار الوطني الحر” بمن تبقّى من قياداته لا يمثل المسيحيين للأسباب الآتية:”التيار” الذي يفترض انه يحوز الكتلة الوازنة في مجلس النواب، حيث نتج من انتخابات عام 2018 نجاح 18 مرشحًا على لوائحه. الواقع اليوم ان ستة نواب استقالوا من المجلس ومن “التيار”، ولم يتبقَّ ممن يمكن ان يصنَّفوا من اعضاء الحزب سوى 11 نائبًا بينهم ابرهيم كنعان، رئيس لجنة المال والموازنة، الذي نشر مقالين في “النهار” بيَّن فيهما ان العجز الاكبر في الانفاق وتجاوزه أرقام الموازنات المصادق عليها نتج من عجز “مؤسسة كهرباء لبنان” التي اشرف عليها مباشرة او مداورة جبران باسيل، والتي تسببت بخسارة 33.5 مليار دولار تبلغ مع فوائدها نسبة 65% من الدين العام، ولا تزال شؤون #الكهرباء مسؤولة عن القسم الاكبر من العجز الجاري، اضافة الى انخفاض العائدات بسبب الازمة المالية والاقتصادية. والى ابرهيم كنعان الذي لا يمكن اعتباره مساندًا لسياسات “التيار”، هنالك نائب آخر مبتعد عن نشاطات الحزب، وكل ما يتبقى لباسيل ربما تحريك اصوات تسعة نواب يمثلون اقل من 8% من نواب المجلس. حينما يتحدث باسيل عن العجز يؤكد انه نتيجة سياسات رفيق الحريري وعدم تمكينه من تنفيذ سياساته لتوسيع معامل انتاج الكهرباء وزيادتها وتحسين التوزيع والتحصيل، علمًا ان التحصيل واجراء اصلاحات على شبكة التوزيع استلزما من وزراء الطاقة المتعاقبين انجاز اتفاقات مع ثلاث شركات خاصة، منها شركة قامت بنشاط مفيد وهي اليوم تنتظر تسديد حساباتها عن عام 2020 وقد لا تستمر اذا تأخرت المدفوعات كما الاقراض. آخر مستجدات مأساة الكهرباء في لبنان اصرار جبران باسيل والوزير المكلف من قِبله وزارة الطاقة على انجاز معمل انتاج في سلعاتا وتملّك مساحات كبيرة بأسعار مرتفعة تحقق في حال الموافقة عليه ربحاً لأصحاب الارض المقربين من العهد لا يقل عن 200 مليون دولار. نكتفي بمثل واحد عن ادعاءات وزراء الطاقة منذ عشر سنين حتى تاريخه، وكانوا جميعًا من انتقاء باسيل. الوزيرة ندى البستاني لم تنتج سوى التصريحات الخاطئة. فهي على سبيل المثال اعتبرت ان عجز الكهرباء يعود الى ارتفاع اسعار النفط وتمنّع رئيس الوزراء ما بعد اغتيال رفيق الحريري، عن طرح اقتراح لزيادة التعرفة، وتقول ان هذا الموقف اسهم في زيادة العجز. بالتأكيد نعلم ان معلومات الوزيرة ناقصة وان التزامها توجهات الوزير باسيل كانت دومًا 100%. لقد اكد رئيس الوزراء فؤاد السنيورة انه اقترح على وزير الطاقة اندريه طابوريان مرافقته الى القاهرة للتعاقد على استيراد الغاز لمنافعه البيئية في توليد الكهرباء والوفورات المالية. وتعهد المصريون تأمين الغاز عبر شبكة الاتفاق الرباعي الذي انجز لاستيراد الغاز المصري ايام رفيق الحريري ما بين مصر والاردن وسوريا ولبنان. وعرض المصريون سعرًا مشجعًا كان يسمح بوفورات في الكلفة على مستوى 30%، فطلب الوزير طابوريان مهلة ليحصل على موافقة “التيار” وعاد ليقول انهم غير موافقين…وبعد ذلك تقول الوزيرة بستاني ان جمود التعرفة سببه معاونو الحريري. وبعيداً من الاستمرار في تبيان اخطاء سياسات العهد وتصرفات رئيس “التيار”، نود ان نعرض رأي الدكتور خالد قباني حول آلية تشكيل الحكومة في الدستور والملابسات، المنشور في “النهار” – صفحة القضايا في عدد السبت 23 كانون الثاني الجاري. ان من يعرف الدكتور قباني لا يستطيع الا ان يحترم آراءه القانونية، وهو اظهر قدراته ونزاهته حينما تولى منصبا وزاريا. وآراؤه التي الخصها في ما بعد تتوافق مع رأي المحامي حسان الرفاعي الذي يعدّ مرجعا في القانون الدستوري، والمنشور في “النهار” بتاريخ 26/1/2021، وهذان الخبيران المعترف بقدراتهما يشيران الى ان تأليف الحكومة يكون بالتشاور ما بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، لكنهما ينفيان بشكل قاطع حق الرئيس بتعيين ستة وزراء او حتى وزير واحد ولو اعتمادًا على مقولة المحافظة على حقوق المسيحيين. فرئيس الجمهورية هو المفوض اليه واقعيًا الحفاظ على مصالح اللبنانيين من دون الالتفات الى اي طائفة ومن دون تقديم لمصالح طائفة دونما نظر الى نسبتها الى مجموع اللبنانيين على طائفة لا يزيد عدد المنتمين اليها عن 5% من اللبنانيين. الخبيران الدستوريان يعتبران ان تقمص رئيس الجمهورية لدور رئيس “التيار الوطني الحر” امر يناقض المبادئ الدستورية والممارسات المنزهة في البلدان التي تعتمد نظاما برلمانيا، كما يفترض ان يكون الوضع منذ عام 1926 حينما انجزت النسخة الاولى من الدستور التي تعرضت لتغيير في النصوص في اتفاق الطائف، ومن ثم للانتقاص والتحريف واللاقانونية في ممارسات لا تزال معتمَدة.