يشي تعويم بعض الرموز المحسوبة على النظام السوري من جانب “التيار الوطني الحر” او حلفائه عبر التحالف الانتخابي وقبلا عبر النية في احداث تغيير في رئاسة المجلس النيابي استنادا الى التصعيد في المواقف الذي حصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل اشهر قليلة بان المرحلة المقبلة ستكون صعبة جدا على مستوى الاداء الرسمي. فالمشكلة بالنسبة الى رئيس الحكومة سعد الحريري ان ما قاله في شأن تشكيل بشار الاسد للوائح التي يتولاها “حزب الله” انما يحرجه بها ايضا حليفه الجديد “التيار الوطني الحر” بحيث لن يكون تأليف الحكومة المقبلة صعبا عليه في حال تسميته لرئاسة الحكومة فحسب في ظل الشروط والشروط المضادة بل في مجلس النواب ايضا وعمل اللجان النيابية. اذ ان التحالفات التي عقدها “التيار الوطني” في رأي مصادر سياسية في مناطق عدة اكانت من باب حسابات خاصة او من باب الضغوط الواقعية والتزامه علاقة جيدة مع النظام تماثل الى حد بعيد بعض الحقائب التي اوكلها الى بعض الاسماء في الحكومة الحالية واعتبرها كثر استفزازا مقصودا لشخص الحريري بالذات ولفريق 14 آذار بحيث اخذ على الحريري عدم رفضها او عدم ادراج بند يتصل بتجنب مثل هذه الاستفزازات في التسوية السياسية التي ادت الى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون. واستحضار الرئيس السوري الى الانتخابات النيابية ليس عبثيا او من اجل التجييش على رغم ان غالبية عناوين الحملات الانتخابية غير سياسية. اذ قد تكون من المرات النادرة التي تغيب فيها عناوين كبيرة حفلت بها الانتخابات خلال الاعوام الماضية بعد الحرب وحتى بعد الانسحاب السوري من لبنان اي المتعلقة بالدفاع عن السيادة من جهة والمقاومة من جهة اخرى وهو الامر الذي كان لافتا في الخطاب الذي القاه اخيرا الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي ركز على القضايا الاجتماعية والحياتية من منطلق ان “المقاومة” لم تعد العنوان الذي يشد العصب او الذي يمكن بيعه في ظل وضع اقتصادي يعيشه لبنان. وينسحب الامر نفسه بالنسبة الى الافرقاء المسيحيين حتى لو ان هناك كلاما استفزازيا هو لتدعيم النفوذ وتركيز السلطة في ايدي افرقاء معينين او تدعيما لمنطق حصر السلاح في يد الدولة ومنعه من “حزب الله”. لكن المؤشرات التي ظهرت حتى الان في الانتخابات النيابية تحمل دلالات كبيرة وستترجمها في المرحلة المقبلة بعد الانتخابات حتى لو قيل ان مفاعيل التسوية الكبرى تبقى قائمة على صعيد التحالفات التي عقدت لان التفاصيل قد تجوفها وتفرغها من مضمونها. اذ يحض سياسيون كثر على الانتباه ليس الى ترجمة نتائج الانتخابات المعروفة سلفا الى حد بعيد فحسب بل الى امكان تشكيل الحكومة في ظل المعطيات الخارجية المتمثلة بتدعيم الادارة الاميركية سياستها الخارجية بصقور متشددين ضد ايران في ظل موعد محدد لاتخاذ هذه الادارة موقفا من الاتفاق النووي لجهة تشديده او الغائه هو منتصف ايار المقبل. وهو امر ليس بالقليل لرغبة ايران في الرد والتشدد عبر الساحات التي تتمتع بنفوذ كبير فيها من اجل تسييل انتصاراتها من جهة وتثبيت نفوذها ما يمكن ان يشمل لبنان تماما كما يشمل العراق في انتخاباته وبعدها ايضا. ومع ان لا اهمية كبرى يوليها سياسيون كثر لنظام الاسد على قاعدة انه وان استعاد مناطق جديدة بمساعدة روسيا وايران فان لا سيطرة له على سوريا الموزعة والمقسمة بين مجموعة قوى فان ثمة محاولة اعادة اعتبار له عبر لبنان بواسطة الحزب تأكيدا لتثبيت سيطرته او استعادتها او حتى باعتماده ذريعة يستفيد منها الحزب وحلفاء له كون الاخير اصبح مقررا في سوريا وليس العكس. ولكن هذا يعني ان المعطيات الداخلية لن تساعد على الارجح. وبالنسبة الى السياسيين انفسهم فلم يغب عنهم ان السيد نصرالله قدم ملاحظات على المؤتمرات الخارجية من اجل لبنان علما ان مضمونها عرض للمناقشة على طاولة مجلس الوزراء. وهو ما يثير التساؤلات عما اذا كانت المؤتمرات ستواجه مصير المؤتمرات التي امن الرئيس الراحل رفيق الحريري انعقادها في باريس وتم تفريغها من مضمونها لاعتبارات متعددة من ضمنها الحملات المماثلة التي بدأ اللبنانيون يشهدون تصاعدها في ظل الحملات الانتخابية وهي مشابهة لتلك التي سبقت او لحقت مؤتمرات باريس سابقا. ففي هذه الحملات الشيء الكثير ايضا من التجاذب الاقليمي على وقع عودة المملكة السعودية والدول الخليجية في مقاربة مختلفة للوضع في لبنان والذي لا ينفصل عن مساعي مساعدة لبنان عبر المؤتمرات فيما تشعر ايران باستهدافها فيها واستهداف نفوذها و”حزب الله” والتضييق على الاخير. فالعوامل الاقليمية لا تغيب علما ان الحزب يستحضر بين وقت وآخر سياسيا واعلاميا ما يعتبره تدخلا سعوديا في الانتخابات النيابية خصوصا مع سحب عدد من الرموز السنة ترشيحاتهم او ايضا سعي المملكة الى دعم خرق لوائح الحزب في بعض المناطق. ومع ان ذلك يعتبر من عدة الشغل في التجييش للانتخابات فان العامل الاقليمي يظللها في الواقع وسيظلل نتائجها وترجمة هذه النتائج لاحقا.
rosana.boumonsef@annahar.com.lb