- روزيت فاضل
- المصدر: “النهار”
- 26 شباط 2019 | 19:04

في الزمن الجميل الماضي، لمع اسم سلوى نصار (1913-1967)، أول عالمة في الفيزياء والذرة الكونية في لبنان والمنطقة العربية. ذكرت نجلا عقراوي في كتاب بعنوان “سلوى نصار كما عرفتها” الصادر عن معهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة اللبنانية الأميركية (ص 99) وفي فقرة خاصة بالمجلس ذكر فيها أنه “في أواسط الخمسينات، قامت سلوى نصار بمبادرة علمية وطنية كان لها أكبر الأثر في مستقبل لبنان العلمي، وذلك يوم ألقت محاضرة في الجامعة الأميركية عن بيروت “من البحث العلمي في الصناعة والإنشاء”… ويلفت المصدر نفسه إلى أنه “في نهاية المحاضرة، أطلقت سلوى فكرة إنشاء المجلس الوطني للبحوث العلمية، ورسمت خطة شاملة مع بعض التفاصيل لتظيمه وتنفيذه”.

تنصيب سلوى نصار رئيسة كلية بيروت الجامعية عام 1966.
مدام كوري
سلوى نصار هي ابنة ضهور الشوير. في العام 1939، دفعها طموحها الى نيل ماجستير في الفيزياء من كلية النساء “سميت” في ولاية ماساتشوستس بأميركا، تلاها تحصيل شهادة دكتوراه في الإشعاع الكوني من جامعة “بركلي” في كاليفورنيا.
يذكر أن الجزء الثاني من كتاب “المرأة في ذاكرة الزمن” لنجاة مرسي كشف أن نصار كانت تلقب “بمدام كوري” مع فارق واضح أنها لم تبنِ ثروة من بحوثها. فقد اكتفت بأن تدون في وصيتها رغبتها في توزيع مالها على المحتاجين.
وأضاف المصدر نفسه أنها لم تجذبها العروض المغرية للتدريس في الجامعة الأميركية، بل اختارت أن تعود إلى مقاعد دراستها في الكلية الأولى “الجونيور كولدج” للتعاون مع رئيسها في إنشاء أول دائرة للفيزياء والعلوم. شعرت بميل إلى السفر للتعمق في علمها، فتوجهت عام 1949 الى فرنسا لمتابعة بحوثها في معهد “بولي تكنيك”، إلى أن قررت الانتقال الى جامعة “برستول” في لندن. أما مسك الختام، فكان انتسابها إلى كل من جامعتيّ “ميشيغن” و “آن آربور” لتعطي موادّ خاصة عن آخر ما توصل اليه العلماء في علم “الإشعاع الكوني”.
وسلط المصدر نفسه الضوء على أنها في لبنان، تبوأت مهام رئاسة قسم الفيزياء في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1965، ثم انتخبت رئيسة لكلية البنات الجامعية في لبنان. واللافت أن بحوثها صدرت في العام 1967 في كتب لتدريس مادة الفيزياء في الجامعة الأميركية في بيروت.

سلوى نصار مع أخواتها الثلاث عام 1926، طالبة في ثانوية الشوير.
يصفها المقربون منها، ولاسيما الأستاذة روز غريب، التي جمعت بينهما علاقة مودة وإحترام متبادل …وقالت:” كانت تمتاز برغبة آكلة في المعرفة، ذهنها دائم الحركة، كرغبتها في العلم ورغبتها في مساعدة الآخرين … هواياتها كثيرة، زرتها مرة في شقتها في بيروت، فوجدتها منهمكة بسقي الازهار التي زرعتها في الشرفة، أرتني مجموعة من الاسطوانات التي جمعتها والتي كانت تؤنسها في ساعات الانفراد..”.
بين الآمال والعراقيل

وتوالت محاضرات سلوى، وفقاً لما ذكرته عقراوي في كتابها (ص -100) ومما قالته:”… في الثاني عشر من شهر كانون الثاني 1955، القت سلوى محاضرة في الندوة اللبنانية موضوعها ” الطاقة الذرية”، نشرت في محاضرات الندوة، في كانون الثاني 1956. تحدثت فيها عن مؤتمر جنيف لاستخدام الذرة والطاقة النووية للشؤون السلمية، ووجهت في آخر المحاضرة دعوة لإنشاء المجلس الوطني للبحوث العلمية، على ان يكون مسؤولاً لدى رئاسة الجمهورية مباشرة، ويوكل إليه القيام بما يأتي: أولاً، إحصاء شامل لإمكاناتنا العلمية على صعيد الاختصاصيين الموجودين في لبنان والغائبين الذين يتوقون إلى العودة في ما لو توفرت لهم ظروف العمل والجو العلمي المنتج، ثانياً، وضع تصميم بعيد المدى لاختيار الراغبين وذوي الاستعدادات العقلية للتخصص، ثالثاً، إنشاء معهد للبحوث العلمية الصرفة بما فيها العلوم النووية، يكون مركزاً للإنتاج في العلوم الطبيعية والتدريب في أساليب البحث العلمي…”وتوالت المراسلات بينها وبين سفير لبنان في الولايات المتحدة حول أهمية تنفيذ هذا المشروع وإيجاد دعم مالي له”.سلوى رئيسة قسم الفيزياء في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1952.
اول امرأة في عضوية المجلس
خصت مجلة “الرائدة” الصادرة عن المعهد في عددها 80 -81 سلوى نصار بقسم خاص عن الجهود التي بذلتها لتأسيس المجلس الوطني للبحوث العلمية، ولاسيما أنه “قبل تركها لبنان في ربيع 1961، اتصلت سلوى ثانية برئيس الجمهورية وتركت بين يديه مخططاً عاماً لتنفيذ مشروع المجلس الوطني للبحوث العلمية ضمنته بعض التفاصيل والاقتراحات للتنظيم والتمويل كما وردت في محاضراتها المنشورة…”.
بورتريه لنصار.
واللافت أنه “عند عودتها من الولايات المتحدة في أيلول 1961، وجدت أن الحكومة اللبنانية تبنت الاقتراح وطلبت من منظمة الأونيسكو وضع الدستور وخطة العمل لإنشاء المجلس..”. وهكذا، نجحت بعد مساع حثيثة استمرت 10 أعوام في الوصول إلى خاتمة سعيدة تمثلت بصدور مرسوم جمهوري بتأسيس المجلس الوطني للبحوث العلمية، وأصبحت سلوى عضواً عاملاً في لجنة العلوم الأساسية.
وفي العودة الى مضمون كتاب عقراوي (ص 105)، فقد نقل الأستاذ يوسف نجار في مقابلة أجراها رئيس مجلس إدارة المجلس الوطني للبحوث العلمية أن الدكتورة سلوى نصار عضو في المجلس منذ تأسيسه، كانت تشترك في اجتماعات مجلس الإدارة. وقال: “فقد كان المجلس الوطني يوفد الدكتورة نصار لتمثيل لبنان في المؤتمرات الدولية التي تنظمها المؤسسة”.
rosette.fadel@annahar.com.lb
Twitter:@rosettefadel
* الصور من كتاب “سلوى نصار كما عرفتها” لنجلا عقراوي، الصادر عن معهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة اللبنانية الأميركية. ا