اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / ليس ميشال عون من يخشى الفراغ الأزمة مرشحة للتمدد إلى حزيران وفي الأفق تمديد

ليس ميشال عون من يخشى الفراغ الأزمة مرشحة للتمدد إلى حزيران وفي الأفق تمديد

ايلي الحاج
2 شباط 2017
النهار

يريد بعض من يتعاملون مع الرئيس ميشال عون في 2017 تناسي أنه الرجل الذي عَبَر في الفراغ سابقاً مرارا وملأه بشخصه أو تركه متمادياً حتى يعود هو إلى ملئه. لم يتهيّب فراغ الكرسي الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل في أيلول 1988 ولا فراغ نصف مقاعد حكومة العسكريين المصغرة التي ترأسها على الأثر، ولا فراغ مجلس نواب حلّه بمرسوم في 4 تشرين الثاني 1989 وكانت صلاحيات رئيس الجمهورية المنتقلة إليه قبل “اتفاق الطائف” تسمح. ولا ظهرت عليه خشية بعد 18 عاماً من فراغ في رئاسة الجمهورية امتد 8 أشهر بعدما غادر الرئيس إميل لحود القصر بلا خليفة، ليتكرر المشهد نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان في 24 أيار ويتمادى، حتى رضخ الجميع للأمر الواقع وانتخبوه رئيساً بعد سنتين ونحو 7 أشهر في جلسة 31 تشرين الأول 2016 التاريخية. قبل عهد أمين الجميّل وضع عون بناءً على طلب الرئيس بشير الجميّل أيام كان قائد “القوات اللبنانية” مطلع الثمانينيات أكثر من خطة لإيصاله إلى رئاسة الجمهورية، لا تمرّ إحداها بانتخابه في مجلس النواب على ما يروي الإعلامي والباحث الفرنسي آلان مينارغ في كتابه الموثّق “أسرار حرب لبنان”.

كل محطة من هذه المحطات جديرة بتذكير سياسيين يراهنون على تغيير طرأ على نظرة الرئيس عون لمجرد جلوسه على كرسي الرئاسة بأنهم يرتكبون خطأ فادحاً. لن يسجل رئيس الجمهورية ميشال عون على نفسه القبول ببقاء قانون الستين وإجراء انتخابات نيابية على أساسه، وكما لن يوقّع مرسوم تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات قبل انتهاء مهلة 21 شباط الجاري، كذلك لن يوقع قانون تمديد لولاية مجلس النواب قبل انتهاء ولايته الممددة في 21 حزيران المقبل، على ما يؤكد قريبون من رئيس العهد سراً وعلناً.إنه رجل لا ينفع تخويفه من فراغ، إن في الرئاسة أم في السلطة الإشتراعية أو التنفيذية.
وبعد سقوط خيار “القانون المختلط”، تحت نيران “فقدان المعيار الموحّد”، قد تكون “القوات اللبنانية”- ولا سيما رئيسها سمير جعجع- وحدها تحافظ على قدرٍ من تفاؤل بإمكان إبقائه الخيار الوحيد مع إدخال تعديلات و”رتوش” على خريطة توزيع المقاعد التي يُنتخَب شاغلوها بين نسبي وأكثري، فيزيد عدد النواب “الأكثريين” في الشوف وعاليه إرضاء لرئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، وتخضع مقاعد المتنين الشمالي والجنوبي لعملية خلط بين النظامين لإرضاء أكبر فئة ممكنة من الأطراف السياسيين. أما بقية الأحزاب والقوى فتجمع على أن قانون “المختلط” لفظ أنفاسه بفعل الموجة العالية والعارمة ضده. لم يعد بعده من خيار إلا اعتماد قانون “النسبية” على أساس 13 دائرة أو 15. قانون يعارضه بشدة جنبلاط وحزبه التقدمي الإشتراكي ويستطيع وحده إسقاطه تحت راية الميثاقية، ولا ينفع مع جنبلاط تلويح بتحريك الشارع، فهو قادر ومستعد لتحريك شارع مقابل ضده، ومعه “تيار المستقبل” الذي يعتبر النسبية محاولة واضحة لتقليص تمثيله، ليس مسيحياً فحسب بل في الساحة السُنّية أيضاً.
سيحتدم الكباش السياسي إذاً في حال عدم التوصل إلى حل وسط، خصوصاً عند حلول منتصف حزيران قبل أسبوع من انتهاء الولاية. ويؤكد سياسي مخضرم لـ”النهار” أن الرئيس نبيه بري سيتمكن من جمع العدد الكافي من النواب حتى لو قاطع الجلسة 35 نائباً مسيحياً، هم مجموع نواب “التيار العوني” و”القوات” والكتائب، وسيقر البرلمان تمديداً قسرياً آخر لولايته لمدة 4 أشهر أو 6 على أمل التوصل في الوقت الإضافي إلى اتفاق على القانون. عند هذه النقطة تتقاطع آراء أكثر من سياسي أكدوا لـ”النهار” أن الفراغ في مجلس النواب لا يمكن الخروج منه إلا بتشكيل هيئة تأسيسية أو العودة إلى “قانون الستين”، لأن مجلس الوزراء لا يمكنه الدعوة إلى انتخابات إلا على أساس القانون القائم إذا لم يكن البرلمان موجوداً كي يشرّع ويقر قانوناً جديداً.
أما في حال رفض رئيس الجمهورية توقيع التمديد القسري على ما هو مرجّح، فسيلجأ الرئيس بري إلى التصويت عليه مجدداً وإقراره بالنصف زائد واحد. وثمة دستوريون يرون أن التمديد يقع تلقائياً إذا لم يُنتخب برلمان جديد . إنما هذه مسائل تقنية قانونية واجتهادات لا تحجب وجه أزمة عميقة يُقبل عليها المسؤولون والسياسيون اللبنانيون. ولعلّ من الأسئلة البارزة التي ستغطي المرحلة تلك، هل مسموح تحت عباءة تحالف عون – “حزب الله” تهديد الموقع الأعلى الذي يتولاه مسؤول شيعي في الدولة اللبنانية؟ هل توصل الرئيس عون وفريقه وحليفتهم “القوات اللبنانية” إلى رؤية أو تصوّر ما مشترك لما بعد الفراغ في مجلس النواب ولم يطلعوا الآخرين عليها، تاركينهم نهب القلق: “وهلق لوين؟”.

اضف رد