23-01-2021 | 00:00 المصدر: النهار


رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع و الرئيس سعد الحريري
ربما يبدو طرح السؤال حول ماذا بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وبين الرئيس سعد الحريري، خارج التطورات التي يمرّ بها لبنان. فالبلاد في هذه المرحلة في مكان خارج هذا السؤال ظاهريا. لكن اوساطا على علاقات طيبة مع الجانبين ترى ان السؤال يكتسب طابع الضرورة حاليا، حيث يجب ان يعمل الرجلان جنبا الى جنب، بدلا من الابتعاد بعضهما عن بعض كما هي الحال اليوم. على مسافة ثلاثة اسابيع تقريبا من ذكرى 14 شباط التي توحّد فيها اللبنانيون عام 2005 بشكل نادر في تاريخهم، رداً على جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تظهر مفارقة مأسوية بعد مرور 16 عاما على الذكرى، وتتمثل بالتشرذم الهائل الذي فرّق صفوف مَن اعتبروا أنفسهم قادة ثورة الارز التي أطلقتها دماء الحريري. وفي رأي الاوساط المشار اليها ان هذا التشرذم لو ادى الى تحقيق اهداف هؤلاء القادة لجاز تبريره. لكن الواقع هو على نحو مغاير لما يشتهيه هؤلاء. فها هو اكبر رئيس كتلة نيابية في طائفته، أي الرئيس الحريري، لا يستطيع تأليف حكومة تمثل ثقله النيابي. وها هو رئيس حزب يملك تمثيلا مسيحيا كبيرا في البرلمان، أي الدكتور جعجع، خارج القدرة على الوصول الى رئاسة الجمهورية التي هي بلا شك هدف حقيقي له. إذا كان الزعيمان على هذا النحو من الضعف في تحقيق اهدافهما، فهل سيكونان أقوى في تفرّقهما الراهن، وسط مؤشرات تفيد ان رئيس حزب “القوات” يضع نصب عينيه توجيه الانتقاد باستمرار الى مَن يفترض انه حليف رئيسي له؟ في موقف سابق للزميل شارل جبور رئيس جهاز التواصل والاعلام في “القوات اللبنانية”، يصف الرئيس الحريري بأنه “رجل تسويات”، وان “تركيبته تحب التنازلات والمساومات”. لم يأتِ هذا الموقف من فراغ. فهو، بحسب الاوساط نفسها، ناجم عن جرح لم يندمل بعد بسبب ما انتهت اليه التسوية الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية عام 2016، وفتحت مسار علاقات ثنائية بين العهد والحريري على حساب “القوات اللبنانية” التي خرجت خاسرة تماما من “تفاهم معراب” الذي أخذ منه “التيار الوطني الحر” كل شيء وترك “القوات” خالية الوفاض. ربما تنطوي ملاحظة جبور بشأن وصف الحريري بأنه “رجل تسويات”، على حقائق. لكن في الوقت نفسه، وصلت الملاحظة الى نصف الطريق الذي ينطوي في نصفه التالي على توصيف جعجع بأنه “رجل الطموح الرئاسي”. وترى الاوساط الصديقة للجانبين ان زعيم “القوات اللبنانية” يراهن على مرحلة مقبلة يمكن هذا الطموح ان يصبح حقيقة. النصيحة التي تسديها الاوساط الصديقة لجعجع هي ان يعيد النظر في مقاربته للعلاقات بينه وبين الحريري أخذاً بالاعتبار ميزان قوى ليس في مصلحتهما اطلاقا. فبوصلة هذا الميزان تشير، حتى إشعار آخر، الى انه لمصلحة “حزب الله” الذي سيضيف الى مكاسبه استمرار هذا الانقسام بين مَن هم خصومه الطبيعيون. فهل يراجع هؤلاء الحسابات؟
ahmad.ayash@annahar.com.lb